[يحتفل السويديون في يوم 6 يونيو/حزيران من كل عام بيومهم الوطني منذ أن أصبح هذا اليوم عطلة رسمية. ولعل إظهار مشاعر الفخر القومي لم تأتِ بشكلٍ طبيعي لدى السويديين، أصبح 6 يونيو/حزيران اليوم الوطني السويدي في عام 1983 وكان يعرف سابقاً بيوم العلم السويدي (Swedish flag day).وبصرف النظر عن تزيين وسائل النقل العام بالاعلام الزرقاء والصفراء، فما زال السويديون يحاولون التفكير في كيفية قضاء يوم العطلة. ويشعر آخرون بالقلق من أن اليوم الوطني سيثير نوعاً خاطئاً من الروح القومية. (مقتطفات من مدخل مقال منشور على موقع “السويد” الحكومي)].
وفي يوم الجمعة الماضية الـ 6 حزيران، أي اليوم الوطني السويدي، إنظم قرابة ثلاثة عشر ألف أجنبي مهاجر حصلوا على الجنسية السويدية خلال العام الحالي الى الاحتفالات التي أجريت في السويد.
لا اريد التحدث حول الاحتفالات والبرامج الترفيهية حيث من المعروف ان في مثل هذا اليوم يتم ترتيب برامج ترفيهية تبعث الفرح والبهجة في روح المواطن، وهنا اريد ان أقارن الوضع القائم لدى الانسان الاحوازي المقيم في البلدان المتقدمة كالسويد، وماضي هذا المواطن حيث كان يقيم في بلده الأم.
لا شك أن الانسان الاحوازي الذي يقيم في البلدان المتقدمة، كالبلدان الاوروبية أو الولايات المتحدة وكندا أو استراليا، تختلف حياته عن المواطن الاحوازي، الذي يقيم في بلده الأم، ليس على الصعيد المعيشي فقط، أو الفرق الشاسع في المناخ واستخدامه للتقنيات الحديثة، وصولا الى محاولة احوازيي المنفى بالسير مع قوافل المجتمعات التي يقيمون فيها، حيث اصبحوا اليوم هم جزءا من نسيج هذه المجتمعات.
وفي هذه المقارنة هناك نقطة تبدو لي انها ذات أهمية، وبهذه المناسبة، أي يوم العيد الوطني السويدي، أريد التطرق لها.
في العيد الوطني السويدي، أرى تلاقي عيدان في يوم واحد، أرى العيد الوطني السويدي والعيد الوطني الأحوازي يلتقيان، وأرى في العيد الوطني الكندي العيد الوطني الأحوازي كذلك، وأرى في كافة الاعياد والأيام الوطنية لدى البلدان التي يقيم فيها ولو انسان أحوازي واحد، هي ايام وطنية وأعياد احوازية بإمتياز.
وأكتفي هنا بمؤشر واحد لا اكثر، كي أثبت عبر هذا المؤشر، ان هذه الاعياد هي اعيادنا نحن من نقيم ونعيش على تراب هذه البلدان.
بما أن معظم أحوازيي المهجر، جربوا الحياة تحت ادارة زمرة الظلم والغيان الايرانيين، والعديد من أحوازيي المهجر هم كانوا عرضة للتهديد من قبل النظام الايراني، وهناك من عاش سنين العتمة في زنزانة ما، ومورست بحقه أشد انواع التعذيب النفسي والجسدي، وهناك من كان مرغم على السكوت وعدم التحدث، ومرغم على الابتعاد من النشاط السياسي والثقافي والمجتمعي، والقائمة تطول اذا اردنا ان نتحدث حول انتهاكات الدولة الايرانية بحق المواطن الاحوازي.
واليوم حيث نقيم، فجميع ماتحدثت عنه سلفا، قد أصبح من الماضي، فاليوم لدينا حقوق مكفولة ونمارس بعض حقوقنا هنا في بلداننا الجديدة بشكل جيد.
