نبذة من نضالات الشعب العربي في الأحواز

وقعت شرارات الثورة الأولى في المناطق العربية في جنوب غربي إيران عندما كان الشيخ خزعل بن جابر حاكماً على إمارة عربستان/الأحواز، وخُدع بعد أحد الاجتماعات السياسية مع المسؤولين الإيرانيين في 20 نيسان/إبريل عام 1925م، وحاصرته قواتهم الأمنية قبل أن يبعدوه إلى طهران وذلك تحت إدارة بريطانيا ودعمها المباشر لتأسيس الدولة الإيرانية الحديثة بقيادة شخص عسكري  يدعى رضاخان، الذي كان متماشياً مع كافة سياسات المملكة المتحدة في ذلك الوقت.

وبعد القضاء على حكومة الشيخ خزعل حدثت فجوة سياسية وإدارية واجتماعية في الأحواز، كما أغلقت السلطات الإيرانية المدارس العربية في المحمرة عاصمة الإمارة في حينها، فضلا عن غيرها من المدن، وأصبحت الأماكن الإدارية في الأحواز تابعة للحكومة المركزية الإيرانية الحديثة التأسيس والمتبنية مشروع الدولة/الأمة الفارسي ما عرف فيما بعد بمشروع الدولة الإيرانية الحديثة.

وفتحت الدولة الفارسية مدارس لتعليم اللغة الفارسية دون غيرها، حيث لم تدرس أي من الفروع في حينها في المدارس الثانوية في أرجاء الأحواز، كفرع الرياضيات أو العلوم أو غيره سوا فرع الأدب الفارسي لعشرات السنين.

على أثر هذا الحدث في تاريخ الشرق الأوسط، أي تقويض الحكم العربي في الأحواز، عاشت أرض الأحواز ثورات وانتفاضات وأحداث سياسية هزت كيان مشروع الدولة /الأمة الفارسي وعرقلت التمدد الإيراني نحو البحر الأبيض المتوسط.

وفيما يلي سلسلة أحداث سياسية هامة ظلت في الذاكرة ووجدان الإنسان الأحوازي، ولكن لم يتم تدوينها بشكل منهجي، وقد جاء بعضها في كتب بعض المؤرخين بشكل وأخر ومنها لم يذكر وتعتبر تلك الأحداث جزء هام من التأريخ الأحوازي، خاصة بعض التنظيمات السياسية التي تأسست وعملت لفترات وتوقف عملها لأسباب ما، ولم يكتب أحدا عنها. وهنا فقط أسجل الأحداث، قد تشجع الباحثين والمهتمين بقضية الأحواز من بين الأحوازيين وغيرهم كي  يزيلوا الغبار عن تاريخ شعب الأحواز وتنظيماته، وماضيه الحضاري العريق وما تعرض له هذا الشعب من سياسات فارسية تطمح إلى طمس وجوده التاريخي.

ثورة أنصار الشيخ خزعل في عام 1925م

بعد ستة أشهر من نفي الشيخ خزعل إلى طهران قامت قوات موالية له بقيادة اثنين من موظفي قصر الفيليه مركز حكم الشيخ خزعل في المحمرة، يعرفان باسم شلش وسلطان في 20 تموز/يوليو 1925 بإشعال انتفاضة، وخلالها انشقت القوات العسكرية التابعة للسلطات الايرانية المستقرة هناك، وهربت إلى العراق، فيما البعض الأخر هرب إلى الكويت عن طريق البحر بواسطة قوارب صغيرة.

وخلال تلك الانتفاضة وقعت مدينة المحمرة لبضعة أيام تحت سيطرة القوات الموالية للشيخ خزعل، وقد اشتهرت الحادثة تلك بثورة أنصار الشيخ. وحينها حاول الناشط السياسي عبد المحسن الخاقاني من سكان المحمرة التواصل مع العالم الحر والجماهير العربية بغية الحصول على دعم لإعادة حكم الشيخ خزعل ولكن لم يحالفه الحظ.

