ما الذي يعنيه الاحتفاء بيوم المرأة العالمي في زمن تواجه فيه المرأة العربية في الأحواز(عربستان) أشد أنواع الاضطهاد العرقي والاجتماعي؟ الحقيقة لا استطيع احصاء ذلك،حيث الاضطهاد الاجتماعي في المجتمع الاحوازي تجاه المرأة ماهو الا نتيجة غياب السلطة الوطنية ومؤسساتها على الارض وهذا ماخلفه الاحتلال الايراني ويتجلى اليوم بألاظطهاد العرقي.
يبدو المشهد بدون أرقام أو إحصائيات ، وللعين المجردة ، مأساوياً بامتياز. بلد بأكمله ، مجتمع، وفئات وهوامش تطحن كل.يوم ، المال الأحوازي المسروق و النفط تعيش به طهران واصفهان وشيراز والمدن الفارسية كما تستخدم هذه الاموال المسروقة من أجل تكريس السلطة الفارسية في الاحواز والتمدد الفارسي على حساب العالم العربي.
تبقى حينها الاستاذة فهمية البدوي (الأم الأحوازية) خلف القضبان كي تولد لها عقيلتها سلسبيل، و سائر أرامل الشهداء الاحوازيين ونساء الأسرا وبناتهم تبقى حياتهن لاتوازي حياة بنات الليالي في المدن الفارسية.
سئلت سلسبيل ماذا تحبي اقدم لك في يوم المرأة؟ رفعت رأسها و هي تمشط شعرها بأصابعها الناعمة وبنظرة طفولية بريئة حدقت حينها في عيناي وقالت: أريد أبي!
الان أريد اسمعه وهو يردد على لسانه كما كان يردد من كلمات نزار قباني ويخاطب أرض الوطن حين أنا كنت في رحم أمي قائلا: أعرف أن هواك إنتحار! .. أعرف أني في غابات حبك وحدي أحارب..!
بكيت حينها حيث أرى التحولات على الساحة الدولية والايرانية ليست متكافئة وما يملكه الانسان
الأحوازي لادارة الصراع غير المتكافيء اساسا للحفاظ على ماتبقى من هويته الوطنية والقومية.
وفي المقابل نرى في المخيم السياسي الاحوازي غيبوبات تسقط العقول لتراجع الهوية الوطنية والقومية.
تعاني سلسبيل وسائر الحرائر في الاحواز ومنذ 9 عقود من اضطهاد ممنهج من قبل الدولة الفارسية.
كما تعاني المرأة العربية في الوطن العربي المحتل وعلى وجه الخصوص في فلسطين وكذلك المراة التي تعيش نوع جديد من الاحتلال الداخلي كما يحدث في سوريا اليوم.
لكن للأحواز حديث أخر حيث ترزح تحت وطأة احتلال عنصري معادي لكل ما يمت للعرب والعروبة.
أن مأساوية الأوضاع في فلسطين وسوريا واضحة للعيان وكل ذلك الثمن الفادح الذي تدفعه المرأة في هذه البلدان لا يمكن قياسه بالأرقام والإحصائيات مقارنة بما يحدث في الأحواز.
اتسائل هنا ومن سائر القوى الوطنية الاحوازية:
فما الذي نفعله تجاه مايحدث من اضطهاد عرقي وإجتماعي لمناصرة المراة الاحوازية؟ وهل يمكن لنا أن نخطو تجاه التكافل والتراحم بخطوات أكبر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإسعاف ما يمكن إسعافه؟
ظاهرة التطرف والتعصب االقبلي الداعي للانغلاق الاجتماعي والفكري المدعومة من قبل سلطة الاحتلال قد تجاوزت اليوم الأحزاب السياسية في المنفى ويبدو أن وصلت إلى صلب المجتمع مهددة السلامة الفكرية والجسدية في أحيان كثيرة.
فمن التعصبات القبلية والتفريق إلى النزعة الفئوية ومن المبالغة في الطهر السياسي إلى المصادرة الفكرية لمشروع حق تقرير المصير للشعب العربي في الاحواز التي تصل إلى درجات من التكفير السياسي يراقفها السب و القذف في حق من أختلف معنا أو اختلفنا معه بفكرة معينة.
كل هذا يدعو إلى التراجع تحت طائلة الخوف ، والركون إلى السائد بدلاً من الاجتهاد والتأويل الفيسبوكي والتنظير البالتوكي ، كما أنه يفرز ظواهرانفصام الشخصية على نطاق المجتمع يكون الظاهر فيها مغايراً للباطن.