اليوم نحن هنا في اوروبا وسائر البلدان المتقدمة لدينا مساحة كبيرة من الحريات السياسية، الأمر الذي تم تغييبه في الأحواز على يد زمرة الاستبداد، وكذلك نعيش تجربة راقية على المستوى السياسي.
بصريح العبارة ومع كلما حدثت من احداث ايجابية أو سلبية في الساحة السياسية الأحوازية، فالاحوازيون اليوم يتمرنون على ممارسة اللعبة الديمقراطية في الأداء السياسي والاجتماعي والثقافي وحتى البيروقراطي.
وأكتفي فقط بهذا الدليل كي أثبت لنفسي اولا ان اليوم الوطني السويدي، هو اليوم الوطني الاحوازي، حيث في هذا اليوم انا الأحوازي، قد حصلت على “حرية التعبير” و”الادلاء برأيي” و”كتابة ونشر ما أريد”، دون الخضوع الى اي نوع من انواع الرقابة، لا رقابة حكومية، ولا رقابة ذاتية. ناهيك عن الحقوق الأخرى.
والأبعد من ذلك، كما نقلت في مطلع هذا المقال ان هنا في السويد “يشعر البعض من الناس بالقلق من أن اليوم الوطني قد يثير نوعاً خاطئاً من الروح القومية”!
بمعنى أخر انني اعيش في بلد، يخشى ان اليوم الوطني يذهب به الى الهاوية، عبر تعبئة الغرور الكاذب في نفوس المواطنين، كما هو الحال في ايران وغيرها من بلدان شمولية، حيث نرى هناك في مناسبات مختلفة تحلق الطائرات الحربية، ويتم عرض الصواريخ، والجيوش البرية والجيوش الجوية والجيوش البحرية، تهدد بلدان الجوار.
وقوى الأمن تهدد حياة المواطن وتبعث برسائل تحمل في فحواها “قمع الحريات العامة” وأبسط حقوق الإنسان.
ولا نرى في الثقافة السويدية من سب وشتم بحق قومية ما، أو الطعن والتشكيك بديانة ما، أو التحقير بحق طائفة من الناس، أو الإجبار على ممارسة طقوس دينية أو مذهبية أو ثقافية معينة، على العكس ما يحدث في ايران، حيث نصحى ونسمع ونرى، حينها، التلفزيون الايراني وخاصة في الاعياد يبث روح الكراهية في نفوس المواطنين، ضد الانسان العربي عبر بث أشعار الشعراء الفرس من الجيل القديم وغيرهم من الجيل الجديد.
كما لم تعمل السويد ولا أي دولة متقدمة حيث نقيم على أرضها نحن أحوازيي المهجر، على الحد من “حرية التعبير” ولم تتطاول هذه الدول على “إستقلال الرأي السياسي الأحوازي”، ولم نسمع ان دولة ما من هذه الدول قمعت ناشط سياسي، أو ناشط مدني، أو ناشط ثقافي احوازي، كما فعلت الدول العربية، كـ العراق في عهدين حكم أحمد حسن البكر وصدام حسين، وليبيا في عهد معمر القذافي، وسوريا في عهد بشار الاسد، وغيرها من بلدان عربية بحق النشطاء الأحوازيين والتنظيمات الأحوازية، التي كانت تنشط على أراضي هذه البلدان سابقا.
وهنا نرى الناس في اليوم الوطني تجتمع في الحدائق وتغني وترقص وتمزح وتضحك وتمارس الرياضة وترحب بالسويديين الجدد، وتبعث برسائل صداقة الى العالم، وأنا حين اتمتع بكافة هذه الحقوق، لاسيما “حرية التعبير”، و”الاستقلال الناجز في الأداء السياسي” ، أرى ان اليوم الوطني السويدي، هو يوم وطني أحوازي، أشعر أني سويدي بإمتياز وإن كانت بشرتي أحـوازيـة سـمـراء ، وأطمح اليوم الى استنساخ ما يتلائم من الديمقراطية السويدية مع الثقافة الأحوازية.
بقلـم: نـوري حـمـزة
الصور: جانب من الاحتفالات والمسابقات في اليوم الوطني السويدي.