حكومة محيي الزيبق في عام 1928

استمرت المعارك والنزاعات بين القوات العسكرية الإيرانية وعرب الأحواز حتى عام 1928 عندما وقعت مدينة الحويزة تحت سيطرة قائد يدعى محيي الزيبق الذي انتفض بوجه الحكم الإيراني وسياساته وخاص سياسة استبدال الزي العربي بالزي الأوروبي الذي دخل أسواق إيران حديثاً في ذلك الوقت، حيث قام محيي الزيبق بتأسيس حكومة محلية في المدينة، وبعد مضي ستة أشهر من عمر حكومته حاصرت قوات الجيش الايراني المدينة ودمرتها، وتبعاً لذلك انتهت حكومة محيي الزيبق. 

انتفاضة الميناو ومعركة جازان عام 1930م“

من الانتفاضات الهامة التي قامت في الأحواز، انتفاضة الميناو في عام 1930م، والميناو اسم لمنطقة سهلية زراعية واسعة بشمال الاحواز، ولديها أهمية تاريخية كبيرة في ضمير المواطن الأحوازي، حيث كانت المنطقة مسرح الكفاح الأحوازي ضد قوات الاحتلال الايراني لعقود طويلة.

وكان المسؤولون عن هذه الانتفاضة قادة محليين وزعامات قبلية مثل حيدر بن طلال، وإبرتش الخزرجي، وكوكز الحمد، ومهدي العلي وداوود الحمود، وآخرين، وقد أخذت هذه الانتفاضة بعد عدة ايام أشكالاً عسكرية، وكان السبب وراءها إسكان عدد كبير من الإقطاعيين من غير السكان الأصليين في تلك المناطق التي يقطنها العرب، حيث جاء بهم نظام الاحتلال الفارسي من لورستان وبختياري واصفهان وأراك وغيرها من اقاليم ايرانية، وكذلك الاستيلاء على الأراضي الزراعية للمواطنين العرب في تلك المناطق ووضع خطة لنقل العرب الى محافظات فارسية أخرى، ومنع اللغة العربية بتاتاً، الأمر الذي أشعل انتفاضة شعبية كبيرة وفتح أفواه بنادق الأحوازيين بوجه القوات العسكرية الإيرانية.

وقد تم القضاء على هذا التحرك الكبير بعد عدة اسابيع بحملة عسكرية واسعة شملت غارات جوية على المنطقة، وأسفرت عن مجازر طالت سكان القرى الواقعة على نهر الدز وهور المالح وهور السدة وجوار الكرخة إلى جانب تنفيذ عمليات إعدام جماعي لقادة هذه الانتفاضة في منطقة “قلعة سهر” التي تقع على بعد 45 كيلومتر شمالي الأحواز، عاصمة الاقليم. وانتهت هذه المواجهة مع الجيش الإيراني بسقوط مقاتلة للجيش بالقرب من قرية، ولازال مكان سقوط الطائرة الحربية الايرانية يعرف باسم قرية الطيارة.

وبالتزامن مع هذه الانتفاضة وقعت حادثة عسكرية أخرى في جازان وهي إحدى القرى الواقعة بين رامز والخلفية شرق الأحواز العاصمة، وفي تلك الحادثة شكّل العرب القاطنون في المنطقة جيشا شعبيا يضم عدة كتائب، وضربوا أرتال الجيش الايراني التي كانت منطلقة من شيراز الى بهبهان، وتنوي التوجه نحو الميناو ولكن حصل هجوم أحوازي واسع ومباغت أدى بخسائر كبيرة وفادحة في صفوف الجيش الايراني ما تسبب بشل حركة الجيش وإيقاف مجزرة كادت أن تحدث على يد تلك القوات.

