شاهد على مجزرة المحمرة
عدد الاعدامات بعيد مجزرة الاربعاء السوداء أكبر بكثير من شهداء انتفاضة 2005
موقع بادماز: روى السيد طاهر حلمى زاده احد مؤسسي المركز الثقافي العربي في المحمرة عام 1979، تفاصيل احداث المحمرة في نهاية مايو 1979. هذا الحوار سينشر في قسمين.
اجرى الحوار: مهدي الهاشمي
القسم الاول:
حدثت مجزرة الاربعاء السوداء في التاسع من مايو 1979 في مدينة المحمرة راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين العرب هناك حيث قتل العديد من السكان العرب في المدينة. مجزرة الاربعاء السوداء التي ارتكبتها قوى دولة الاحتلال الفارسي بقيادة الجزار الاميرال احمد مدني قائد القوة البحرية الايرانية والحاكم العسكري في الاحواز انذك تعد حدث أليم في تاريخ نضال الشعب العربي الاحوازي ومواصلته بالكفاح ضد دولة الاحتلال الايراني.
نقرأ هنا شهادة شاهد عيان عاش وعاصر ذلك الحدث الا وهو “طاهر حلمي” من مواليد وسكان مدينة المحمرة حيث كان في إبان ثورة 1979 ضد النظام الملكي ضمن مجموعات عربية تعمل وتواصل النضال السلمي لتحقيق حق تقرير المصير للشعب العربي الاحوازي.
يعيش طاهر حلمي مع اسرته في السويد كلاجيء سياسي.
في مدخل الى مجرزة الاربعاء السوداء نسئل الشاهد: ان تشرح لنا فترة ماقبل الثورة الايرانية عام 1979، وتبين لنا القوى السياسية الفاعلة في تلك الفترة وصولا الى احداث الاربعاء السوداء؟
ماهي القوى السياسية والثقافية الفاعلة قبل وبعد الثورة؟ ماهو دور الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني وماهي اسباب تحوله الى شخصية محورية في الحراك العربي أنذاك؟
فترة ثورة الشعوب في عام 1978 الى 1979:
قبل الثورة وتحديدا بعد اتفاقية الجزائر بين ايران والعراق في عام 1975، تم انحلال جبهة تحرير الاحواز في العراق،وعلى اثر هذا الحدث ترك العديد من اعضاء هذه الجبهة وكما اعضاء الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز في العراق انتقلوا الى سورية واليمن وبلدان عربية اخرى. كما رجع عددا من هؤلاء المناضلين الى الاحواز واستشهد جميعهم في “معركة مشداخ” مع قوات الجيش الايراني.
بعد انتصار الثورة رجع العديد من المناضلين الاحوازيين ممن يحملون الافكار القومية او اليسارية الماركسية وشاركوا في الحراك السياسي في الاحواز. اعلنت الجبهة الشعبية في سوريا انحلالها والتحقلت بالحراك السياسي العربي في الداخل بقيادة “سعيد ابوعرب”.
شارك الشعب العربي في اقليمنا العربي كسائر الشعوب في ايران وتظاهر ضد نظام الشاه بمدن عدة. كما لعب العمال العرب عبر الاعتصامات دورا هاما في ايقاف العجلة الاقتصادية للنظام. اعتصامات عمال شركة النفط في عبادان والمراسي والشركات الاخرى في المدن الاخرى كان لها دورا هاما في هذه الفترة في بلورة الحراك السياسي.
كما كان للشيخ محمد شبير الخاقاني في قيادة الحراك الشعبي والمسيرات الاحتجاجية ضد نظام شاه دورا هاما في هذه المرحلة كذلك.
الشيخ شبيرالخاقاني هو المرجع التقليد الشيعي العربي الوحيد في ايران. الشيخ كان من مدرسي الخميني في حوزة النجف وكان على اتصال بالخميني عندما كان في المهجر. ساند الشيخ الخاقاني الخميني عبر اعطاء المال واتفق معه على اعطاء حقوق الشعب العربي في حال وصول الخميني الى سدة الحكم.
