سرعة أعمار عبادان-مخزون مجلة لغة العرب،حزيران 1912م
الشيخ خزعل
هذا المقال (أدناه)والذي يعود تاريخ نشره لشهر حزيران من عام 1912م في مخزون مجلة لغة العرب ،من صفحة 13 إلی صفحة 17،يحكي لنا عن بدايات الأعمار في ميناء عبدان (عبادان) بعد استكشاف واستخراج النفط في شمال الاحواز وكان هذا العهد هو عهد الامير الشيخ خزعل بن جابر(1897-1925) آخر امير عربي حكم الاحواز.وبالاضافة الى مدينة عبدان كونها ميناء نفطية وكانت الشركات الانجليزية في طور تدشين اكبر مصفاة لتكرير النفط في هذه المدينة (1916)،شهدت باقي المدن الاحوازية حركة نشطة من العمران والتطور وهي الفترة التي توافدت الوفود العربية علىالمحمرة و منها الكاتب والمؤرخ العربي عبدالمسيح الانطاكي الذي كانت له صداقة مع الامير الشيخ خزعل و بعد ما شاهد حركة العمران في الاحواز قام بنشر صحيفة ورقية بهذا الاسم(العمران) في مصر مخصصة لنقل أخبار حركة العمران في الاحواز والكويت.
كاتب هذا المقال تسلل الى ميناء عبادان المراقب بشدة من قبل شركات النفط البريطانية وتمكن من مشاهدة الاوضاع العمرانية هناك و مراقبتها،فكانت المدينة تحت الحراسة المشددة لم يسمح لدخول الاجانب فيها خوفا من نفوذ مخبرين ومخربين تابعين للدولة العثمانية التي كانت تعد المنافس الأول للانجليز في المنطقة حتى الحرب العالمية الأولى،حيث تمكنت الدول الغربية من القضاء على الدولة العثمانية عام 1919م وتقسيم تركتها.
اطلع الکثيرون علی مقالتنا التي ادرجناها في الجزء الرابع من السنة الأولی من لغة العرب فنقلتها بعض الجرائد الشامية و المصرية و ترجمتها أيضاً بعض الصحف و المجلات الإفرنجية . ثم طلب الينا بعض القرأء ان نزيدهم علماً فيما حدث بعد تلک المقالة . و أي مبلغ بلغ عمران تلک المدينة الحديثة ، و هل نبع الزيت الحجري أم لا ، و کم يبلغ مقداره في اليوم . فالقينا هذا السؤال علی أحد مخبرينا أبناء العرب النبهاء فکتب الينا ما يأتي :
ان اقتراحکم علي صعب التحقيق ، و السبب هو : لأن الإنکليز أصحاب الأمر في عبادان يمنعون منعاً باتاً کل من يريد دخولها من اجانب و وطنيين من نقلة الأخبار . فقد حاول الدخول خمسة من الإنکليز قبل شهرين فردوا علی اعقابهم خائبين لا يلوون علی شئ . وحاول آخرون رشو بعض الحراس فلم يفلحوا و عادوا بخفی حنين . و لهذا اصبح الوقوف علی مايجري هناک اعز من جبهة الأسد .
عبادان في زمن الحكم العربي
علی أن الدخول مباح لکل رجل أمي لايحسن القراءة و الکتابة أو بيده رخصة من مدير محل ستريک سکوت و شرکائهما في المحمرة و بالإنکليزية :
Strick scot and co . ltd , mohammerah . …… gulf
و اما الموظفون او المشتغلون باشغال المدينة و عمرانها علی نفقة الشرکة فهؤلاء يدخلون و يخرجون متی يشاؤون . ولاحق لهم ان يکتبوا شيئًا أو يبوحوا بسر من الأسرار عمران الحاضرة ان کتابة و ان مشفاهة . و اذا کان الموظفون من الانکليز فهم يبدلون مرة في کل ثلاثة اعوام . و اذا رجعوا الی اوطانهم و خرجوا من وظائف الشرکة لا يجوز لهم نشر شئ مما علموه . و الا تقام عليهم الدعوی و يحاکمون . اما انا فقد نکرت زيي و دخلت المدينة دخول عامل أمي يطلب رزقه بعرق جبينه فکانت هذه الواسطُة سبب نجاحي و فوزي بمرامي .
و بعد هذا التمهيد اقول ان ادوات المسرة (التلفون ) و الابراق (التلغراف) قد تمت اليوم ، و قد ربطت بها جميع المقامات و المراکز و المدن التي فيها محلات او اشغال الشرکة . و زيادة علی ذلک تنور اليوم تلک الحاضرة الجديدة بالکهربائية البديعة الضياء حتی ان الليل فيها يشبه النهار .
و لا تظن ان العمران اليوم قد بلغ اقصاه هناک و لم يبغی مجال للإيقال فيه ، بل بالعکس فإن البواخر البحرية لا زالت تتردد اليها و تنقل انواع الأدوات و العروض و البضائع و الأموال ، منها للبناء ، و منها للبيع ، و بعضها للاتجار ، و غيرها طلب لرغد و رفاهية المتوظفين و جميع الإنجليز الموجودين هناک .
ومن جملة ما نقلته البواخر البحرية الأخيرة قطع من الحديد تدخل في الأبنية و في ترکيب الآلات الضخمة الراجعة الی معامل الزيت الحجري و تصفيته و ترويقه الخ . و منها مراجل او خلاقين من حديد هائلة العظم وزن کل اثنين منها 31 طناً و عددها 30 مرجلاً فيکون وزنها جميعاً 930 طناً . و قد ادخلوا في عبادان جميع مستحدثات الحضارة حتی المطيرة
و أوّل من رکبها و. طار بها المستر ريتشي و بعد ان حلّق بها لم يحسن تسيير آلتها المحرکة ، فهوت به فجأةالی الأرض و أوثی
، الا ان راکبها لم يصب بأذی و قد کتب فجلب مطيرة ثانية بدلاً من الأولی فنجح في سعيه .