انتفاضة الغجرية في عام 1932م

استمرت الانتفاضات ولم تنقطع في مناطق العرب ويمكن الاشارة إلى انتفاضة “الغجرية” التي وقعت عام 1932م، والغجرية هي قرية تقع جنوب الأحواز العاصمة، وقام بها أحد أولاد الشيخ خزعل والذي يدعى جاسب وكان هدفه من هذه الانتفاضة إعادة حكم امارة عربستان المحتلة، من خلال الوحدة والتضامن بين القبائل لتشكيل قوة سياسية، وقد لاقت هذه الانتفاضة مصير غيرها من الانتفاضات التي سبقتها بعد مواجهات عسكرية أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف الطرفين، ومن ضمن تلك الخسائر أيضاً كان سقوط طائرة من سلاح الجو التابع للجيش الايراني.

تغيير اسم الإقليم وكافة أسماء المدن والقرى من العربية إلى الفارسية في عام 1936 وبالتزامن مع إغتيال الشيخ خزعل

وفي عام 1936 اغتالت المخابرات العسكرية الإيرانية الشيخ خزعل حيث كان يقيم تحت الإقامة الجبرية في طهران. وبعد اغتياله أصدرت الحكومة الإيرانية تعميم عام لتغيير أسماء المدن والقرى وكافة الأماكن من العربية الى الفارسية.

وتم تغيير اسم إمارة عربستان إلى محافظة “خوزستان” حيث كانت إمارة عربستان وعاصمتها مدينة المحمرة، تضم في ذلك الوقت كل من محافظة خوزستان الحالية وقسم كبير من محافظات بوشهر وايلام وكهكيلويه وبوير احمد. كما تم تغيير اسماء المدن والقرى والأماكن العامة من العربية إلى الفارسية كالتالي؛ المحمرة الى خرمشهر، عبادان الى ابادان، الفلاحية الى شادكان، غنوة الى كناوه، العميدية الى اميديه، معشور الى ماهشهر، الخفاجية الى سوسنكرد، الحويزة الى هوزكان، السوس الى شوش، تستر الى شوشتر، الصالحية الى انديمشك، ميناء خورموسى الى سربندر، وهكذا كافة المدن والقرى الأخرى. 

انتفاضة ميسان في عام 1946

في هذا العام وقعت انتفاضة كبيرة في منطقة ميسان والتي تضم حاليا كل من الخفاجية والحويزة والبسيتين وكانت شرارة هذه الانتفاضة قد انطلقت بعد تعدي القوات الأمنية الايرانية على المواطنين الأحوازيين في جميع مرافق الحياة، عبر وضع نظام إداري جديد والتجنيس والتجنيد الإجباري ووضع أرض الأحواز تحت طائلة أموال الدولة الإيرانية وإستحداث نظام تعليمي فارسي وشطب اللغة العربية من التعليم تماماً.

ولم يكن مصير تلك الانتفاضة مختلفاً عن مصير من سبقها من الانتفاضات فانتهت بدفن 16 شخصاً من الزعامات القبلية وهم أحياء ونفي أكثر من ألفي شخص من أهالي المنطقة إلى شمال إيران، حيث ذهبوا إليها مشياً على الأقدام، مما أسفر عن مقتل العديد منهم في الطريق لأسباب مختلفة منها الجوع، بالإضافة لوقوع مواجهات والتي كانت تحدث مع العساكر.

البحث عن الحكم الذاتي عبر مؤتمر موسكو

سعى عبدالله الشيخ خزعل تزامناً مع حراك الشعب الكردي بقيادة قاضي محمد وحراك الشعب الأذربيجاني بقيادة جعفر بيشه وري إلى إقامة كيان حكم ذاتي في الاقليم وذلك إعتباراً مما جاء في توصيات مؤتمر موسكو حول إدارة ايران (المحتلة من قبل دول الحلفاء في حينها). ومؤتمر موسكو عقد حول إيران وشارك به كل من الاتحاد السوفيتي وبريطانيا والولايات المتحدة في تاريخ 16 حتى 26 دسمبر عام 1945. وتوصل المؤتمر إلى توصيات تتكون من ستة نقاط تدعم الحكم الذاتي في أقاليم الأحواز وأذربيجان وكوردستان، إلا أن بعد الإطاحة بجمهورية مهاباد والقضاء على حراك أذربيجان على يد قوات جيش الحكومة المركزية الايرانية، توقف الحراك الأحوازي كذلك.