الشيخ الخاقاني كان يحمل روحا انسانية عالية وكان يخالف الظلم والاعتداء على حقوق الشعب. كان يواجه التهور من اي جهة كانت ويرفض اي تصرف غيرانساني مع غيرالعرب من السكان في المحمرة. كما كان واعيا ومؤمنا بحقوق الشعب العربي في الاقليم.
بعد انتصار الثورة، خرج عددا من السجناء الاحوازيين ممن كانوا يحملون التوجه القومي من سجون السافاك الايراني و التحقوا بالحركة السياسية العربية. هؤلاء كانوا قد امضوا سنين عديدة في السجون مما سنحت لهم الفرصة للتعرف على شخصيات بارزة من قوى اليسار الايراني وتأثروا بافكارهم واسلوبهم السياسي بحيث عندما خرجوا من السجون كانوا على درجة عالية من الوعي بفكرة مسايرة الشعب وما تملي عليهم الظروف الموضوعية.
فأما التنظيمات التي تأسست في اقليمنا العربي اولها “الجبهة السياسية” التي تأسست في مدينة المحمرة. بعد فترة وجيزة من تأسيسها تم تغيير اسمها الى “المنظمة السياسية للشعب العربي”. هذه المنظمة كانت تضم شيوخ القبائل وعددا من المناضلين القوميين.
بعدها بأقل من عشيرين يوما تأسس “المركز الثقافي للشعب العربي” على يد طاهر حلمي زاده وسيد محمد العبودي وعبدالوهاب الخانجي وسيد عباس عبدالحسن الهاشمي وعامر عبدالحسين النجار.
كان المؤسسون للمركز يمحلون التوجه القومي أو الماركسي. كما يمكن ذكر الشهيد توفيق راشد وكوثر آل علي من ضمن نشطاء هذا المركز الثقافي. المنهج المتسامح الذي اتخذه المؤسسين تسبب في انضمام العديد من الشخصيات العربية من ذوي توجهات يسارية، قومية وحتى اسلامية.
في مانفست هذا المركز تم التركيز على اهمية العمل الثقافي والسعي لاصلاح التخلف الثقافي والاجتماعي اللاتي لحقا بالمجتمع الاحوازي اثر عقود من الاهمال من قبل الدولة المركزية. تم اقامة مهرجان تأسيسي لهذا المركز وحضر في هذا المهرجان شيخ سلمان الخاقاني من اقرباء الخاقاني و اهدى عدة كتب للمركز.
بدأ المثقفون العرب بالنشاط الثقافي وباشروا بتدريس اللغة العربية ونشاطات ثقافية اخرى. دارت الحوارات مابين القوى السياسية من مختلف المشارب السياسية في هذا المركز. بدأت الحوارات بين القوميين واليساريين العرب من جهة وفدائيي الشعب وطريق العامل و حزب توده ومجاهدي خلق الايرانية. كانت الحوارات تجري باللغات العربية والفارسية.
تأسست فروع اخرى للمركز الثقافي للشعب العربي في مدن اخرى. فتأسس فرع الفلاحية على يد اليساريين والماركسيين المهجرين العائدين الى الوطن. بعدها تأسس فرع للمنظمة السياسية للشعب العربي في عبادان لكن نتيجة الحوارات التي جرت بين المثقفين والمؤسسين لهذا الفرع، قد تم تغيير اسمه واصبح فرعا للمركز الثقافي للشعب العربي. تأسس بعد ذلك فرع المركز الثقافي في الاحواز.
ولعبوا المهجرين العائدين للوطن من امثال سعيد عباس بور، جابر احمد وعيدي صياحي و هاشم طرفي و عدنان سلمان و اخرين لعبوا دورا هاما في تشديد الحراك السياسي وتأسيس المركز الثقافي في هذه المدينة. بدء النشاط في مدينة الاحواز من حي لشكرأباد (النهضة) حيث شارك ابناء هذا الحي العربي في عدة مظاهرات قبل وبعد الثورة. لكن قلة الوعي القومي السياسي في هذه المدينة واستغلال المشاعر المذهبية من قبل الحاكم العسكري للاقليم الادميرال احمد مدني عبر تاسيس مركز الثقافي الاسلامي للشيخ الكرمي، تسبب في خطف الدور المحتمل الذي كان من الممكن ان تقوم به شريحة الشباب في لشكرأباد والاحياء العربية الاخرى في مدينة الاحواز.
