نعيش هذه الأيام شهر نيسان وما لهذا الشهر من أهمية في الذاكرة التاريخية والسياسية للشعب العربي الأحوازي، ابتداء من تجربة النكسة التي حلت بشعبنا في العشرين من هذا الشهر في عام الحزن الأحوازي، عام 1925. ورغم هذه النكسة، التي خسر شعبنا على أثرها وطنه، لكنه لم يخسر هويته وبقي متمسكا بهويته العربية رغم السياسات العنصرية التي مورست ضده من قبل الأنظمة الإيرانية المتعاقبة.
وحاول أبناء شعبنا أن يغيروا هذه النكسة الى فرصة لإستيفاء حقوقهم المشروعة. فكان شهر نيسان نقطة انطلاقة لكثير من التنظيمات الأحوازية، وكما شهد هذا الشهر واحدة من أكبر وأقوى التحديات في تاريخ شعبنا العربي الأحوازي ألا وهي انتفاضة الخامس عشر من نيسان التي كانت بمثابة نقلة نوعية في نضال شعبنا ضد المحتل الإيراني، حيث نُقل الصراع من دائرة التنظيمات الى وسط الجماهير العربية في الأحواز.
ان انتفاضة نيسان كسائر الأحداث والحركات الإجتماعية تحتاج الى دراسة وبحث، من جميع الجوانب كما تحتاج الى النقد البناء للإستفادة من الإيجابيات وتجنب الأخطاء في مثيلاتها في المستقبل. ولكن وللأسف بسبب انعدام النقد وبسبب الإستدلال المتكرر، الا وهو الزام الصمت وعدم طرح الأخطاء مخافة أن نعطي الحجة بيد النظام الإيراني ومخافة تضعيف الخندق الأحوازي، غابت الكثير من الأخطاء وتخندق الكثير من المخطئين والى يومنا هذا خلف هذا الإستدلال غير المجدي، مما جعل الكثير من الذين أضروا بالانتفاضة، يرفعون راية قيادتها ودورهم الذي لا يضاهيه أحد فيها!
فكثرت الإدعاءات من بعض الذين ادعو زوراً وبهتانا بهندسة الإنتفاضة، والآخرين الذين أغمضوا أعينهم عن الحقيقة وحصروها بشخص أو أشخاص معدودين على الرغم من علمهم بواقع الأمر، وظهر علينا أخيرا حبيب جبر (نبگان) ليدعي بدوره المزلزل في الانتفاضة آخذاً على عاتقه مهمة الدفاع عن الشعب الأحوازي في ما تعرض له من قتل وقمع! ناسياً أو متناسياً انه هو من قام بتدمير نتائج الإنتفاضة والقضاء على الروح المنتفضة لدى الشارع الأحوازي من خلال الأعمال غير المسؤولة والتي جاءت في الوقت والمكان الغير مناسبين لكي تقضي على ما حصل عليه الشعب من إنجازات كبيرة نتيجة انتفاضته المباركة.
كما يعلم المتابع للساحة الأحوازية في المنفى، بعد سلسلة من المنشورات التي أصدرها التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز لتنوير الشارع الأحوازي حول الإدعاءات الباطة التي رددها حبيب جبر في لقائه مع جريدة الشرق الأوسط، أجرت صحيفة “عكاظ السعودية” لقاء معه في يوم الاحد 27 مارس 2016. اشار حبيب نبگان في هذا اللقاء الى دور حركة النضال المزلزل بعد انتفاضة 15 نيسان 2005، في اشارة الى التفجيرات التي قامت بها حركة النضال في الأشهر القليلة بعد الانتفاضة. لكننا نعتقد، ويشاطرنا في هذا الرأي أغلبية النشطاء الأحوازيين في داخل الوطن و بعض المتواجدين في المهجر، ان اختيار حركة النضال للقيام بالتفجيرات وقتل المدنيين في الأشهر القليلة بعد الإنتفاضة، هو الذي تسبب في افساد الكثير من النتائج الإيجابية التي جناها شعبنا في تلك الفترة وكان بمثابة تضييع للتضحيات الجسام التي قام بها شعبنا في ظل النظام الإيراني القمعي، حيث أصبح الجلاد يلعب دور الضحية، وتوجهت أصابع الإتهام الى الضحية.