تأسيس حزب السعادة

في عام 1946م وبعد التجارب المريرة التي مر بها الأحوازيون من المعارك المسلحة وصولاً إلى توصيات مؤتمر موسكو، قرر البعض من السياسيين اللجوء إلى طرق أخرى، إلى ذلك لجأوا إلى تأسيس حزب يدعى “حزب السعادة” ويبدو أن الحزب استطاع فتح فروع له في المدن العربية، من ضمن تلك الفروع هو فرع مدينة الخفاجية حيث تأسس في حزيران 1946 وأصدرت الشرطة المحلية في الخفاجية تقريرا حول نشاط الحزب، لكن قادة الحزب في عبادان تعرضوا لهجوم من قبل قوات الأمن ومليشيات حزب التودة اليساري، فقام الأمن الايراني المعروف بـ “السافاك” ومليشيات حزب التودة في حينها، بمحاصرة منزل أحد قادة الحزب وهو “حداد الكنعاني” إبن هويدي في مدينة عبادان وبعد ذلك أُضرِمت النار في منزلهم بسكب البنزين على جدرانه وإشعاله وقتل جميع من كان في المنزل بما فيهم حداد وأسرته. وساهمت هذه الحادثة المروعة بخلق توتر شديد بين القوات العسكرية المتمركزة في عبادان والسكان العرب، وسرعان ما تحول هذا التوتر إلى صراع.

اللجنة القومية العليا

في عام 1958م قام بعض السياسيين العرب مثل محيي آل ناصر ودهراب الشميل وعيسى النصاري وغيرهم بتشكيل وحدة سياسية تحت مسمّى “اللجنة القومية العليا” بهدف إعادة الحقوق القومية للشعب العربي الأحوازي. وتم إعتقال عدد كبير من المؤسسين وقياديين اللجنة القومية العليا ومن ثم اعدامهم، فيما عدد من هؤلاء هرب إلى دول الخليج والبعض الأخر لجأ الى العراق.

 جبهة تحرير عربستان

تأسست هذه الجبهة على يد من استطاع الهروب إلى خارج الأحواز من بين الذين كانوا أعضاء اللجنة القومية العليا. ونشطت الجبهة، تزامناً مع بدايات المد القومي وخاصة في أيام حكم عبدالسلام عارف في العراق. ولكن تجمد نشاط الجبهة في عهد عبدالرحمن عارف حيث شهدت العلاقات الايرانية العراقية نوعاً من الاستقرار والتطور.

الجبهة الوطنية لتحرير عربستان

أسسها راشد خلف الخزعل ونشطت على المستوى السياسي والدبلوماسي حيث ارتبطت بالجامعة العربية وقيادات عدد من الأقطار العربية.

الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز

في عام 1968 انطلقت جبهة حديثة، وأُطلق عليها اسم “الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز” وحتى بداية 1971 عرضت برنامجها السياسي حيث عملت على إيجاد علاقات مع الدولة العراقية. وسمحت دولة العراق للجبهة وكذلك لتنظيمات المعارضة الايرانية مثل “الجبهة الوطنية الايرانية” وتنظيمات الأكراد وشخصيات عسكرية وأمنية مثل “تيمور بختيار” رئيس السافاك حيث لجأ الى العراق على إثر خلافات مع شاه إيران، سمحت لجميع هؤلاء بالنشاط ضد دولة إيران.

ونسجت الجبهة علاقات مع فصائل الثورة الفلسطينية، وكذلك مع قوى التحرر اليسارية العالمية، وقوى اليسار الإيراني وبقيت تعمل في العراق حتى عام 1975. وخرج أعضاء الجبهة من العراق على إثر “اتفاقية الجزائر” حيث اتفق كل من إيران والعراق على إزالة التوتر بين البلدين وإيقاف العمل ضد بعضهم البعض وحل قضية شط العرب وذلك بوساطة من هواري بومدين رئيس دولة الجزائر في حينها.