ظاهرة التحلل والضياع الاجتماعي والانحراف نتيجة اللجوء الى المنفى، وحالة الانغلاق في زمن علمنة المعلومات والهيمنة القبلية والفئوية في زمن الكونية قد خلقت بالمقابل ظواهر تكرس للنفاق والابتعاد عن مشروع التحرر من الاحتلال بصورة غير مسبوقة.
وقد خلق ذلك في المجال الاعلامي الاحوازي بالتحديد نماذج لاتبشر بالخير وتكرس التسطيح في التحليل عما يحدث في الاحواز منفردين حينها في الظهور على الساحة الاعلامية لكسب المال .
أشكوا حالي باكياً اليوم في يوم المرأة العالمي لسلسبيل وهي تكتمل الحديث معي قائلة: وأريد حينها أغني لأبي وأردد نفس الكلمات التي كان يرددها الأب على لسانه وأزيدها: يامن دفعت بحبك نصف حياتي!… أنا لا احبك من أجل شال حرير وعطراً مثير ولكن أحبك حتى أؤكد ذاتي.
ولدت سلسبيل من أم وأب مناضلين عربيين أحوازيين وكبرت وتعرفت على السجون منذ أول صرختها بعد أن حلت على السجن ضيفة من رحم أمها وهي محكومة بعقوبة ذنب لايغفر وماهو الا عروبة الانسان على ارض الاحواز وقدمت أبيها المهندس علي المطوري شهيداً من أجل كرامة المواطن الاحوازي وكذلك أمها الاستاذة فهمية البدوي أسيرة حتى نصل أنا وأنتم الى بر الأمان وننعم ما ينعم به المواطن الاروبي والامريكي والكندي والاسترالي وذلك الاف الاميال بعيدا عن الاحواز.
هكذا تتمنى وهكذا تعتقد سلسبيل وهكذا تريد ان تثبت ذاتها وتقول أنها تبقى مخلصة للوطن..أين أنتم ايها الاهوازيين والعربستانيين والاحوازيين عما تفكر به سلسبيل؟
كم قريبين أنتم من تفكير سلسبيل وصلابتها و استقامتها على استرجاع الحق المنزوع من المواطن الأحوازي طيلة مايقارب الـ9 عقود؟
أين أنتم عما يحدث في مجتمعنا من اضطهاد الاجتماعي وسياسي تجاه المواطنة العربية في الاحواز؟
أين أنتم من اتخاذ قرار وطني واسع النطاق لفسح المجال لمساهمة المراة الاحوازية في العمل المؤسساتي في الداخل والمنفى ولماذا كل هذا الصمت المريب تجاه مايخص المرأة الاحوازية؟
و اتسائل اخيرا وليس اخراً هل يمكن تحرير الانسان والارض طالما هناك أكبر شريحة من مجتمعنا المغلوب على امره تبقى اسيرة العرف والعنف القبلي والاضطهاد العرقي الممنهج على يد ازلام الدولة الفارسية؟
هل نستطيع الوصول الى درجة من الايمان الذي وصل له المهندس الشهيد علي المطوري حيث رد وبصلابة على محققين الاستخبارات الفارسية التي لاتقل في ممارساتها القمعية بشيء عن استخبارات هتلر،حيث قال الشهيد علي المطوري وبإيمان يقل نظيره مخاطباً المحققين الفرس قائلا: أننا نعرف منتهى المطاف مسبقاً.. أننا وصلنا الى القمة!..نعم..وصل الشهيد علي المطوري الى القمة واليوم وصلت عقيلته سلسبيل الى قمة الايمان بحقوقها ايضاً.
أين نحن عما وصلت له سلسبيل التي يجب ان تعيش طفولتها ولكن شاء القدر أن تجتاز مرحلة الطفولة.
أرى أن الكثير منا يسجن بنته و زوجته وأخته في مغارة ما كي لا يعلو صوتها و المضحك المبكي هنا نريد أن نحرر وطن بأكمله!
ويبقى الشهيد علي المطوري يحارب وحده ولايزال يردد تلك الكلمات: أعرف أن هواك إنتحار! .. أعرف أني في غابات حبك وحدي أحارب …و ترد عليه سلسبيل بشجن طفولي
: يامن دفعت بحبك نصف حياتي!… أنا لا احبك من أجل شال حرير وعطراً مثير ولكن أحبك حتى أؤكد ذاتي…
لاتريد منا سلسبيل عطرا مثير و لاثوب فاخر ماتريده اليوم في الـ 8 من مارس أن نكون على قدر المسؤولية!