لمعرفة حيثيات هذا الأمر لابد من مراجعة الوقائع والأحداث قبيل، وبعد الانتفاضة حتى تتضح الصورة لدى المتابع الأحوازي، خاصة جيل الشباب المتعطش الى المعرفة:
تمكن التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز، ومن خلال أحد مؤسسيه ورئيس المكتب السياسي الاول للتيار، الشهيد محمد شريف النواصري، الحصول على وثيقة سرية صادرة عن مكتب الرئيس الإيراني الأسبق خاتمي. كانت تنص هذه الوثيقة على اتخاذ النظام الايراني خطة ممنهجة من أجل تغيير التركيبة السكانية في الأحواز خلال فترة عشرة سنوات، حتى تصل جمعية العرب في الأحواز الى ثلث ما هو عليه في تلك الفترة.
كان من الممكن في حينها ان ننشر الوثيقة في الأيام الأولى من الحصول عليها، ولكن في تلك الفترة التي كان خاتمي ينادي بالاصلاحات والكل كان منبهر بشعاراته السياسية الرنانة والانفتاح النسبي الذي حصل، كان نشرنا للوثيقة يعني تضييع فرصة تاريخية مهمة لتحريك وتفعيل الشارع الاحوازي. فكان لابد من رسم خطة واستراتيجية حتى يصل اليوم الموعود. ولم يكن سهلا الكتمان على هذه الوثيقة والإحتفاظ بها في تلك الظروف الأمنية لمدة ثلاثة سنوات، خاصة ورأينا من الضروري لفت انتباه بعض النشطاء في الساحة الأحوازية عبر تزويدهم ببعض المعلومات حتى لا ينجرفوا خلف سياسات النظام الكاذبة ويكونوا على حذر في تفاعلهم مع ما يجري على الساحة الايرانية.
فتم رسم خطة وبرامج زمنية دقيقة لا يمكننا الإفصاح عن جزئياتها لأسباب أمنية، وفقط نكتفي هنا بهذا القدر أن اختيار توقيت نشر الوثيقة جاء بعد دراسة معمقة وأخذ كثير من الجوانب بعين الإعتبار، وبناءا على المعطيات والمتغيرات الميدانية والاجتماعية والسياسية في الشارع الأحوازي قررت اللجنة المركزية للتيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز نشر الوثيقة في أيام قبيل شهر نيسان/ ابريل 2005، ونذكر هنا سببان رئيسيان لهذا القرار. اولاً: بما ان الوثيقة صدرت عن مكتب خاتمي، كان لابد أن يتم نشرها خلال ولايته، ولا يمكن تأجيلها الى فترة رئاسة من يخلفه. ثانياً كان الهدف وراء اختيار نشر الوثيقة قبيل شهر نيسان، هو أن نعطي فرصة لتوزيعها وانتشارها في الشارع الاحوازي وتداولها بين النخب الاحوازية حتى تستعد الجماهير للخروج في شهر نيسان، نظراً لما يحتله هذا الشهر من مكانة في تاريخ الأحواز السياسي. فأقيمت عدة جلسات مع النشطاء ومندوبي المؤوسسات الثقافية والسياسية لتعريف الوثيقة وايضاح خطورتها على شعبنا. وساهم أعضاء التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز بشكل فعال الى جانب سائر أبناء الوطن بتوزيع الوثيقة على نطاق واسع حيث تم توزيع عشرات الآلاف منها في مختلف المدن والقرى الأحوازية.
بعد اشباع الشارع الاحوازي بالمعلومات الوافية عن حيثيات الخطة الفارسية، تم توزيع دعوة لإقامة مسيرات احتجاجية ضد الوثيقة الصادرة من مكتب خاتمي في يوم الجمعة الخامس عشر من نيسان 2005 (المصادف ليوم 26/1/1984 حسب التقويم الإيراني). ابتدأت المسيرات في اليوم الأول من حي الثورة وأعقبتها مسيرات في حي الشعلة (آخر اسفالت)، والزوية، وكوت عبدالله، حتى انتقلت المسيرات الى مدن أخرى مثل الحميدية، والمحمرة، والخفاجية، والكورة في معشور، ومن ثم التحقت مدن السوس، وتستر بركب المنتفضين. استمرت المظاهرات قرابة ثلاث اسابيع، سطر أبناء شعبنا خلالها أروع أنواع التحدي، من خلال الحضور الجماهيري في المسيرات وكسر حاجز الخوف الكامن على عقول الكثير منهم، حيث انضم الى صفوف المنتفضين الكثير من أبناء العوائل المحسوبة على النظام والمعروفة بولائها لسلطة الإحتلال. والأغرب من ذلك أن بعض من عناصر القوات المسلحة من الأصول العربية أبدو تعاطفاً مع المتظاهرين ومطالباتهم. وهذا هو حال الحراك الجماهيري في أي بقعة من الأرض، مثل الموج العارم يصحي الضمائر النائمة ويزيح الغشاوة عن الأبصار، ويتسبب في تدفق دم جديد في شرائين الشعب، ويعطي حيوية وقوة لكل من ينتسب اليه حيث يستعد لمقارعة أقوى قوة، ويجابه أقوى جيش.