وبعد الاتفاق الايراني العراقي منعت الجبهة من العمل السياسي والاعلامي داخل العراق وكذلك منعت من شن حملات عسكرية ضد العسكر الايراني. وعلى أثر ذلك خرج عدد من أعضاء الجبهة الى سورية وعدد أخر توجه الى ليبيا.

كما في سجل الجبهة مئات العمليات العسكرية نفذتها ضد العسكر الايراني في عدة جبهات.

ولكن حلت نفسها بعد انتصار ثورة 1979 في إيران، عبر بيان اعلنت فيه؛ ان برنامجها السياسي لا يتماشى مع الواقع ولهذا أعلنت عن تشكيل لجنة باسم “اللجنة التحضيرية لمؤتمر الشعب العربي الاحوازي” بغية انبثاق قرارات عامة تدعم حصول الشعب العربي الأحوازي على كافة حقوقه القومية.

المنظمة السياسية للشعب العربي الخوزستاني المسلم

أسسها عدد من السياسيين الأحوازيين في المحمرة في عام 1979 وعملت هذه المنظمة على تعبئة جماهيرية وطرحت برنامج سياسي، وفي وقتها طالبت بالحكم الذاتي لإقليم الأحواز. وكان يدعمها آية الله محمد طاهر ال شبير الخاقاني. كما تم شطب اسم (خوزستان) واستخدمت المنظمة تسمية (عربستان) في جميع وثائقها وذلك بعد ما تدخل عدد من السياسيين المخضرمين حول التسمية المستخدمة.

مفاوضات الأحوازيين مع ساسة طهران

استمر الشعب العربي بنضاله السياسي حتى عام 1979م بالتزامن مع المظاهرات التي اجتاحت إيران، وساهم هذا الشعب كغيره من الشعوب في هذا التحول السياسي، وبعد انتصار الثورة، ذهب وفد سياسي إلى طهران مدعوم من قبل “آية الله  محمد طاهر ال شبير الخاقاني” المرجع الديني والقائد الروحي للشعب العربي الأحوازي في حينها، وحمل الوفد الذي ضم ثلاثين شخصاً مطالب سياسية وثقافية واقتصادية، ورفضت مطالبات العرب جملة وتفصيلاً من قبل الحكومة الايرانية الحديثة التأسيس بعيد الثورة، أي المطالب التي كانت إن قبلت في حينها قد تبلورت في نوع من الحكم الذاتي.

يوم الأربعاء الأسود

بعيد إفشال المفاوضات الأحوازية – الإيرانية على يد عدد من الساسة الايرانيين حينها وعلى رأسهم أعضاء الجبهة القومية الإيرانية (جبهه ملى) وغيرهم من قيادات حركة الحرية (نهضت ازادى) الذين كانوا حينها شاغلين المناصب العليا في النظام الإيراني الحديث العهد، تم عقد تجمعات جماهيرية في الأحواز وخاصة في مدينة المحمرة وإبلاغ الشعب العربي الأحوازي برفض جميع مطالباته من قبل طهران.

 ودفع الأمر الشعب الأحوازي باقامة مظاهرات واحتجاجات سلمية، ولكن قررت القوى القومية الفارسية بقيادة الجنرال احمد مدني الحاكم العسكري للأحواز في حينها وكذلك قوى الحرس بقيادة محمد جهان أرا وغيره، قرروا القضاء على ذلك الحراك الشعبي السلمي، مما دفع الناس في المحمرة على الدفاع عن أنفسهم عبر الاستمرار بالتظاهر ولكن هاجمت القوات الخاصة التابعة للبحرية الإيرانية مدينة المحمرة وكذلك قصفتها عبر مروحيات، وقتل في يوم الحدث أي يوم الأربعاء الـ 30 مايو 1979 المئات من الأبرياء في المحمرة وعبادان وقرى تلك المناطق، فيما عرف ذلك اليوم في القاموس السياسي الأحوازي بـ “يوم الأربعاء الأسود”.

