السياسة في أسمى معانيها تقوم بدراسة الدولة، وتبحث علاقة المجتمع بالمؤسسات القائمة في داخل حدود الدول المستقلة. وتهتم الدراسات السياسية بشؤون الدولة على الصعيدين الداخلي بمؤسساته وسلطاته الثلاث، وعلى الصعيد الخارجي حيث العلاقة بالدول الأخرى في المجتمع الدولي، وتفسر الاختلافات الطبقية والعرقية والعقدية والمصالح الكبرى للأمم. كل هذه المعطيات هي في صلب الدراسات السياسية، فتصبح – هذه المعطيات – مادة جاهزة للباحث ليفسر الظواهر الاجتماعية، وذلك على ضوء العلوم السياسية والفروع الأخرى الاجتماعية(1).
ومن ضمن هذه الظواهر الاجتماعية هي الصراعات والنزاعات الكبرى السياسية لا تنتهي بالحسم بين الأطراف المتنازعة في لحظة وقوعها، بل تأخذ مدى طويلاً إلى أن تصل للحل المطلوب، وذلك على ضوء قوة الطرف الأقوى الذي يملي شروط نهاية المعركة، وفي حال عدم قدرة الأطراف المتنازعة على الحسم النهائي، تأتي عملية التسوية السياسية لتكون حداً فاصلاً بين الجهات التي تختلف سلماً، أو في ميدان القتال.
وبما أن الشعوب القابعة تحت سيطرة الدولة الإيرانية – الحديثة العهد – لها تاريخ طويل من النضال لنيل الحرية، تدخل بتحركها في صلب الدراسات السياسية. فتراوحت نضالات هذه الشعوب من رفع شعار التحرير وحق تقرير المصير، إلى المطالبة بالحكم الذاتي، ووصولاً إلى المطالبات القومية على ضوء الدستور الإيراني بمادتي 15 و19، التي تجيز إعطاء الشعوب حقوقها الثقافية واللغوية. كل هذا الحراك يأتي ضمن إطار الحراك السياسي المكشوف والعلني وليس العمل السري الذي له مدارسه الفكرية والنضالية الخاصة به وتحتاج إلى دراسة أخرى.
لذا تأتي الفدرالية لتعكس بعضاً من الخيارات التي يطالب بها عدد من الأحزاب والشخصيات المستقلة، المنتمين إلى الشعوب غير الفارسية، كحل مؤقت ومرحلي، كما يعبرون عن ذلك في تصريحاتهم. هذا الخيار يحدث إشكالية كبرى في كل زوايا طرحه، بدءاً بنطق المطالبة وانتهاء بكيفية تحقيقها وصور تشكلها. وأهميةهذه الدراسة تأتي لتسلط الضوء على الواقع الداخلي الإيراني وكذلك الوضع الخارجي خاصة في الجوار الإقليمي، ولا سيما النظام العالمي الجديد الذي ما زال في طور تشكله مما يؤثر وبشكل مباشر على كل مناحي الحياة السياسية في العالم ككل، وفي الجغرافيا الإيرانية خاصة، إذا ما حدث طارئ يؤدي إلى خلخلة بنية إيران القومية المصطنعة منذ أوائل القرن العشرين.
فتأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء على خيار الفدرالية المفترض وأنواعها والفلسفة العميقة التي لا بد أن تسبق هذا الطرح، كل هذا سيبحث في هذه الورقة البحثية لربما تخدم بعضاً من الأمور العامة التي تهم قضية الشعب العربي الأحوازي.
أولا: النظام العالمي الجديد والتعددية القطبية وأثرها على خيارات الشعوب:
السمة الأساسية في العلاقات الدولية مبنية على ثنائية التعاون والصراع، ((فمعظم الكيانات المجتمعية تشهد حالة من الصراع الدائم من قبل المنضوين تحتها بهدف تعظيم منافعهم، هذه الحالة الصراعية تسهم بشكل أساسي في إحداث حالة حراك وتطور اجتماعي تصل إلى أقصى درجاتها مع قيام الثورات وما يصاحبها من تصورات سياسية)) (2).
والنمط الذي يطفو على مسرح الأحداث الدولية هو الصراع رغم كل المحاولات الرامية إلى تغيير هذا المشهد من جانب اللاعبين الدوليين.ومن أهم هذه الأحداث الدولية المعاصرة التي مازال العالم لم يخرج من وقع وطأتها، هو التغيير الكبير الذي رافق انهيار جدار برلين مع نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم.
