في أعقاب الوعود التي قطعتها الحكومة الإيرانية بشأن تدريس لغات الشعوب غير الفارسية، وذلك تزامناً مع زيارة رئيسها حسن روحاني لمدينة الأحواز، عاصمة إقليم الأحواز ذات الأغلبية العربية، جاءت المعارضة لهذا المطلب من كل حدب وصوب، فاجتمع الإسلاميون المحافظون والقوميون الفرس العلمانيون في جبهة واحدة ضد تطبيق المادة 15 من الدستور الإيراني المعطلة منذ انتصار ثورة 1979.
وتصرح هذه المادة الدستورية بأن اللغة الرسمية للكتابة الرسمية والمشتركة هي الفارسية، فينبغي أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة، ولكن يسمح باستعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية.
وفي الأيام الأخيرة، اتسعت دائرة النقاش حول ضرورة تعليم اللغات القومية للشعوب غير الفارسية الذين يشكلون 60% من السكان حسب بعض الإحصائيات إلى جانب اللغة الفارسية التي هي اللغة الرسمية الوحيدة للبلاد رغم التعدد القومي والثقافي والعرقي.
وكان علي يونسي، المستشار الخاص للرئيس حسن روحاني، صرح في مقابلة له في مدينة الأحواز مع وكالة “مهر” للأنباء شبه الرسمية بأن الحكومة تعد خطة لتعليم لغات القوميات غير الفارسية بما فيها اللغة العربية.
هذا والتحق “مجمع اللغة الفارسية” بركب الأحزاب القومية الفارسية والتيار الإسلامي المحافظ في معارضة التعليم بلغات القوميات غير الفارسية، رافضاً بشدة تعليم اللغات الأخرى في البلاد، واصفاً ذلك بـ”المؤامرة” ضد اللغة الفارسية.
حداد عادل: لا يكون على حساب الفارسية
وصرح رئيس “مجمع اللغة الفارسية”، الدكتور حداد عادل (نسيب المرشد الأعلى للنظام)، يوم الاثنين، في لقائه بوزير التربية والتعليم قائلاً: “الأساس هو التعليم باللغة الفارسية، الفارسية هي لغة المعيار، بالطبع ثمة لغات أخرى، حيث مكانتها واضحة، ولكن ما ينبغي تدريسه هي اللغة الفارسية”.
وقال حداد عادل ملحماً إلى وعود حكومة حسن روحاني حول تعليم لغات القوميات غير الفارسية: “كونوا على حذر لكي لا تدفعوا كلفة الانتصارات الفئوية الوقتية العقيمة على حساب ثرواتنا الوطنية من قبيل اللغة الفارسية”.
وكان حسن روحاني دغدغ مشاعر مختلف القوميات في إيران من الترك إلى البَلوش مروراً بالعرب والكرد، وحظي أعلى نسبة من الأصوات في الكثير من الأقاليم التي تقطنها شعوب غير فارسية.
وعارض محمد علي موحد، عضو “مجمع اللغة الفارسية”، ما اعتبره تدخل الحكومة في مطلب تعليم اللغات القومية التي وصفها بـ”المحلية”، معتبراً اللغة الفارسية هي اللغة الرسمية، وهي المعيار، مضيفاً “لو تدخلت الحكومة إلى حوزة اللغات المحلية ستكون مصيبة بالنسبة لنا”.
وعضو آخر في “مجمع اللغة الفارسية” دعا إلى أن الاهتمام باللغات غير الفارسية التي وصفها هو الآخر بـ”المحلية” أن ينحصر في الشؤون التحقيقية والعلمية فقط، في حين يتحدث عشرات الملايين بهذه اللغات، من قبيل العربية والتركية الآذرية والكردية والبلوشية والطبرية والجيلانية واللورية والطالشية والتركمانية وغيرها.
وأعضاء آخرون في “مجمع اللغة الفارسية” أعربوا عن تخوفهم من التعليم باللغات غير الفارسية، فوصفها سليم نيساري بالخطيرة، وذهب العضو الآخر فتح الله مجتبايي إلى أبعد من ذلك عندما اعتبرها “بضاعة مستوردة” تفوح منها “رائحة المؤامرة”، حسب وصفه.
معارضة في البرلمان
ومن ناحية أخرى، عارض عضو لجنة التربية والتعليم في البرلمان كوجكي نجاد، يوم الثلاثاء 28-01-2014 تعليم اللغات غير الفارسية في المدارس، مؤكداً ضرورة الاكتفاء بتعليمها خارج المدارس وبعيداً عن المناهج التعليمية، مستبعداً طرح أي مشروع بهذا الخصوص في البرلمان الإيراني، معرباً عن تخوفه من محاولة القوميات بنشر وتطوير ما وصفها بـ”لهجاتها”.
وكان حجة الإسلام سليمي، عضو لجنة الترية والتعليم في مجلس الشورى (البرلمان)، انتقد في مقابلة له مع وكالة “ايلنا” شبه الرسمية، طرح موضوع تعليم الشعوب غير الفارسية بلغاتها، قائلاً: “لا أعتقد أن التعليم بلغات القوميات يعد من القضايا المهة في البلاد”.
نشطاء القوميات غير الفارسية يحذرون
هذا وحذر نشطاء القوميات غير الفارسية في الداخل من التلكؤ في تطبيق المادة 15 من الدستور الإيراني، وكتب محمود براهويي نجاد، رئيس تحرير أسبوعية “تلكي” الثقافية-الرياضية الصادرة في سيستان وبلوشستان على صفحة في “فيسبوك”: “اقرأوا المادة 15 من الدستور لتعرفوا من هو المتآمر”، متسائلاً: “من هو المتآمر؟ من يريد تطبيق بنود الدستور أم يعتبر تطبيق الدستور مؤامرة؟”.
هذا وكان المندوب الكردي السابق في البرلمان الإيراني، الدكتور جلالي زاده، حذر في مقابلة له مع موقع “فرارو” من التعاطي الأمني مع تعليم أبناء القوميات غير الفارسية بلغاتها، واصفاً ذلك بالتحدي الجاد.