الحرب الايرانية – العراقية

اقتحمت القوات العراقية إيران وذلك رداً على تدفق القوات المدربة الإيرانية بشكل منتظم لزعزعة استقرار العراق عبر التفجيرات وضرب المنشأت النفطية وتحريك العشائر في الجنوب ودعم الأكراد في الشمال، وبهدف تصدير الثورة عبر الاطاحة بالنظام العراقي. ولكن جاءت المعركة لتقع على ارض الأحواز أكثر من أي مكان أخر خلال ثماني سنوات الحرب.

وراح ضحية الحرب المذكورة ألاف القتلى والجرحى من بين الأحوازيين ودمرت البنية التحتية وتسببت بحركة هجرة كبيرة من الأحواز إلى مدن عدة في إيران. وبنفس الوقت فتح الإيرانيون نار الإتهامات ضد النشطاء العرب وبدأت عملية قمع بحق السياسيين الأحوازيين تحت ذرائع مختلفة منها مكافحة التأمر مع العراق وغيرها من إتهامات معظمها لا أساس لها من الصحة، راح ضحيتها الاف الشباب الأحوازي عبر الإعدامات رمي بالرصاص، كما تم نفي أعداد كبيرة من الأحوازيين وإسكانهم في الأقاليم الفارسية بمعزل عن إرادتهم.

الجبهة العربية لتحرير الأحواز

تأسست الجبهة العربية لتحرير الأحواز في الـ 20 إبريل 1980 بعد ما خرج عدد من الأحوازيين من الأحواز إلى العراق وعلى إثر المجزرة التي إرتكبتها دولة إيران بحق العرب. وحاربت الجبهة بجانب القوات العراقية ضد الجيش الايراني كما كانت تحارب قوات المعارضة إيرانية مثل منظمة مجاهدي خلق والتنظيمات الكردية ضد العسكر الايراني.

وصف الأحوازيين بـ “الغجر”

في عام 1985 انطلقت شرارة احتجاجات شعبية في مدينة الأحواز العاصمة، إثر نشر مقال في ملحق “صحيفة اطلاعات” وصف فيه الكاتب القومية العربية بـ “الغجر” وهذا ما أثار حفيظة السكان، وأسفر عن هذه الهبّة، مقتل وجرح العديد من المعترضين واعتُقل بعض النشطاء قبل أن تطبّق بحقّهم أحكام أمنية قاسية. عرفت تلك الحادثة بـ “انتفاضة الكرامة”. وإستمر الحراك الأحوازي بعد هذا الحدث بشكل شبه سري عبر عن نفسه في بعض الأعمال العسكرية كضرب أنابيب النفط وغيرها من أمور.

لجنة الوفاق / حزب الوفاق الاسلامي

مع تقدم الإصلاحيين في الساحة السياسية الايرانية في عام1997 ، أنشأت القوى السياسية العربية تشكلاً سياسيا جديدا باسم “لجنة الوفاق” وبعد عام من تأسيسها طوّرها النشطاء، وحولوها إلى حزب أطلقوا عليه اسم “حزب الوفاق الاسلامي” وتمكن الحزب من ضخ طاقة جديدة في السياسة والثقافة والمجتمع في سائر المدن والقرى التي يقطنها العرب. وتمكن الحزب من المشاركة في الانتخابات البرلمانية ومجلس الشورى في إطار البرنامج الكلي لحزب “جبهة المشاركة الإسلامية الإيرانية”، ونجح في الحصول على مقعد لممثل له في مجلس الشورى، كما استطاع الحزب أيضاً احتلال كافة المقاعد التسعة في انتخابات مجلس المدينة في الأحواز العاصمة.

عادت الأحواز وشهدت تحركات في الشارع في عام 2004، وذلك بعد اقتحام الأمن العام لمحال توزيع تسجيلات الفنون العربية. لم تستمر الحالة طويلا إذ أن التغييرات التي طرأت في إيران أدت مجدداً إلى تراجع دور حزب الوفاق وانشقاق عدد نفرات يؤمنون بعملية الاصلاحات. وإلى ذلك تم انسحاب الوفاق من المشهد السياسي على إثر تولي المحافظين في إيران إدارة البلاد في عام 2005 وإصدار محكمة الأحواز حكماً قضائياَ بملاحقة من كان عضواً أو مؤيداً للحزب.