ومع نهاية الحرب الباردة دخل العالم في القطبية الواحدة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد ما أفل نجم الاتحاد السوفياتي السابق، مما جعل أميركا تكون القائدة الوحيدة لسنوات عدة على المسرح العالمي، وكما أنها قادت أكبر تحالف دولي لاحتلال العراق عام 2003، هذا التفرد للدولة الأمريكية انعكس على كل مفاصل الحياة في أميركا لا سيما في الدراسات الأكاديمية حيث كتاب نهاية التاريخ لفوكوياما، وصدام الحضارات لهانتيغتون، المعبر عن انتهاء المعركة التاريخية بين الرأسمالية والشيوعية وانتصار العالم الديمقراطي الليبرالي. ولكن الآن وفي بداية القرن الواحد والعشرين نعيش أحداثاً بالغة التعقيد بين أقطاب عدة صاعدة تنافس القطب الأميركي مثل:
1-روسيا
2-الصين
3-اليابان
4-الاتحاد الأوروبي ككل
ودول إقليمية تبحث عن موطئ قدم في جوارها الإقليمي، فتسعى أن تكون صاحبة القرار على المسرح الدولي المسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يبحث عن هوية جديدة – بشكله وبنيته وصياغة قواعده ومنطلقاته – على حد تعبير جيمس بيكر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق. هذا النظام العالمي الجديد نعيش مخاضاته العسيرة والآخذ بالتشكل وبشكل متسارع على حساب الشعوب والدول التي تدور في فلك لعبة الجيوبوليتيكية لهذه الأقطاب رغماً عنها.
فخير مثالٍ على هذه الاختلافات بين الأقطاب والتي تعكس الفوضى وضبابية المواقف المبنية على قاعدة المصالح الحيوية للدول العظمى، هي الثورة السورية التي طال الصراع فيها جراء غموض شكل النظام الدولي القادم، والذي يدور رحى صراع أقطابها في الشوارع والبيوت السورية(3).
كما يتساءل كيسنجر حول الصراع القائم في سوريا قائلاً:
“إن تم تبني التدخل العسكري – في سوريا – كركيزة من ركائز السياسة الخارجية الأميركية، فإن ذلك يطرح الأسئلة على نطاق أوسع حول الاستراتيجية الأمريكية، فهل تعتبر أميركا نفسها ملزمة بدعم أي انتفاضة شعبية حتى ولو كان ذلك النظام حجر الأساس في استقرار النظام العالمي”.(4)
فالسؤال الذي ننطلق منه يحمل الفرضية التالية:
ما هو موقف الدول الكبرى والدول الإقليمية الفاعلة على الساحة الدولية في حال حدث انهيار للدولة الإيرانية هل تبقى دون حراك؟
وكما نعلم أن بعض الدول الفاعلة في الساحة الدولية، المجاورة منها لإيران والبعيدة عنها جغرافياً بدءاً من روسيا والصين وباكستان والهند وتركيا وبعض من الدول العربية، تتشابه تركيبتها الاجتماعية السكانية بالتركيبة الإيرانية الحالية – المتعددة القوميات والإثنيات والأديان. فعلى سبيل المثال إقليم الأحواز العربي يختلف كلياً عن بلاد فارس والجغرافية الحالية الإيرانية بدءاً من الشعب ووصولاً إلى البيئة الطبيعية. فهل تأخذ هذه الدول دور المتفرج في حال تفكيك هذه الدولة الفارسية، حتى لو كان هذا الانهيار على حساب استقرار النظام العالمي المبني على توازن القوى؟
فالشواهد التي تفسر تأجيل الخيار الاستراتيجي التحرري حالياً كثيرة، وليس الحديث عن استحالة الاستقلال في المستقبل القريب لكل القوميات القاطنة في جغرافية إيران السياسية التي شكلها البريطانيون في بداية القرن العشرين القائمة على أساس الأمر الواقع. هذه الشواهد ليست ببعيدة في الزمان والمكان من التاريخ المعاصر السياسي في إيران خاصة بالنسبة لقضية الشعب العربي الأحوازي.
حيث أقيمت دولة مهاباد في كردستان إيران عام 1946 فلم تدم إلا أحد عشر شهراً بسبب تعقيد التركيبة السكانية لمنطقة شرق الأوسط الواقعة في قلب خطوط الاستراتيجيات الكبرى، هذه الاستراتيجيات للدول العظمى لا تعترف بحقوق الشعوب في حقها الطبيعي في الاستقلال وإقامة الدولة التي تعكس شخصيتها القومية والقانونية.
