التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز يصدر بياناً يندد فيه بقتل الشابة الكردية مهسا أميني
بيان التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز بمناسبة الاحتجاجات في جغرافية إيران السياسية على خلفية اغتيال الشابة الكردية جينا(مهسا) أميني في سجن طهران على يد القوات الأمنية الإيرانية
لقد قتل النظام المجرم في طهران الشابة الكردية جينا (مهسا) أميني في السادس عشر من أيلول/سبتمبر 2022 في أحد سجون طهران بعد أن تم اعتقالها وتعذيبها.
إننا في التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز إذ نستنكر ونُدين هذه الجريمة البشعة، نتقدم بالتعازي الحارة إلى أسرة الفقيدة وإلى عوائل كل ضحايا هذا النظام الإرهابي خاصة عوائل ضحايا الشعوب غير الفارسية. ونطلب من المجتمع الدولي أن يعاقب النظام الإيراني على جرائمه ويضغط عليه لفتح المجال للجنة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في هذه الجريمة وفي كل الجرائم السابقة التي ارتكبها هذا النظام.
إنّ هذه الجريمة لم تكن الأولى ولا الأخيرة من نوعها التي يرتكبها النظام المجرم في طهران بحق الأبرياء العُزّل، بل الأربعون سنة الماضية تكشف عن جرائم مستمرة بحق الشعوب داخل إيران، وشعبنا الأحوازي كان وما زال من أكثر المتضررين من إجرام هذا النظام. فقبل تسعة أيام من اغتيال الشابة الكردية توفي المواطن الأحوازي كريم البريهي في سجن الأحواز بعد أن تم إطلاق الرصاص عليه من قبل القوات الأمنية الإيرانية في أحد شوارع مدينة الأحواز.
ولم تسلم شريحة من شرائح المجتمع من بطش النظام وظلمه، وإنّ النساء من أكثر الفئات المتضررة من هذا النظام الكهنوتي الجاثم على صدور الشعوب، خاصة إن كانت المرأة تنتمي إلى الشعوب الغير فارسية فيكون الظلم عليها مضاعفاً. وصَدَقَ من وصف هذا النظام بـ “النظام القاتل للمرأة”. فهذا النظام قد شرّع لقتل المرأة واضطهادها، وحطّ من مكانتها إلى أسفل المستويات، وفتح الباب مُشرعاً على مصراعيه أمام جلاوزته لاحتجاز النساء في الشوارع وزجهنّ في السجون وتعذيبهنّ وقتلهنّ. فما “جينا أميني” إلاّ واحدة من آلاف الضحايا التي تم الكشف عنها، وإنّ ما يحدث بعيداً عن الأنظار فهو أعظم.
إنّ هوية هذا النظام ووجوده مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالظلم والبطش والقتل والاضطهاد، ويداه ملطّختان بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء. لم يمر يوم علينا إلاّ ونسمع عن جريمة ترتكب بحق مواطن بريء، أو انتهاك لحقوق مواطن آخر، أو بطش للشرائح المختلفة من المجتمع، أو اضطهاد لفئة من فئات المجتمع، أو ظلم بحق هذا الشعب أو ذاك، ناهيك عن زعزعة أمن واستقرار دول الجوار، ودعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في المنطقة.
بات النظام الإيراني لم يعر أي اهتمام لمطالب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية التي تطالبه باحترام المواثيق الدولية. وصار يتصدر قائمة الأنظمة المجرمة في العالم. وأصبح الإنسان في الجغرافية السياسية الإيرانية يبحث عن وسيلة ليعلن للعالم عن رفضه لهذا النظام المجرم ويطالب بحقوقه. فنراه يرفع شعار الإطاحة بالنظام بعد ارتفاع أسعار الوقود، ورأينا كيف طالب شعبنا الأحوازي بحقوقه القومية في كل مناسبة وفي احتجاجاته وانتفاضاته الأخيرة، وهكذا فعل الشعب الأذربيجاني والشعب البلوشي، والشعب التركماني، والأكراد اتخذوا نفس النهج. وكذلك سكّان المدن المركزية لم يتأخروا عن المطالبة بالإطاحة بالنظام كلّما سنحت لهم الفرصة.
وبعد اغتيال هذه الفتاة التي لا يتجاوز عمرها الثانية والعشرين ربيعاً، سادت حالة من الغضب الشديد في مناطق الشعوب الغير فارسية وخرج الناس إلى الشوارع منددين بهذه الجريمة النكراء. وأخذت رقعة الاحتجاجات والمظاهرات تتزايد إلى أن وصلت إلى المدن الإيرانية الكبرى مثل طهران، ومشهد واصفهان.
ومثل سابقاتها ردد المتظاهرون شعارات عبّروا فيها عن مطالبهم الحقة، فالشعوب غير الفارسية طالبوا بحقوقهم القومية إلى جانب شعاراتهم ضد النظام برمته ووصفوه بالدكتاتوري.
أنّ هذه الاحتجاجات دليل واضح على أنّ الشارع تسوده حالة من الغضب والامتعاض وأنّ هذا النظام فقد شرعيته، والدليل الآخر أنّ الشعوب الغير فارسية والفئات المتضررة من النظام ترى نفسها في خندق واحد في نضالها ضد هذا النظام المجرم، لذلك وصلت إلى قناعة جماعية بضرورة إسناد ودعم بعضها للبعض. وكذلك لتكون فرصة مهيأة ووسيلة لإبداء رأيها والمطالبة بحقوقها القومية. وكما تحمل هذه الاحتجاجات في طياتها رسائل إلى المجتمع الدولي على ضرورة الاستماع إلى أصوات المحتجّين، وأخذ مطالباتهم بعين الاعتبار.
