وفق الإحصائيات الصادرة عن “نقابة لا للسجن-لا للإعدام”، كان للشعب الأحوازي حصة الأسد في إعدامات النشطاء الوطنيين لعام 2021، حيث كان نصيبها بنسب55.55 في المئة من إجمالي الإعدامات للنشطاء السياسيين في جغرافية إيران الحالية. وجدير بالذكر أن هناك قائمة أخرى من الأسرى في سجون الأحواز ينتظرون تنفيذ الإعدام.
ولقد تعامل النظام الإيراني مع هؤلاء الشهداء فترة أسرهم بوحشية وقساوة من التعذيب الجسدي والنفسي لا يمكن لأحد تصوره. على سبيل المثال في طيلة 5 سنوات من أسرهم كان الشهداء ناصر الخفاجي، وحسين السيلاوي الملقب ب”رائد” وعلي الخسرجي محرومون من أخذ محامي للدفاع، كما أن الخفاجي كانت العقوبة به أقسى، لأنه كان عسكريا ولقد قضى كل السنوات الخمس من أسره في زنزانة منفردة، سواء في الفترة التي كان في معتقل الحرس، وأيضا بعد ما تم نقله إلى سجن”سبيدار”، فإنه لم يلتقي بأي شخص على الاطلاق، إلا الدقائق القليلة قبل التنفيذ، والتي سمحوا له فيها بزيارة أحد أفراد أسرته.
كما حرموا هؤلاء الشهداء الثلاثة، من أبسط الحقوق الإنسانية في داخل السجن خلال السنوات الخمس، فحرموا من أي إتصال بأسرهم، وكذلك من تخصيص بطاقة مصرفية، كي لا يتسنى لهم استلام أي مبلغ من ذويهم لشراء احتياجاتهم داخل السجن، وللعلم أن الطعام الذي يقدمه السجن للأسرى غير صالح للأكل ورديء الجودة، لذلك يضطر الأسرى أن يشتروا جميع ما يحتاجونه من مواد غذائية، وملابس، وجميع الأدوات الصحية، والمستلزمات من حانوت السجن.
أيضا عانى الشهيدين “حسين وعلي” من مشاكل صحية شديدة الوقع، لأن اعتقالهما تم بعد إصابتهما بالرصاص الحي، وقد أصيبوا بجروح بالغة. فمثلا أصيب رائد بما يقارب 17 طلقة في بطنه، وبقى حيا بطريقة تشبه المعجزة، وخضع لعملية جراحية في مستشفى الحرس، وتحت المراقبة المشددة ومن ثم تم نقله إلى الزنزانة المنفردة؛ ليبدؤوا بالتحقيق معه. وكذلك أصيب علي بمرفق يده اليمنى، وخضع لعملية أدت إلى شل يده، فتعطلت من الحركة. وفي مثل هذه الظروف كانت إدارة السجن بين الحين والآخر تنقلهم إلى زنزانة السجن الانفرادية؛ خشية تأثيرهم على باقي الأسرى. وأما وضع زنزانة السجن فهو مزري ومتدهور للغاية، حيث لا توجد أي بطانية، او مخدة، او سجاد للجلوس، فيضطر الأسير أن ينام على الأرض دون أي وسادة، وكذلك يوجد دلوا للماء؛ فيضعون فيه الماء غير الصالح للشرب، فعلى الأسير أن يستخدمه للشرب، وللغسل، ولتنظيف نفسه بعد الذهاب لدورة المياه، كما تنتشر فيه الروائح النتنة، حيث لا يصل للزنزانة أي نور من الخارج.
ولكن كل هذه الظروف الصعبة لم تزدهم إلا ايمانا وصلابة، فلقد كانوا يتحلون بالصبر، والإيمان، فكانت البشاشة لا تفارغ وجوههم لحظة. فكان حسين بأسلوبه الأدبي الفريد، وشاعريته، ومهارته الخطابية المميزة، يتواصل مع الأسرى، ويرسخ في قلوبهم الإيمان والثبات.
أما الشهيد الآخر فهو جاسم كويت الحيدري، الذي تم أسره عام 2017، وبعد 4 أعوام من تعرضه للتعذيب، ونقله بين فترة وأخرى الى الزنزانة المنفردة، لم يفلحوا من النيل من إيمانه. فبقى جاسم شابا مؤمنا، وخلوقا وقارئا جيدا للقرآن الكريم.
حتى تم تنفيذ حكم الإعدام به، بمعية الشهداء الأبطال الثلاثة، في تاريخ 2مارس/آذار2021, أما جثمانهم فلم تسلمها الحكومة لذويهم.
أما الشهيد الخامس كان علي مطيري، والذي تم أسره في عام 2018 أيضا، و هو الآخر تعرض للتعذيب، وسوء المعاملة من قبل مسؤولي السجن، وتم إعدامه في تاريخ 29 يناير/كانون الثاني 2021.
المجد، والخلود، لهؤلاء الشهداء الأبرار. وجعل الله الفردوس الأعلى مثواهم.