انتفاضة الـ 15 نيسان 2005

بعد ما توقفت العملية الإصلاحية في إيران وتبين للقوى السياسية الأحوازية أن ما جاء به النظام الايراني من انفتاح سياسي عبارة عن عملية حديثة الإنشاء تنوي صهر القومية العربية ودماجها في المجتمع الفارسي، في إطار حقوق المواطنة وتذويب الحقوق القومية وتمويه ما يطالب به العرب في الأحواز، واكتشاف رسالة سرية صادرة من قبل الإدارة الإيرانية، حيث تكشف الرسالة ذاتها كيفية بدأ عملية تغيير التركيبة السكانية في الأحواز وجعل العرب أقلية في موطنهم، إلى ذلك  قرر “التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز” أي التشكل الذي تأسس في عام 2002 والذي كان بحوزته الرسالة المذكورة،  قرر الدخول في الساحة عبر تعبئة الغضب الشعبي في الشارع، وخلق عمل جماهيري، وإبعاد الحراك الفاعل حينها عن الراديكالية، الأمر الذي أدى بتحقيق طموح التيار الوطني عبر إشعال انتفاضة شعبية عارمة شملت ولأول مرة في تاريخ الانتفاضات الأحوازية، شملت عدة مدن وقرى ندد عبرها المتظاهرون بسياسات ايران الرامية الى تغيير التركيبة السكانية في الأحواز.

 وتعرف عن انتفاضة الـ 15 نيسان بأنها المنعطف تاريخي في قضية الأحواز حيث غيرت العديد من المفاهيم وفتحت ملف قضية الأحواز في المؤسسات الدولية وأسست لأساليب نضالية سلمية وجماهيرية قضت مضاجع ساسة إيران.

ومنذ ذلك الحين تشهد الأحواز انتفاضات شبه سنوية ضد سياسات إيران تتشابه وانتفاضة 15 نيسان 2005.

سائر التنظيمات التي تأسست وبعضها لازال ناشط على الساحة السياسية:

اتحاد المزارعين العرب ، تم تغيير اسم هذا التنظيم الى “الاتحاد العربي” 1946

الاتحاد العام للطلبة والشباب 1958

الجبهة القومية لتحرير عربستان والخليج العربي 1960

الجبهة القومية لتحرير عربستان 1967

الحركة الثورية لتحرير عربستان 1968

الحركة الجماهيري العربية في الأحواز 1979

المنظمة السياسية للشعب العربي في الاحواز 1979

حركة المجاهدين العرب 1979

قوات الّـذين 1981

الاتحاد العام للطلبة والشباب 1982

المجلس الوطني الاحوازي 1983

حركة التحرير الوطني 1983

حركة الشبـاب الاحوازي 1983

حركة طلائع الوحدة لشباب الأحواز 1984

اللجنة الثقافية 1985

الحركة القومية لتحرير الاحواز 1986

التجمع الناصري 1986

حركة النهضة 1987

حركة الرسالة 1987

الجبهة الديمقراطية الشعبية الاحوازية 1990

منظمة ميعاد 1991

حركة النضال العربي لتحرير الاحواز 1999

التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز 2002

حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي 2003 

الحزب الديمقراطي الأحوازي

منظمة الجماهير الثورية في الاحواز

حركة الشباب الاحوازي

مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران

كما أن هناك عدد من المنظمات الحقوقية والثقافية تهتهم بالشأن الأحوازي وكل تنشط في مجال معين بغية الدفاع عن حق الشعب العربي في الأحواز، وربما هناك العديد من المنظمات والمؤسسات السياسية والاجتماعية وغيرها التي اندثرت بدليل وأخر ولم نسمع عنها شيء حتى اليوم.

 

بقلم: نـوري حمـزة

* كاتب صحفي ومحلل سياسي مختص في الشأن الإيراني ومقيم في ستوكهولم