يا أبناء شعبنا الأحوازي،
لقد كان لشعبنا الأحوازي في الآونة الأخيرة الدور الريادي في نسبة المظاهرات والاحتجاجات في مناسبات مختلفة، والانتفاضات المستمرة في هذه الفترة دليل واضح على هذه الحقيقة التي يشهد لها كل المتابعين لشأن الشعوب الغير فارسية في إيران.
ودخل نضال شعبنا في العقدين الماضيين خاصة بعد انتفاضة الخامس عشر من نيسان 2005 مرحلة استراتيجية ومنعطفاً تاريخياً في نضاله للمطالبة بحقوقه. وقد بدأ في الأحواز عصر جديد من الكفاح والنضال مبني على أسس الكفاح المدني. وأثبت شعبنا جدارته وتصدره على قائمة الشعوب المنتفضة في المنطقة نظراً لعدد الانتفاضات ونوعيتها التي خاضها منذ تلك الفترة إلى يومنا هذا. وإن دلّ هذا على شيء إنّما يدلّ على ارتفاع الوعي الجماعي لدى شعبنا بضرورة خوض نوع جديد من المقاومة الجماهيرية التي لا تستثني فئة ولا شريحة من شرائح المجتمع الأحوازي. ولقد وضع شعبنا نصب عينيه في نضاله الجديد المكونات الأساسية له متمثلة بالإنسان، والأرض، والهوية العربية للأحواز أرضاً وشعباً، من خلال الشعارات والهتافات التي يرددها، واللّافتات التي يرفعها، والبيانيات التي يصدرها.
وهذه المكانة لم تغب عن أعين سائر الشعوب غير الفارسية في جغرافية إيران السياسية، حيث أشاد الجميع بمدى وعي شعبنا وحيويته واستمراريته في نضاله.
أيها الأخوة والأخوات،
يتابع العالم عن كثب الاحتجاجات والمظاهرات في جغرافية إيران السياسية في الأيام الأخيرة . إنّ ما يحدث الآن من مظاهرات واحتجاجات في الأقاليم المختلفة، يحتّم على شعبنا أن يكون له حضور بارز في الساحة، لاعتبارات استراتيجية فيما يلي نذكر بعضاً منها:
-
إنّ شعبنا هو من أكثر الشعوب المتضررة ومن أبرز ضحايا النظام الإيراني المجرم، ومن المهم جداً أن يستغل شعبنا كلّ فرصة لإبداء رأيه والإعلان عن هويته العربية، وبيان مظلوميته للعالم، ولرفع صوته عالياً بمطالباته وحقوقه المسلوبة وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره بنفسه. وما يحدث في مختلف الأقاليم من مظاهرات واحتجاجات يحتّم على شعبنا ضرورة الحضور والتظاهر واستغلال هذه الفرصة الذهبية لإيصال صوته إلى العالم.
-
تٌعتبر الشعوب غير الفارسية في الظرف الراهن حلفائنا الاستراتيجيين في نضالنا ضد الدولة الإيرانية، ومن المهم جداً أن تتضامن وتتآزر هذه الشعوب مع بعضها، لكي لا ينفرد النظام الإيراني بواحد منها، هذا مع التأكيد على خصوصية وهوية شعبنا ومطالباتنا الخاصة بنا. حتى وإن اختلفنا مع بعض هذه الشعوب على بعض القضايا، لكن بما أننا نواجه عدواً مشتركاً، فعلينا أن نكون صفّاً واحداً ضد النظام الإرهابي في طهران.
-
من المهم جداً أن يعرف العالم أن زمام الأمور في مجال الاحتجاجات والانتفاضات في الأحواز هو بيد الشعب الأحوازي، وهو الذي يمتلك هذه الأرض، لذلك من المهم جداً أن يكون للشعب حضور وبصمة في كل مناسبة، ومن الأهمية بمكان التأكيد على الشعارات العربية ورفع المطالبات القومية في كل مناسبة وفي كل مظاهرة، وفي كل احتجاج.
-
ومن جانب آخر يحاول المتربصون بشعبنا تضليل الرأي العام العالمي والمحلي من خلال الترويج إلى عدم عروبة الأحواز، فحضور الجماهير العربية الأحوازية في المناسبات المختلفة يكون مُبطلاً لهذه المحاولات. وعدم حضور شعبنا بمطالباته وهويته العربية يفتح المجال للمستوطنين ليرسلوا رسائل خاطئة ولكي يتم استغلالها من قبل المغرضين من أعداء شعبنا.
-
يعيش النظام الإيراني هذه الأيام أسوء أيامه، وإنه في وضع لا يُحسد عليه. والاحتجاجات مستمرة ومنتشرة في أكثر المدن، فالحكمة والحنكة تمليان علينا أن لا نجعله يتنفس الصعداء في الأحواز بعدم خلق حراك شعبي واسع في منطقتنا. لذا لابد أن نسلب الراحة من عينيه، لنبعث رسائل إلى العالم بعدم شرعية هذا النظام، وفي نفس الوقت لكي نؤكد لهم على عروبة الأحواز أرضاً وشعباً.