وجمهورية آزربايجان الجنوبية في إيران عام 1945 والتي انتهى حكمها على أثر التفاهم الذي حصل بين الاتحاد السوفياتي والنظام الإيراني البهلوي المدعوم من قبل أمريكا آنذاك.
والمثل البارز الأكثر واقعية هو كردستان العراق حالياً، وبالرغم من حريتهم الكاملة وقدرتهم على الإعلان عن دولتهم الكردية الواعدة، لكنهم ونظراً لعدم وجود بيئة دولية مناسبة وجيوسياسية آمنة لهذا التوجه وبالذات في منطقة شرق الأوسط التي تحتوي على أكبر احتياطي نفطي في العالم، لم يعلنوا عن استقلالهم عن الدولة العراقية بالرغم من المطلب الشعبي المصر على الاستفتاء للإعلان عن الدولة الكردية، هذا الإعلان مؤجل على الأقل إلى يومنا هذا لعام 2013.
هنا يأتي الحديث عن الحلول التي تنبع من صميم الوعي النابع من عمق التجربة السياسية للشعوب غير الفارسية في إيران (البلوش والآزريين والعرب والأكراد والجيلك والتركمان) على الصعيدين الحراك السلمي تارة والكفاح المسلح تارة أخرى، مما يعكس السلوك الواعي لهذه الشعوب بتعاملهم مع السلطات الفارسية المتعاقبة انطلاقاً من الواقعية النضالية وليس الانهزامية، التي توازن بين العمل الداخلي الدقيق في تفاصيله الأمنية، والنظر بعيداً للاستفادة من كل منعطف تاريخي دولي يغير وجه المنطقة مستقبلاً، لأن تاريخ العلاقات الدولية شهد ميلاد دول جديدة وغياب دول أخرى وبفترة وجيزة.
هذه الحلول والخيارات تراوحت بين المطالبة بالحكم الذاتي، أو تطبيق بعض المواد الدستورية التي تنص على حق القوميات الثقافية كـ “المادة 19 و15” من الدستور الإيراني الحالي، فالتجربة الطولية للعمل السياسي في إيران من جانب القوميات لاسيما الشعب العربي الأحوازي عميقة جداً فأخذت بعين الاعتبار الوضع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط والوضع العالمي الذي تمسك بزمامه دول قوية تحافظ على مصلحتها الاستراتيجية انطلاقاً من حفظ مصالحها الحيوية في منطقة الشرق الأوسط.
هذه الحلول والمطالبات دون التحررية والاستقلالية للشعوب غير فارسية ليست وليدة اللحظة الراهنة، بل إنها تحسب في رصيد نضالات هذه الشعوب، وإن كانت بإطار العمل السياسي بالداخل الإيراني.
فتأتي المطالبة بالفدرالية كخيار مرحلي من قبل بعض التنظيمات والمستقلين (وليس كل التنظيمات والمستقلين) ضمن هذه الخيارات المؤقتة للقوميات والشعوب القاطنة في جغرافية ما تسمى بإيران، وليس عن أبدية البقاء مع هذه الجغرافيا والحدود، حيث كل الشعوب غير الفارسية وبديهياً يبحثون عن الاستقلال ويناضلون من أجل استرجاع السيادة المفقودة بفعل ضم الأراضي غير الفارسية إلى الدولة الإيرانية الحديثة العهد. وعلى ضوء ما تقدم نبحث خيار الفدرالية والبنية الفكرية والفلسفة العميقة التي لا بد أن تسبق هذا الخيار.
