من يريد ان يعرف دور القبيلة في الوضع الراهن في الاحواز، فخلال نظرة معمقة في التاريخ السياسي والاجتماعي للاحواز منذ عام 1925 الى يومنا، تظهر له كيفية سيطرة هذه القوة على جماهير من الناس حيث عملت هذه القوة المترجمة بالقبيلة منذ عقود على اذلال الشعب الاحوازي وبأدوات الدولة الايرانية.
لاينكر احدا ان القبائل الاحوازية في الأحواز من الشمال الى الجنوب قاومت مساعي اللدولة الايرانية، في حقب مختلفة، لمصادرة الاراضي وتغيير التركيبة السكانية و ثار الاحوازيون ضد المعتدي الايراني في العقود المنصرمة في بعض الاحيان تحت لواء القبيلة. واشتهر صمود بعض المؤمنين بالحق العربي من شيوخ هذه القبائل امام الدولة الايرانية واصبحوا رموز وطنية و من هؤلاء يمكن ذكر محيي الزئبق وإبرچ وغيرهم من الرموز الوطنية الذين ضحوا بحياتهم لحفظ الارض الاحوازية من مماس المحتل.
لكن هل القبائل الاحوازية لعبت نفس الدور الوطني؟
الجواب بالطبع لا، ناهيك عن بعض كبار القبائل ممن اصبحوا عملاء لدى ايران وساهموا في اذلال الشعب الاحوازي مباشرة، هناك اغلبية مطلقة من مشايخ القبائل الاحوازية لعبت دورا في اخضاع الشعب الاحوازي و اذلاله بشكل غيرمباشر مما ترتب على هذا الدور افرازات عاشتها و تعيشها الاجيال التي اتت بعدهم الى يومنا هذا، وهنا نحن نحاول نقد ادوار هذه القبائل.
النأي بالنفس امام الاحتلال
احد اهم الادوار السلبية التي قامت بها غالبية مشايخ القبائل الاحوازية هو النأي بنفسها من مواجهة الدولة الايرانية والقبول المطلق لسلطة الفرس على الشعب وهذا ماتسبب به ترك المجال مفتوحا للدولة الايرانية لتصادر الاراضي الاحوازية و تصادر المياه وتقتل الاحرار وتقمع الانتفاضات دون ان تحتج عليها القبيلة. فهذه الاخيرة قد وضعت المحتل الايراني في مكانة الرب وتركته يسحق بابناء الاحواز وكانه قدرا محتوما لايمكن مواجهته. الدليل الواضح على هذا القول هو كلما كان الشخص قبليا كلما كان ضعيفا امام الدولة الايرانية واكثر خوفا منها وهذا اصل يعرفه كل الاحوازيين.
المحاولة للتقرب من السلطة
كما كلما طلبت السلطة التظاهر لصالحها، ترى القبائل في الاحواز تخرج بمظاهرة كبيرة بالاف الحشود رافعة اعلامها القبلية التي لن تجلب لنا سوى الاذلال وتذهب لتعلن محاولة للتقرب من الغاصب للحق الاحوازي والقامع للاحرار وقاتل ابناء الاحواز. لقد اصبحت اعلام القبائل وسيلة لتجميع ابناء القبائل للتظاهر لصالح المحتل الايراني.
البطبش بالاخوة والرضوخ للمعتدي
كلما كانت القبيلة بشيوخها وكبارها ضعاف امام الدولة، كلما كانت شرسة امام اخوتها الاحوازيين من القبائل الاخرى. فترى هؤلاء الشيوخ الذين يعتبرون نفسهم اذلاء مقابل الدولة تراهم يأمرون بقتل العشرات من ابناء القبيلة الاخرى. هذه الازدواجية تسببت في اذلال الانسان الاحوازي، خاصة وان الدولة الايرانية تركت الساحة مفتوحة للاقتتال القبلي لترى بنفسها كيف العرب يقتلون نفسهم بايديهم. فالاحوازي اصبح يعاني عدم تواجد سلطة مدنية منصفة تحميه من شراسة القبيلة.