بالنسبة لتسمية اقليمنا العربي يجب ان اقول بان تسميتين كانت رائجة أنذاك، وهما عربستان والاحواز. تسمية الاهواز اول ماجاء بها هو الاخوة في حزب التضامن كم سنة قبل.
من التنظيمات الاخرى التي برزت في تلك الآونة ممكن ذكر؛ “الحركة الجماهيرية للشعب العربي” هي التنظيم السري الوحيد الذي تأسس على يد القوميين العائدين للوطن من العراق. هؤلاء كانوا بقايا جبهة تحرير الاحواز في العراق التي تم انحلالها بعد اتفاقية الجزائر بين ايران والعراق. العديد من اعضاء جبهة التحرير تركوا العراق الى البلدان العربية الاخرى اثر اثفاقية الجزائر كما ذكرت سلفاً وعمل هذا التنظيم برز بشكل كتابة شعارات على الجدران في مدن عدة في الاقليم، من ضمن هذه الشعارات كانت هي:
عاشت عربستان، تحيا عربستان و….
و”الجبهة الاسلامية” هو التنظيم ذا توجه اسلامي وتأسس في المحمرة في تلك الفترة، هذا التنظيم ايضا كان يرفع خطاب الدفاع عن حقوق شعبنا العربي والمنتمين الى هذا التنظيم كانوا قلة ولم يلحظ لهم دورا في الساحة.
في المقابل التنظيم الفارسي الذي تأسس في المحمرة هو “المركز الثقافي العسكري في المحمرة”(مركز فرهنگی نظامی خرمشهر) بقيادة المجرم محمد جهان آرا ومن ضمن اعضاء هذا المركز يمكن ذكر احمد فروزندة واسماعيل زماني ورضا موسوي ولعب هذا التنظيم الذي يضم المتطرفين الاسلاميين من انصار الخميني، دورا هاما في تهيئة الظروف من اجل قتل العرب وخلق مجزرة الاربعاء السوداء.
جاءات هذه التكتلات الفارسية على اثر أن هؤلاء تفاجئوا بالوعي القومي العربي وظهور تنظيمات عربية تظالب بحقوق العرب فور تأسيس المركز الثقافي في المحمرة، هاجم محمد جهان آرا و ازلامه هذا المركز وارادوا ان يمنعوا العرب من نشاطهم فذهبوا واشتكوا ضد المركز الثقافي لدى الشيخ الخاقاني، في المقابل الشيخ الخاقاني وقف مع المركز الثقافي للشعب العربي وفند ادعاءات جهان آرا.
المتشددين الفرس لم يحتملوا الثقافة والهوية العربية واعتبروا ما یحچث من عمل ثقافی تهديدا على ايران كما تظهر معطيات تسربت عبر اعضاء في هذا التنظيم في السنين التالية بان اعضاء هذا التنظيم كتبوا تقريرات عدة الى طهران والدولة المركزية ضد نشطات العرب و السيد شبير الخاقاني. هؤلاء وصفوا النشاطات الثقافية للمركز الثقافية العربية بانها نشاطات انفصالية وان العرب يتهيئون للانفصال عن ايران.
كما تأسست “كميته انقلاب اسلامي” (لجنة الثورة الاسلامية- قوى عسكرية تعمل في اطار الامن الداخلي) في المحمرة وساهموا في تأجيج الوضع في المحمرة وشاركوا في قتل العرب يوم الاربعاء الأسود.
كما تتواجد في المحمرة قوات الحرس الثوري وقوات الجيش التي تشارك في حراسة الحدود الايرانية – العراقية و قوات البحرية الايرانية.
المقنعيين الفرس الذين ارتكبوا مجزرة المحمرة عام 1979