ثانياً: الفدرالية وشروط تحقيقها للشعوب غير الفارسية:
الفدرالية تعني الحراك الكبير للجماعات الإنسانية المتميزة عن بعضها بعض باتجاه التجمع للتوفيق بين المشاكل التي تعتري حياة هذه الشعوب انطلاقاً من الحرص على الذات أولاً، وبين الشعور إلى إطار يجمعها ثانياً.(5)
أ- الدولة الفدرالية تنشأ بطريقتين:
الدولة الفدرالية تتشكل من وحدات عديدة لها دستور وإطار قانوني يحدد الوظائف والواجبات للإقليم الفدرالي والمركز، فتتأسس هذه الدولة الفدرالية على ضوء الظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
فالطريقة الأولى لتشكلها هي:
1-الاتحاد بالتجمع:
تنشأ الدولة الفدرالية من خلال اتحاد ولايات عدة تتشابه ثقافياً، تاريخياً، وجغرافياً، وتعزم على تشكيل دولة موحدة بعد أن تتنازل كل واحدة من هذه الأقاليم عن جزء من سلطانها الداخلي والسيادة الخارجية التي كانت تتمتع بها قبل الانضمام لصالح الدولة الفدرالية الجديدة، والأمثلة على هذا النوع من الفدرالية كثيرة أهمها: الولايات المتحدة الأمريكية 1787، الاتحاد السويسري 1874، جمهورية ألمانيا الاتحادية 1949، الإمارات العربية المتحدة 1971. أما الطريقة الثانية للنشأة(7) هي:
2-الاتحاد بالتفكك:
تنشأ الدولة الفدرالية من خلال الضعفالذيتمر به الدولة الكبيرة البسيطة ودليل هذا التفكك يرجع سببه الأساسي إلى معاناة الشعوب من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، كما يضاف إلى هذه المظالم الاختلافات اللغوية والثقافية والعادات والفلكلور، إضافة إلى الحرمان من الموارد الطبيعية والثروات المختلفة، فتقوم الجماهير التي تعيش في كنف هذه الدولة بالعمل على الاستقلال الكامل عن – سلطة المركز – وتنشأ على إثرها الدولة الفدرالية وفق نظام إداري فدرالي. والأمثلة على هذا النوع من الفدرالية متعددة أهمها: المكسيك 1857- الأرجنتين 1860- البرازيل 1891- تشيكوسلوفاكيا 1969.(8)
ب-الفدرالية القادمة:
وبعد أن تحدثنا عن الطرق التي تتشكل منها الفدرالية، فهل نشاهد شعوراً مشتركاً يدعم هذا الخيار لمستقبل الشعوب غير الفارسية أم الواقعية السياسية هي التي ستفرض الخيار الفدرالي. فالفدرالية التي يُتحدث عنها دعاة الفدرلة لمستقبل إيران السياسي القادم لا ينطبق عليها النوعان اللذان تكلمنا عنهما أعلاه، فمثلاً الشعب العربي الأحوازي:
“ليس لديه أي مشتركات تاريخية وثقافية مع الشعوب الأخرى القاطنة في الجغرافية السياسية الإيرانية، والمصلحة المشتركة أيضاً لا توجد في البقاء مع إيران فدرالي، فالأرض الأحوازية جغرافياً تصنف كجزء من الصفحة العربية المنفصلة عن هضبة إيران وهذا من كتب الجغرافية وعلم الأرض التي تدرس في الجامعات الإيرانية، مع العلم أن في الأحواز أيضاً لا توجد سيادة حتى يتنازل عنها الشعب العربي الأحوازي لصالح الدولة الفدرالية لأن السيادة فقدت باحتلال الأحواز عام 1925، فتنتفي قصة الاتحاد بالتجمع”.
ج -أما النوع الثاني للفدرالية يشوبها الكثير من الخلل:
هذه الفدرالية تتأسس على أساس إداري فقط، والمركز يتنازل من بعض صلاحياته ليعطيها للأطراف حتى ولو كانت هذه الدولة الفدرالية تشكلت على ضوء مطالب الشعوب المذكورة، فهذه الفدرالية لا تراعي الخصوصية للشعوب المطالبة بالفدرالية التاريخية والجغرافية التي لابد أن تقام على الأرض، كما أن النظام الإيراني الحالي لا يفكر في إعطاء الفدرالية الإدارية فضلاً عن القومية فبهذا ينتهي رؤية الاتحاد بالتفكك.
د-ماهية الفدرالية القادمة:
بما أن مصطلح الفدرالية حمال أوجُه وعام، لكنه بحاجة إلى دعم فكري وإضافات قانونية واجتماعية وسياسية لتحديده اصطلاحياً، وذلك من خلال تحديد الشكل الفدرالي المفترض وهل هو قومي جغرافي تاريخي أم إداري، والذي يرفع من خلال بعض الأحزاب والتيارات والشخصيات المستقلة المنتمية إلى الشعوب غير الفارسية كـ:
1-الجبهة المتحدة البلوشية
2-حزب الشعب البلوشي
3-الحركة الوطنية لبلوشستان
4-الحركة الفدرالية الديمقراطية الآزربايجانية
5-المركز الثقافي الآزربايجاني
6-منظمة الدفاع عن حقوق القومية لتركمان إيران
7-المنظمة الثورية لكادحي كردستان (كوموله)
8-حزب التضامن الأهوازي
9-الحزب الديمقراطي الكردستاني
ولذا لابد من الإشارة عن الفدرالية في إيران وكيفية نشأتها. فهنا يطرح السؤال التالي، يا ترى هل ينجح مشروع الفدرالية على أساس الاتحاد بالتجمع أم الاتحاد بالتفكك؟
ه- الفدرالية القومية التاريخية الجغرافية تتأسس على ثلاثية:
1-الحكم الذاتي الذي يعكس الاستقلالية للإقليم الحاصل على الفدرالية القومية.