و اما مقدار النفط او الزيت الحجري الذي ينبع من الأرض ، و يستخرج من منبعه فلا يعرف علی التحقيق ، لأن الباخره « سلطان فان کويتي » التي رست في عبادان في شهر أيار شحنت ثلاثة آلاف طن من هذا السائل في يوم واحد ، و کان الشحن علی هذا الوجه و هو : ترکب أنبوبة تجمع بين منبع النفط و داخل الباخرة فکان السائل يجري جرياناً متصلاً الی أن أخذت الباخرة ما يمکنها حمله فاقلمت في اليوم عينه متجهة نحو جاوة .
ثم جائتها في ذلک الشهر باخرة منهلا و شحنت الف طن من النفط ( وهو الزيت الحجري قبل دن يصفی ) و نقلته إلی رانکون في الهند . ثم أقبلت بعدها باخرة( جلنار ) من سفن شرکة لنج التي تسير علی دجلة من البصرة إلی بغداد و نقلت مرتين 107 براميا ضخمة من هذا النفط ثم جائت عدة سفن شراعية لتزود مايحتاج اليه ( جلنار ) من هذه المادة .
و اذا اردت ان تعلم الآن ما هناک من الأبنية و المعاهد التي أقيمت لاستخراج النفط و الزيت الحجري و ما جلب له من الأدوات و السفن و الآلات و ماهيئ له من المعدات ، فدونک أسماء ها بالعربية و الإنکليزية :
عبادان في زمن الحكم العربي
Abadan phpe line أنابيب يجري فيها النفط
Bargos دوبتان (الدوبة بلسان العراق الجنيب عند الصفحاء )
Benche N 1,2,3 محل للمراجل أو الخلاقين الکبيرة 1 ، 2 ، 3
Bnch 3 pump House محل للمراجل مع منزفة
Bongalow قصر
Burning Oil pefinery محل لتصفية زيت الاستصباح
B.O.R. Pump House محل لتصفية زيت الاستصباح مع دار فيها منزفة
Carpenters Shop دکاکين متعددة للنجارين
Clerks Quartersمحلّات للکتاب
Crude Oil Pump House دار فيها منزفة للزيت غير المصفی
Dispensaryمستوصف
Donkey Engineقويطرة ( قاطرة صغيرة )
Drawing Office ديوان التصوير و الرسم
Electricمحلات للکهربائية
Ex-Distrib.plantمحلات لتصفية النفط
Foundryمسبک
General officeديوان للإشغال العمومية
General stores chargesمخازن الحمل
Hospitalمستشفی أو مارستان
Ice Plantمعمل للثلج
Jettyمسناة
Jetty Reclamationحاجات المسناة
Laboratoryمختبر
Lanch and Boat Chargesبواخر صغيرة و سفن للنقل
Locomotiveقاطرة
Loeo – shedمحل للقاطرة
Oil bargeدوبة ( جنيبة ) للزيت
Oil loading Pump Houseمحل لجر الزيت من دار المزفة
Power Distributionمنبعث القوی البخارية
Power Stationمنبعث القوی الکهربائية
Railwayسکة حديدية
Soda houseمعمل للصودا
Stableمربط ( اسطبل أو آخور(
Stores Godownأنابير کبار عديدة
Tank C.1,C.2,C.3,C.4اربعة أحواض کبار
Tank R.4,R.5,R.6,R.7,R.S.خمسة أحواض کبار أخری
Telephoneمسرة ( تلفون (
Temporary Water Service مفاض ماء ( وهو بناء موقت (
Tin shed معمل لصناديق الصفيح ( التنک (
Water Serviceمفاض الماء
Work shopدکاکين و محلات للشغل
و اما ميناء عبادان فقد أصبح من أحسن موانئ الخليج و آمنها و الآن لا يدع الإنکليز أن يرسو فيه الا البواخر التي تنقل إلی عبادان مايفيد اشغالها الخاصة بالزيت الحجري و بالعملة الذين يشتغلون به ، فقد جاءها في شهر شباط مرکب غريکوي و قد نقل حدائد ترکب منها دوبة ( جنيبة ) حملها الف طن و قد رکبت قطعها في عبادان .
و جاء ها في شهر آذار مرکب (أداليا)و کان قد نقل اليها مائتي الف صندوق خشب للنفط .
و جاء ها في ذلک الشهر أيضاً مرکب ( کنغسيغت )و کان محموله عشرين الف صندوق صفيح ( تنک) و في کل صندوق عشر قطع من الصفيح .
و رسا فيها في شهر نيسان مرکب (ماشونا) و کان مشحونه قطع حديد لدوبة کبيرة محمولها خمسمائة طن مع ستمائة صندوق من الحامض الکبريتي ( دهن الکبريت ) و کان مرکب منهلا قد حمل اليها ايضاً 1372 صندوقاً من هذه المادة .
هذا اهم ما يقال في سرعة عمران عبادان و لاريب في أنها لاتقف عند هذا الحد ، بل تسير سيراً حثيثاً فيه ، و لا يمضي عليها عشرة أعوام حتی تعد من أعظم مدن العراق و الخليج .فسبحان مالک الملک الذي يؤتيه من يشاء و هو الحي الباقي السرمدي .