كتبت هنا في ”الوطن” يوم الجمعة مقالاً بعنوان ”للصمت معنى.. نظرة في الموقف الإيراني تجاه الحوار الوطني في البحرين” وقد صنفت سكان دار السياسة الإيرانية تجاه ما يحدث في البحرين من مفاوضات وطنية جادة إلى ثلاثة تيارات حيث أشرت وبوضوح إلى أن الإيرانيين باتوا في صراع محتدم حول البحرين،
وموضوع التدخل العسكري في المملكة مطروح على طاولة النقاش أمام السياسيين الفرس. وأكد تصنيفي هذا وباليوم نفسه، أي ساعات بعد نشر مقالي يوم الجمعة، آية الله أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور وخطيب الجمعة في العاصمة الإيرانية طهران وذلك أمام حشد كبير من قوات الباسيج والحرس الثوري حيث صرح وبوضوح أن ”احتلال البحرين على يد المسلمين بات أمراً واجباً”.
خطيب جمعة طهران، كما من سبقوه من متحدثي منابر الجمعة، جدد هجومه مرة أخرى على ما يحدث في البحرين من مفاوضات ووصفها بالعبثية وطالب باحتلال البحرين مباشرة! ولم يكتفِ جنتي بهذا الحد، حيث تطرق إلى موضوع محكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وقال: ”لقد شف السيد حسن نصرالله الحالة الصورية لهذه المحكمة”! النقطة الأخرى في حديث جنتي وتدخل الإيرانيين في شؤون الدول العربية التي اعتدناها ومن المؤسف دون رد من قبل نظرائهم العرب هو أنه تم تزوير الخبر حيث لم ينشر حديث جنتي هذا على موقع وكالة الأنباء الإيرانية الرسمي (إرنا) وتم نشر الخبر بتلخيص في موقع وكالة ”مهر” التابع لمنظمة الإعلام الإسلامية وموقع ”فارس” التابع لقوات القدس من الحرس الثوري ومواقع أخرى ليس لها أي صدى، كما انعكس الخبر في مواقع المعارضة الإيرانية خارج البلاد حيث يرى القارئ أن نص الخبر في القسم الفارسي أن جنتي تحدث عن احتلال البحرين وفي ترجمة الخبر إلى اللغة العربية نرى التزوير الواضح حيث تم شطب فقرة ”احتلال البحرين على يد المسلمين” على حد قول المتحدث.
جنتي وفي قوله عن احتلال البحرين على يد المسلمين لم يصنف جنسية هؤلاء المسلمين الذين من المفترض أن يحتلوا دولة البحرين ولا يصنف المواطنين البحرينيين هل هم مسلمون أم من أصحاب الديانة البوذية أو من ديانة أخرى؟ هنا تتداعى لدى المتتبع للشأن الإيراني ذكريات سياسية مؤلمة عدة عن المواقف المتناقضة للدولة الفارسية حيال ما يحدث في المنطقة العربية وحتى في مواجهتها مع المواطن، حيث نتذكر آلاف السجناء السياسيين من القومية الفارسية (ناهيك عن السجناء العرب الأحوازيين والأكراد والبلوش والتركمان والأتراك) الداعين للإصلاحات والذين تم اغتصاب كثير منهم في سجن كهريزك جنوب طهران حيث كان شعارهم الوحيد هو ”أين صوتي؟!” معبرين بذلك الشعار عن غضبهم من الانقلاب العسكري ضد ما هو موجود من قانون وذلك بقيادة مجتبى خامنئي ابن المرشد علي خامنئي وبتنفيذ من رئيس غير شرعي باسم ”أحمدي نجاد”.
وحول المحكمة الدولية نرى أن المحكمة في لبنان تشق طريقها وتحاسب قتلة الحريري حتى إذا كان بين القتلة اسم نصرالله أو ”الياسي” سفير الدولة الفارسية حينذاك في بيروت. تصريح جنتي هذا، وكما أشرت في مقالي السابق، يعني أن طهران تريد أن ترمي ما هو متكاثر على عاتقها من مشكلات اقتصادية وسياسية وأمنية في حضن مجلس التعاون حتى إذا كان هذا عبر التدخل العسكري المحدود. وحديث جنتي هذا يصب في هذا الإطار. وأخيراً أرى أن العرب نيام منذ سنين حيث لم نرَ أي وسيلة إعلامية عربية ترصد حديث خطيب الجمعة في طهران ناهيك عن أي موقف عربي يندد بتلك التصريحات غير المسؤولة من قبل رئيس مجلس صيانة الدستور الجارة الفارسية.