على الرغم من الطابع الحقود و المنحى الفاشي الذي يتسم به نظام ولاية الفقيه، فإنه و الحق يقال، يلتزم بخصلة واحدة و يواظب على الالتزام بها وهي المساواة في تنفيذ أحکام الاعدام بجميع أبناء الشعب الايراني، سواءا کانوا أحوازيين أم بلوش أو أکراد او فرسا او ترکمانا او مسيحيين او يهودا، فهو مهووس بالقتل و الابادة و من دون ممارساتها و التوسل بها، يعتقد بأنه سيتعرض للسقوط.
نظام ولاية الفقيه الذي يعتبر محترفا و بارعا في إستخدام کل أساليب و وسائل القمع و الابادة و إقصاء الاخرين او قتلهم بطرق مختلفة، يحاول جاهدا إستخدام التبريرات و المسوغات اللازمة من أجل إضفاء الشرعية على مايقوم به من إعدام و قمع و تعذيب و مصادرة للحريات، وکأنه يريد أن يفهم العالم الاسلامي عموما و الشعب الايراني خصوصا ان الدين هو العقوبة و القصاص و القتل و الشنق، ويتناسى و يتجاهل أن الاسلام يهتم بهداية الانسان و تنويره عقلانيا و منطقيا بالاسلام کمنهج و کفکر و کرسالة للوجود، ذلك أننا عندما نطالع الحديث الشريف للرسول الاکرم”ص” و الذي يقول فيه: “لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس. “، فهنا يطرح قائدنا و معلمنا و ملهمنا”ص”، الاسلام کرسالة هداية و تنوير و ليس أداة او وسيلة للترويع و الارهاب و القتل کما انه رسالة حب و تسامح و عطف إنساني أيضا فقد نقل عن الامام الصادق”ع” قوله:”الدين هو الحب و الحب هو الدين”.
مايجري في إيران من حملات منظمة للإعدامات و التي کان أخيرها و ليس آخرها إعدام المعارض الايراني غلام رضا خسروي سواد جاني، يتعمد نظام ولاية الفقيه عبثا و دون طائل رمي تهمة”المحاربة” سيئة الصيت على کل معارض إيراني للنظام، وکما نعلم أن المحاربة بمعناها و عمقها الديني، لايمکن أبدا أن تکون بهذا الشکل القاسي و اللاإنساني، لأن الاسلام لو حمل هکذا نفسا و روحا لما عاشت کل هذه الامم و الملل و الاقوام و الاطياف الى جانب بعضها في عالمنا الاسلامي الکبير، ولما کان هنالك أدباء و مفکرين و فلاسفة و مفسرين و مراجع عظام في کل أرجاء العالم الاسلامي، ولهذا فإن تصفية المعارضين للنظام بإلصاق تهمة”المحاربة”، بهم انما هو تعمد مع سبق الاصرار في قتلهم من دون عذر شرعي وان الآية 93 من سورة النساء صريحة و تنطبق عل هذه الحالة عندما يقول أصدق القائلين في محکم کتابه المبين:” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما”.
تصاعد الاعدامات في إيران ولاسيما منذ مجئ الرئيس الحالي الحالي روحاني، تضع أولا أکثر من علامة إستفهام على مزاعم الاصلاح و الاعتدال المزعومة،
ولايبدو أن نظام ولاية الفقيه يريد أن يقلل او يحدد من حملات الاعدامات وانما هي في تصاعد مستمر، مما يثبت حقيقتين بالغتي الاهمية وهما:
اولاـ رفض الشعب الايراني بمختلف أعراقه و أديانه و طوائفه و شرائحه و طبقاته لنظام ولاية الفقيه و مقاومته، مما يدفع بالنظام للتوسل بالاعدامات في سبيل إرعاب الشعب و ثنيه عن السير في طريق الحرية.
ثانياـ إستمرار نهج الاعدامات، يبين بأن النظام يبقى مصرا على أن خيار إستخدام القوة هو الخيار الاهم و الابقى لديه في مواجهة الاوضاع.
اننا من موقعنا کمرجعية اسلامية عربية، نوجه دعوتنا للسادة علماء الدين الافاضل من المذهبين، وکذلك الى رجال الدين المسيحيين أيضا بعدم جواز السکوت على هذه الاعدامات الظالمة التي تفتك و تحصد بأرواح أبناء الشعب الايراني و ندعوهم لإتخاذ موقف يتفق مع روح و مبادئ ديننا الحنيف و بعيدا عن أي إستغلال خاص له.
کما اننا ندعو أبناء الشعب الايراني الکريم الى عدم السماح لهذا النظام القمعي بالتجاوز عليه أکثر من هذا، وان سکوته يعني أن ينتظر دوره، ومن يدري فإن عجلة الاعدام الدائرة للنظام قد تأتي تأتي على أبيه او أخيه او ابنه و هکذا دواليك، وعلى الشعب الايراني النبيل أن يعرف بأن النظام يراهن على خوف الشعب و توجسه من الاعدامات و القمع، لکنه لو تحرك خطوة للأمام فإن النظام سيضطر أن يتراجع خطوة الى الوراء و على هذا المنوال فإنه بالامکان ردع النظام و لجمه و إيقافه عند حده.
ونوجه ندائنا لمنظمة الامم المتحدة و الاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة الامريکية و للمنظمات و الهيئات التجمعات المعنية بحقوق الانسان، بأنه تقع عليهم مسؤولية قانونية و انسانية و اخلاقية کبرى کي يبذلوا جهودهم من أجل وقف الاعدامات ذات الطابع السياسي بشکل خاص، وعليهم أن يعلموا بأن سکوتهم يعني للعالم کله موافقتهم و مسايرتهم للنظام الايراني، والاخير يقوم بإستغلال ذلك أبشع إستغلال من أجل ممارسة المزيد من الاعدامات و القمع و الاضطهاد بکل أنواعه.
کتب: محمد علي الحسيني، رئيس المجلس الاسلامي العربي في لبنان. نقلا عن موقع ایلاف.