الولاية النووية علــى الخليــج العربـــي
هو كان على حق.. هو يفهم حيث قرر أن تنشأ المحطات النووية على ضفة الخليج العربي!”؛ عبارات كان يرددها الدكتور فريدون وردي نجاد سفير إيران السابق في الصين وأستاذ جامعة طهران ورئيس وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” قبل ذلك، وقبلها ضابط في أعلى مستوى قيادات قوات القدس في الحرس الثوري الإيراني. كان يتحدث الدكتور وردي نجاد في جامعة طهران أمام عدد من الطلاب وكنت واحداً منهم. وكان يدور نقاش ساخن بين الطلاب والسفير، الذي كان قد عاد من بكين حديثاً، حول ما إذا هاجمت أمريكا أو إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية في كل من أبوشهر ونطنز وطهران ومدن إيرانية أخرى. اسشتهد السفير بخطة شاه إيران السابق الذي اعتمد الأراضي المطلة على ضفة الخليج الشرقية لبناء المنشآت النووية الإيرانية. وأكد السفير وردي نجاد أن شاه إيران كان على حق في بناء النووي وتطويره رويداً رويداً، وإن استنجد بإسرائيل والقوى الكبرى لصنع السلاح النووي بهدف السيطرة على الخليج العربي.
وكان السفير يعني بكلمة “أنه على حق”؛ أن شاه إيران كان يعرف جيداً التهديد المستقبلي لإيران سيأتي من العالم العربي، وتحديداً من العراق، ولهذا كان استخدام الأراضي المطلة على الخليج لبناء منشآت نووية ضماناً لعدم ضرب هذه المنشآت من قبل أي جهة عربية كانت أم غيرها. إذ إنه بضرب وتدمير المنشآت النووية المطلة على الخليج قد تتدمر بعض المدن المطلة على الخليج العربي في الجهة الأخرى، وتتلوث مياه الخليج وتشل حركة الملاحة الدولية، إضافة لذلك سيتم تدمير ما هو موجود على الأرض من العرب في إقليم الأحواز المحتل منذ عقود، إذ تقع على أرض هذا الإقليم منشآت نووية إيرانية كمحطة أبوشهر ومحطة دارخوين (قيد الإنشاء).
بهذه الخطة أراد الإيرانيون كسب الضمان لعدم ضرب منشآتهم النووية عبر ربط العرب في دول الخليج العربي والأحواز المحتل بالمشروع النووي الفارسي، وإن حدث عكس ذلك فليذهب العرب حيث تذهب رياح النووي الإيراني. تطورت الأمور في العقد الأخير، والعراق الذي كان مصدر التوازن الحقيقي في الخليج العربي أصبح محافظة فارسية بامتياز، يحكمها ضابط إيراني، ودول الخليج العربي مازالت في جزر ومد في تعاملها مع طهران، وعلى المستوى الوطني لم نلاحظ أي خطوة خليجية تتقدم لسد الفراغ الذي حدث بعد احتلال العراق ومازال. في المقابل نرى أن الدولة الفارسية تتسع رقعتها رويداً رويداً مستخدمة القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي والمذهب الشيعي كأسلحة فتاكة، بدأت بالعراق واليوم سوريا وتهدد البحرين والكويت؛ لا بل يهدد الوطن العربي برمته. بنظرة بسيطة نرى تاريخياً أن (الدولة المذهبية) كانت ولاتزال في قائمة الغرب ضد الشرق وجزء من العملية الغربية ضد المسلمين.
لا أتحدث هنا عن الطائفية؛ إنما أستشهد بأحداث تاريخية كسرت ظهر العرب والمسلمين لصالح الغرب، وفي القرون المتأخرة استخدمت الدولة الشيعية كل ما لديها من قوة لصالح الفرس والغرب. على سبيل المثال؛ الدولة البويهية (حكمت في غرب إيران والعراق سنوات 1056-932م) لم تحارب الدولة البيزنطية النصرانية وإنما حاربت الدولة العباسية السنية العربية. الدولة الفاطمية (1160- 934م) لم تحارب الصليبيين في شمال الأندلس، بل تعاونت معهم ضد دولة عبدالرحمن الناصر، حفيد صقر قريش، العربية السنية في جنوب الأندلس. كما لم يحارب الفاطميون الغزو الصليـبي لفلسطين والشام، وعرض الفاطميين على الصليبيين تقسيم هذه المناطق السنية بينهم وبين العالم المسيحي وذلك لضرب دولة السلاجقة السنية.
كما لم تحارب الدولة الصفوية (1785-1501م) بقيادة اسماعيل الصفوي وإخوانه فيما بعد أي من بريطانيا وفرنسا وروسيا، بل توجهت لحرب الدولة العثمانية السنية المذهب. كما حاولت الدولة الصفوية وذلك بمساعدة البرتغاليين أن تحتل مكة والمدينة في القرن الـ16 الميلادي. ودولة جمهورية إيران الإسلامية لم تحارب أي دولة سوى الدول المسلمة الجارة كالعراق وأفغانستان، ومساعدة الأمريكان على احتلال هذين البلدين المسلمين الجارين، واليوم تهدد دول الخليج العربي.
كل هذا الشهادات التاريخية دلالة واضحة على أن إيران لم ولن تتطوع لحرب الصهيونية والصليبية، وسوف تعمل كحالها الآن على تفكيك العالم العربي عبر أدوات معروفة كالمذهب وبمساعدة تكنولوجيا العصر الحديث كالسلاح النووي للسيطرة على المنطقة العربية بشكل عام وعلى الخليج العربي بشكل خاص. لذلك نرى أنه على دول الخليج العربي أن تتبنى استراتيجية جديدة في تعاملها ليس مع طهران فقط، بل مع العالم عبر تبني قضية الأحواز ومد التنظيمات الأحوازية إعلامياً ومادياً ولوجستياً، وذلك للخلاص النهائي من شر الجارة الخبيثة، خدمة للأمن القومي الخليجي وتطلعات الشعب العربي الأحوازي لنيل الحرية. فمن حق الدول الخليجية كذلك أن تتسلح بالسلاح النووي لردع “التفريس” وفرض السيطرة العربية والولاية التامة على الخليج العربي وردع الولاية الفارسية، وإن تأخرت بذلك، لكن لابد من العمل الدؤوب لتنفيذ هذا المشروع حفاظاً على مسقبل الأجيال القادمة في المنطقة العربية بأسرها.
نوري حمزة
نشر بتاريخ الخميس, 09 شباط/فبراير2012