نعم هكذا كان حال الشعب العربي الأحوازي في تلك الفترة، على الرغم من اعتقال الكثير من النشطاء والشخصيات البارزة في الساحة السياسية والثقافية لكنه استمر في انتفاضته وعصيانه ضد الظلم والاضطهاد الإيراني. لا ننكر أن ردة فعل النظام كانت قاسية جدا فان طبيعة هذه الأنظمة مبنية على الإضطهاد، والوحشية في قمع المظاهرات السلمية. ولكن شعبنا كان قد اختار طريق الحراك الجماهيري والإنتفاضة الشعبية وكان يعرف تماما أن هذا الطريق له أساليبه الخاصة ومن أهم أساليب هذا النوع من النضال هو التأكيد على سلمية المسيرات والمظاهرات كما جاء في البيانات التي كانت تصدر من قبل اللجنة المنسقة للمسيرات الاحتجاجية وبيانات التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز.
اكتسب شعبنا من خلال انتفاضته تعاطفاً عالميا من أكثر بلدان العالم، (بالتأكيد ما عدا أشقاءنا في الدول العربية الذين صمّوا أذانهم، وأغمضوا أعينهم في تلك الفترة عن ما يحدث في الأحواز، كأن شيئا لم يحدث). وتطرقت وسائل الإعلام العالمية الى أحداث الأحواز، ونقلت وكالات أنباء جميع الدول أخبار انتفاضة شعبنا. وبات العالم يتسائل عن ما يحدث في هذه البقعة من الأرض وعن هوية الناس المنتفضين. وبدأ المحللين يتطرقون الى تاريخ الأحواز وعرّج البعض منهم الى مجزرة المحمرة ونضال أهلنا في هذه المدينة الباسلة. حتى النشطاء الأحوازيين في خارج البلاد انبهروا من هذا الإنجاز ومن هذا التطور والنقلة النوعية في وسط الشارع الأحوازي.
ومن جانب آخر، انتفاضة 15 نيسان، جعلت العدو يرتبك ويحتار في كيفية السيطرة على حالة الغليان في الشارع الأحوازي. لذلك جلب خبراءه من عاصمته وجاء بالخونة من امثال “شمخاني” لكي يهدئ الأوضاع، لكن الشعب تعدى هذه المراحل وردّ عليهم بما كان يليق بهم.
استمرت انتفاضة 15 نيسان 2005 لمدة ثلاثة أسابيع ولكن تبعات الإنتفاضة والهزات الإرتدادية كانت مستمرة لعدة أشهر. ومن أهم الإنجازات الهائلة التي أتت بها الانتفاضة، هو كسر حاجز الخوف. فعلى الرغم من محاصرة الأحياء والمدن العربية من قبل القوات العسكرية الإيرانية، كانت الكثير من هذه الأحياء تشهد خروج مجموعات صغيرة من الشباب الأحوازي في مظاهرات مصغرة يرفعون هتافات وشعارات وطنية واستمرت هذه الحالة حتى بلغت ذروتها في عيد الفطر الذي سطّر فيه أبناء شعبنا، خاصة جيل الشباب، أروع مظاهرة سلمية في تاريخ الأحواز التي امتدت من حي الثورة الى حي الشعلة في الجانب الآخر من نهر كارون. كان المتظاهرون يرتدون الملابس العربية الكاملة في حركة رمزية تهدف الى هويتهم العربية، وفي تحد كبير لسلطات الإحتلال الايراني الذي كان يظن ان بامكانه السيطرة على الشعب العربي الاحوازي من خلال القمع والسجن. هذه المسيرة التي عُرفت بالإنتفاضة البيضاء كانت من أروع النتائج الإيجابية التي حصدها شعبنا من انتفاضته في 15 نيسان 2005.
