لايزال موضوع إقامة السدود على نهر كارون و الأنهر المتفرعة منه وسحب وتحريف مياهه إلى الواحات المركزية الإيرانية ذات الأغلبية الفارسية كأصفهان ويزد يثير الكثير من الجدل والنقاش سواء بين الأوساط الحكومية أو بين شرائح واسعة من ابناء الشعب العربي الأحوازي الذين أخذوا يدركون حجم الفاجعة التي حلت بهم جراء سياسة السلب والنهب التي تنفذ من خلال مشاريع حكومية ضخمة تهدف الى تغيير الوضع القائم هناك لصالح قومية (الفارسية) على حساب الشعوب والقوميات الاخرى في جغرافية ما تسمى بايران.
حيث تشهد ايران هذه الأيام تحركات متزايدة من قبل نواب ومسؤولين في محافظة أصفهان لتفعيل دور لوبياتهم في إتجاه تشديد الضغوط اللازمة على حكومة الرئيس الايراني، حسن روحاني، للتسريع بتمرير برامج وخطط حرف المياه من أنهر الأحواز ونقلها نحو الأقاليم المركزية.
وعلى ضوء ذلك شرعت اللوبيات الأصفهانية في طهران واصفهان الضاغطة على الساسة الإيرانيين في العمل على تهية الأجواء في مجلس النواب لإستجواب وزير الطاقة ” رضا اردكانيان ” في حكومة روحاني لإرغامه على تأييد وتسريع تنفيذ مشاريع نقل المياه إلى اقاليمهم. هذا وقد استخدمت تلك اللوبيات بعض الرموز والشخصيات الرياضية والفنية للترويج لدعايتهم لهذا الغرض.
تعتبر مشاريع انتقال مياه نهر كارون وروافده إلى باقي المناطق الإيرانية وحرمان العرب الأحوازيين منها، أهم الخطط التي سعى اليها النظام الإيراني خلال العقود المنصرمة غير آبه بالعوامل الوخيمة الناتجة عن ذلك القرار، لقد بدأ بنقل مياه كارون وروافده منذ ما يقارب ال 50 عام وذلك ما عرف في حينها بتنفيذ مشروع ” كوه رنك ” وان العمل بتنفيذ هذه المشاريع مستمر حتى يومنا هذا، ولعل أحدث هذه المشاريع في الوقت الراهن، التي تسعى وزارة الطاقة من اجل تنفيذه هو مشروع نقل مياه كارون الى الاقاليم المركزية الايرانية حيث يعرف هذا المشروع بأسم مشروع ” بهشت آباد”.
لقد أدى بناء السدود وحرف مجرى المياه في السنوات الأخيرة الى تفاقم آثار الجفاف على الزراعة، حيث تقلص إنتاج القمح وهو يعد مصدر الغذاء الأساسي للإنسان والمواشي، إذ تعد الأحواز هي أكبر مقاطعة منتجة للقمح في ايران، أي حوالي 62 % من القمح يتم انتاجه في الاحواز , وذلك بأستخدام المياه من الانهر التي تغطي مساحات واسعة من المنطقة الخصبة، ووفقا للتقارير الواردة في هذا العام ان انتاج القمح انخفض الى أكثر من النصف بسبب نقص المياه، مما أدى هذا الأمر إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية كاللحوم و الخبز.
كما وأدى تقلص المياه في الأنهر الى نشوب عواصف رملية كثيفة، التي مازالت تعصف تلك المناطق بين فترة واخرى، والتي ذهب ضحيتها العديد من المواطنين، ماهي الا نتيجة لانخفاض معدل الرطوبة في الجو والتربة، حيث ان 500 الف هكتار من مستنقعات الأحواز واهوارها، كهور العظيم و الفلاحية قد جفت وهذا هو السبب الرئيسي للعواصف الرملية في المنطقة، ونتيجة لذلك، نرى أن الأحواز تعيش اسوأ تلوث هوائي وبيئي شهده العالم في هذه الفترة، حيث مؤشر معايير ملوثات الهواء في الاحواز اجتاز حدوده الطبيعية نحو 600 مرة.
وقد اتخذت هذه التطورات السلبية في الاحواز منحى سلبي على المستوى الصحي، إذ نرى إن متوسط العمر لدى المواطن الأحوازي يهبط بشكل غير مسبوق، وكذلك نرى ازدياد المشكلات الصحية لاسيما انتشار انواع السرطانات في ما يتعلق بالجهاز التنفسي والربو وأرقام الاصابات في هذا المجال مرتفعة ومخيفة جدا .
ونتيجة لتلك الوقائع التي ذكرت وخلال الاشهر الماضية، فقد لبى الآف المواطنين الأحوازيين نداءات ودعوات منظمات الناشطة في مجال البيئة و حقوق الانسان وقد جائوا من مختلف مدن وقرى الاقليم للتعبير عن احتجاجم ومعارضتهم لاية خطط ومشاريع تهدف الى تدمير البيئة والانسان وتحرمهم من أبسط الحقوق الانسانية التي تتكفلها القوانين والأعراف الدولية وانهم بكل تاكيد سيستمرون في مواصلة مسيراتهم واحتجاجهم حتى يستجاب الى مطالبهم الإنسانية.