2-المشاركة الفعالة في الدولة الفدرالية المرتقبة.
3-التفكيك التام بين الإقليم الفدرالي القومي والدولة الفدرالية المتمثلة بمركزها القادم، وهذه الأمور تشرح في الدستور وتدخل في بحث القانون الدستوري.
والفلسفة التي لا بد أن تسبق هذا الخيار – الفدرالية – لمستقبل هذه الشعوب لاسيما الشعب العربي الأحوازي هي:
– العمل الجاد والنضالي الرامي إلى هدم أسطورة الدولة الإيرانية الفارسية وبناء دولة جديدة تختلف كلياً عن الدولة التي تأسست على أساس القومية الفارسية.
– تغيير معالم الدولة الحالية، فلكل شعب أرضه التاريخية مع وجود سيادة للأقاليم الفدرالية واختصاص الدولة في المركز يعينه الدستور القادم المعد من قبل الأكثرية، والمثال على ذلك كردستان العراق الذي صار ثاني مكون للدولة العراقية، وأخذ يفرض شروطه النابعة من مصالحه القومية العليا.
– كما قبل المطالبة بهذا الخيار – الفدرالية – لا بد أن يسبقه تسمية الأقاليم التاريخية والحدود التاريخية لكل مكون من المكونات الموجودة في إيران الحالية، أما الأمور المتعلقة بالبرلمان الفدرالي والحكومة الفدرالية والدستور الفدرالي يخرج عن نطاق هذا البحث وهو من اختصاص القانون الدستوري.
– البقاء على مبدأ هام لابد أن يبقى حجر الأساس في الفدرالية القومية وهو حق تقرير المصير الذي يأتي كهدف أساسي للشعوب عامة وللشعب العربي الأحوازي خاصة.
الخاتمة:
الخيار الفدرالي الذي يتبناه دعاة الفدرلة في جغرافيا إيران السياسية وفي ظل العقلية التي تحكم إيران الفارسية الرافضة لأي خيار من شأنه أن يعرض هذه الدولة لخطر التفكك، فهو بعيد المنال، إن لم يتم تغيير البنية الفكرية والتاريخية التي بُنيت عليها هذه الدولة. إن هذا الخيار إذا صح التعبيريحتاج إلى تضحيات جسام فهل الشعب العربي الأحوازي جاهز لدفع ثمن التضحية من أجل الفدرالية بدلاً من التحرر؟
وأما العامل الخارجي المتمثل بالنظام العالمي فإنه متغير ولا يتأطر في أنظمة من القوانين حتى تتبعه الشعوب في مسيرتها نحو الحرية كيفما أراد. فإن القانون الدولي بفرعه الهام (القانون الدولي الإنساني) يؤكد على حق الشعوب الرازحة تحت الاحتلال بالمقاومة الشعبية بكل أصنافها لا سيما الكفاح المسلح وذلك على ضوء اتفاقيات مؤتمري لاهاي عام 1899 و1907 واتفاقية جنيف 1949 والبروتكولان الإضافيان 1977، فحق تقرير المصير يأتي في صلب القانون الدولي ويعطي الحق للشعوب بأن تقرر مصيرها على ضوء الخيار الذي تتبناه.
وكما هو معروف مهما بلغت الشعوب من الوعي السياسي فإن هذه الشعوب تحتاج إلى القيادة من قبل فئة تمثل آمال هذه الشعوب وهي تتمثل بالأحزاب السياسية والقيادات التاريخية، فهل الأحزاب والقيادات التاريخية للشعب العربي الأحوازي يطالبون بالبقاء مع إيران فدرالي أم التحرر هو خيارهم الاستراتيجي؟
المراجع:
1-مبادئ علم السياسة،نظام بركات،عثمان الرواف،محمد الحلوه،الرياض،مكتبة العبيكان.
2-ويكبييديا.
3-محمد خالد الشاكر، النظام العالمي الجديد.
4-هنري كيسنجر،واشنطن بوست2012.
5-توزيع الاختصاصات في الدولة الفدرالية،عبدالمنعم،كلية القانون و العلوم الإنسانية،الدنمارك.