وبينما كان شعبنا يجني ثمار انتفاضته المباركة اذ بنا نشهد تفجيرات في مناطق مختلفة من الأحواز، والتي راح ضحيتها عدد من المدنيين غالبيتهم من العرب. في بداية الأمر توجهت أصابع الإتهام الى النظام الإيراني من قبل غالبية النشطاء في داخل الوطن، ظنا منهم أنه يريد أن يخلط الأوراق ويخلق أجواء بوليسية ليتمكن من السيطرة الكاملة على الشعب. لأنه، حسب أصحاب هذا الرأي، لا يمكن أن يرتكب تنظيم أحوازي مثل هذه الحماقة ويرمي في البحر ما حصل عليه الشعب من نتائج ايجابية. لكننا فوجئنا عند ما سمعنا أن تنظيما أحوازياً يحمل عنوان حركة النضال قام بمثل هذه الأعمال.
وتغيّرت معادلات اصطفاف القوى بين الأحوازيين والنظام الايراني. فبعد ما كسب شعبنا تعاطفا من المجتمع الدولي اذا بنفس المجتمع الدولي الذي ساند شعبنا بالأمس يدين هذه الأعمال ويقف الى جانب النظام الإيراني الذي تحول من مكانة المتهم الظالم الى المدعي المظلوم. فهنالك وجد النظام الايراني الطريق لخلق أجواء أشد بوليسية، وتلفيق التهم المفبركة ضد كل النشطاء ممن اضطلعوا بالأعمال المسلحة وغيرهم من الذين اتخذو من الحراك الجماهيري وسيلة للنضال. فكانت احدى الأساليب التي قام بها النظام الايراني هو زرع عناصر عميلة بين المجموعات التي كانت متحمسة للقيام بالتفجيرات، وحتى قامت بتزويدهم بالمتفجرات والمعدات اللازمة، ومن ثم القاء القبض على المنفذين دون أي مقاومة تذكر. وقد حذّر التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز في عدة بيانات، من بينها بيان رقم 16 الذي أصدره في 2006/1/27 بمناسبة الأحداث التي تلت عيد الأضحى، حذّر من المخاطر والنتائج السلبية التي قد تجلبها هذه التفجيرات لشعبنا ولإنتفاضته. وقد أشار الشهيد محمد شريف النواصري الى خطورة هذه الأعمال في مقال له تحت عنوان ” الأزمة البنيوية والمنهجية للنخب والانتيليجنسيا الأحوازية في انتفاضة نيسان “.
ادعى حبيب نبگان ان حركته قامت بهذه الأعمال لكي تدافع عن الشعب العربي الاحوازي الذي كان يتعرض للتقل والسجن. يسأل المتسائل وهل خوّلك الشعب لكي تدافع عنه بهذا الاسلوب المدمّر لكل ما حصده؟ فان الشعب كان قد اختار استراتيجية المظاهرات السلمية والحراك الجماهيري للدفاع عن نفسه وكان ماض في طريقه، ويحقق النصر تلو الآخر، حتى أتيت أنت وبفعلتك أفسدت كل هذه الإنجازات. نعم لقد صدقت حينما صرّحت أن أعمالكم كانت “مزلزلة”، لكنك أخطاءت موقعية إحداث الزلزال. انها كانت مزلزلة لصفوف المنتفضين من أبناء الشعب العربي الأحوازي حيث جعلتهم عرضة لإتهامات جديدة، وأفسدت الحيوية والنشاط في الشارع الأحوازي الذي بداء يكبر ويكبر شيئاً فشيئا، وأخذ يتطور لكنك خيبت آمالهم بفعلتك الرعناء.