تركت القبيلة المجال للسلطة لتشنق ابناءها وهي تنظر وتسبح باسم الظالم والمعتدي وتروج لروح الذلة والرضوخ والمثال الواضح هو اعدام العشرات من الاحرار الاحوازيين في مدن الفلاحية والخفاجية و الاحواز وغيرها من المدن دون ان يحصل احتجاجا على هذه الجريمة. الكارثة هي ان ترى الذلة قد وصلت الى درجة بحيث اهل الشاب الاحوازي المعدوم ينفون صلتهم بابنهم ويتركونه يواجه مصيره لوحده وحتى لن ينشروا صورته ليعرف العالم من كان ابنهم خوفا من السطات الفارسية القعمية ومن المندسين من الشيوخ وغيرهم في القبيلة.
الحفاظ على العادات البالية
لايمكن لاحد ان ينكر ان قتل الشرف والنهوة واهداء النساء في مراسم الإحسان واعطاء المراة كفصلية (تكلفة لقتل وحاسمة للعراك القبلي على اثر القتل) انها كلها ناتجة عن القبيلة والفضاء الاجتماعي القبلي. كل هذه الامثلة تتواجد الى يومنا هذا و تسببت بايقاف عقربة التنوير الاجتماعي لدى شعبنا وجعلت المراة والرجل يعانيان من هذه العادات البالية.
الحفاظ على الهوية
هناك من يقول ان القبيلة حافظت على هويتنا امام التفريس، ونحن نقبل هذا الكلام، لكن نسئل هؤلاء كيف حافظت القبيلة على هويتنا؟
حافظت القبيلة على هويتنا امام التفريس عبر التقوقع وايقاف حركة الزمن والتطور الاجتماعي، فهل صحيح وهل لصالحنا ان نستمر بنفس الاسلوب للحفاظ على هويتنا؟ خاصة واننا نرى ان الوعي الوطني الاحوازي يزداد وينمو يوما بعد يوم حيث نرى ذلك في شتى شرائح المجتمع.
الم يحن الوقت بعد للوثوق بشعبنا والتاكيد على التماسك الاجتماعي الاقليمي والعربي والوطني كبديلا للقبلية للحفاظ على الهوية؟ فلقد اظهر الوطنيون الاحوازيون بانهم يحملون الكثير من الافكار الحديثة والاخلاق الانسانية الوطنية التي تاخذ بيد الاحوازي وتساعده على حياته وعلى مواجهة المعتدي الغاصب.
الم يحن الوقت بعد لترك اعلام القبائل والاصطفاف بجانب المفاهيم الوطنية الشاملة بغية الوقوف امام المعتدي الظالم و لحماية المساكين من الأطفال والنساء والرجال أمام الة الاذلال القبلي والة القمع والذبح الفارسي.
الصمت على العار
هنالك من يرد علينا ويقول نحن في حالة مواجهة مع الفرس وطرح هكذا امور سوف تحرجنا امام هؤلاء العنصريين. فنقول له نحن في حالة مواجهة كاملة مع العنصريين والدولة الايرانية وان لم نرتقي الى المرحلة الوطنية والابتعاد من التشرذم الناتج عن القبلية فمصيرنا هو الاندثار. لايمكن ان نخوض معركة ونحن قد انهكنا صراعنا الداخلي مع العادات البالية ونحن قد اشبعنا بالذل الناتج من تعاليم شيوخ هذه القبائل المروجة للذلة والرضوخ.
من جهة اخرى نحن قد وصلنا الى درجة من الوعي بحيث نعرف جميعا ان عنصرية الفرس لايمكن ايقافها وهي مستمرة، لكننا غير أبهون بها ولايهمنا شماتة هؤلاء العنصريين ولاتوقفنا عن اصلاح مجتمعنا، للانطلاق نحو معركتنا المصيرية مع ايران بعد ما تحررنا من اغلالنا.