ادعيت انك قمت بهذه الأعمال للدفاع عن الشعب الذي كان يتعرض للقتل والظلم. نتسائل؛ اين كنت عند ما هدّم النظام الايراني بيوت الأحوازيين في منطقة سبيدار في 1999 وحصل حراك جماهيري واعتراضات من قبل أبناء الشعب في تلك الفترة، وواجهها النظام كعادته بقسوة؟ واين كنت عند ما حصلت اعتراضات واحتجاجات في 2001 عند ما قام النظام الايراني بإغلاق مراكز بيع المنتجات الفنية العربية التي اطلق عليها أزلام النظام “ثورة السّيديات”(الـCDات)؟ أين كنت ومجموعتك المقاتلة، حين كانت تسلب أرض العرب ويتم تسليمها الى المهاجرين والشركات التابعة لمشروع قصب السكر وغيرها من الشركات؟.. أين كنت من آلاف المظالم التي أنزلها الاحتلال الايراني بحق الشعب العربي الأحوازي؟.. أين كنت من آلاف الاهداف الاستراتيجية التي لو ضربتها حينها تشل ايران شلل لا مثيل له؟
هناك أسئلة لابد منها؛ كما يعلم الكثيرون ان حبيب نبگان التحق في 2002 بحزب الوفاق في الوقت الذي قد تدنّت مطالبات الوفاق الى أضعف مما تأسست على أساسه في 1998، وقد أعرب حبيب نبگان عن ولائه واخلاصه لمرشد الوفاق في تلك الفترة ابراهيم العامري، وكان أحد أزلامه. نستغرب كيف يثق جمع بشخص قد خان بتعهداته في حزب الوفاق؟ أو كيف يثقون بشخص أقسم أن يكون وفياً لمبادئ حزب الوفاق وفي نفس الوقت يقسم أن يكون وفياً بمبادء حركة النضال؟ وكلنا يعلم أن عمل حزب الوفاق كان يقتصر على المطالبة بحقوق عرب شمال الأحواز (ما يسميها النظام خوزستان) وفق الدستور الإيراني ولم يتبنى الوفاق يوما العمل المسلح. وكما يعلم الجميع ان حركة النضال تبنت العمل العسكري كركيزة اساسية في عملها!. فليوضح الأخوة في حركة النضال أو فليسئلوا أنفسهم عن هذا التناقض في الالتزامات، حيث بفعلته هذه أضر بالنشطاء الذين كانوا يعملون في حزب الوفاق، وأضر بمجموعته الجديدة في نفس الوقت.
ويؤكد جميع النشطاء الأحوازيين على النقلة النوعية التي شكّلتها انتفاضة الخامس عشر من نيسان 2005 الخالدة في مسيرة المقاومة الاحوازية لا سيما من حيث القاعدة البشرية ومسرح العمليات ووسائل المواجهة. فقد استقطبت مختلف شرائح الشعب العربي الاحوازي، الذي يتزايد اعتزازه يوما بعد يوم بإنتفاضته الجماهيرية. وان دلّ هذا الأمر على شئ فانما يدلّ على ان الأغلبية الساحقه من أبناء شعبنا قد اختارت طريق الحراك الجماهيري والشعبي كوسيلة لمقاومة الاحتلال الايراني.
ان ما قامت به مجموعة النضال يختلف تماما عن معنى الكفاح المسلح والحقيقي، فانها باعمالها تلك وجهت بنادقها الى ابناء شعبنا الذين راحوا ضحية أفعالهم. فالمجموعة التي لا تمتلك الحنكة وتعجز عن فهم أبسط الحسابات في تشخيص المصلحة الوطنية، عليها وعلى منتسبيها أن يراجعوا حساباتهم ويراجعو أنفسهم. فان لم يكن لدى الأحوازيين مراجع لمحاسبة المخطئ، نأمل أن تكون لدى البعض منهم ضمائر حية لكي يراجعوا ويحاسبوا أنفسهم، قبل أن يأتي يوم يكون الشعب هو القاضي، فان محكمة الشعب اذا قضت فانها لا تراعي من أفسدوا انتفاضتهم ومن أودو بأرواح شبابهم الى التهلكة.
لابد من الإشارة الى موضوع هام جدا وهو اننا لا نريد أن نطرح موضوع ضرورة الكفاح المسلح عن عدم امكانيته، فهنا ليس مجال هذا الموضوع. بل ما نؤكده هو اننا في التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز نتخذ من الحراك الجماهيري، وسيلة للوصول الى الهدف المنشود. وفي صراعنا مع العدو الإيراني نعتمد على الجماهير الأحوازية، وهي القوة التي نستند اليها في النضال. وهذا لا يعني رفضنا لسائر الأساليب ولكن نطرح هنا حالة خاصة ونموذجاً عينياً، الذي حدث في فترة ليست ببعيدة في الشارع الأحوازي. فنرى من الضروري نقدها وكشف خفاياها وعلى القائمين عليها أن يتحملوا مسؤولية الأعمال التي قاموا بها، والنتائج المترتبة عليها. وأن لا يظنوا انهم بامكانهم من خلال استخدام الكلمات المطنطة ان يضحكوا على الذقون، فان أبناء شعبنا أكثر فطنة من أن يتمكن أحد من المتاجرة بانجازاتهم ومصادرة أعمالهم. وسكوتهم خلال العشر سنوات الماضية لا يعني غباء منهم، بل كانوا يأملون أن يعتبر الذين يسيرون باتجاه معاكس لمصالح شعبهم وقضيتهم، وأن يرجعوا الى طريق الصواب.
التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز- القسم السياسي