صبت وتصب كافة الأحداث المتلاحقة في العقدين الماضيين في منطقة شرق الأوسط لصالح إيران وكأنها فصلت خصيصا ً لقياس ثوب الملالي في طهران، ويا ترى هل يكتمل بعد سقوط بوابة دمشق أم يتوقف هذا الحظ العريض لأبناء كسرى…!!؟
على إثر الانتخابات الرئاسية السابقة لعام 2009 في إيران التي أنتهت بتزوير وتمديد رئاسة أحمدي نجاد لدورة ثانية دون رغبة الجماهير في إيران، عمليا ً دخلت المؤسسة الدينية السياسية الحاكمة في طهران في صراع مع شرائح المجتمع في ما تسمى إيران، ومنها المعارضة التى عرفت بالحركة الخضراء(حركت سبز)، وهذه المعارضة المدعومة من الخارج كانت وما زالت منحصرة فقط بين صفوف القومية الفارسية والتي تقطن في وسط جغرافية إيران الحالية، وأخذ هذا الصراع منحى تصاعديا ً أيضا ً، مما أدى هذا الصراع المستمر بين الأطياف السياسية في إيران إلى تحجيم دور الاصلاحيين كليا ً وإبعادهم عن المشهد السياسي الإيراني، كما عرف تيار الاصلاحيين بتيار الفتنة(فتنه 88) من قبل هرم النظام.
وبالإضافة لسياسة الإقصاء الممنهجة من قبل السلطات للقوى السياسية، وهذه القوى التي غالبا ً ما تكون مجموعات اقتصادية دينية سياسية تجمعهم المصالح وحب السلطة، تنشط هذه المجموعات فقط في فترة الانتخابات، فالوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به المواطن الإيراني، وكذلك تردي وضع حقوق الانسان وأرتفاع معدلات الإعدام للنشطاء السياسيين والمدنيين، وملف إيران النووي المثير للجدل، وخاصة سياسات الجمهورية الإسلامية غير المسؤولة في منطقة شرق الأوسط على وجه الخصوص. والتي أتضحت هذه السياسات المزدوجة من قبل حكام طهران لشعوب المنطقة أثناء الثورة العربية المستمرة والتغيير الذي تسعى إليه الجماهير لترسيخ مفاهيم العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوطانها تشكل مجمل التحديات التي تواجه النظام. ومن خلال الرؤية الإيرانية ونظرتها الطائفية لهذه الشعوب ودعمها على أساس طائفي بحت، إن هذه السياسات التي لم ولن تفرق بين الحق والباطل، كشفت حقيقة هذا النظام في طهران للعالم أجمع، مما زاد وبدون شك من عزلة إيران في العالم من أي وقت مضى. ومن أهم التحديات التي تواجه النظام في الفترة المقبلة على ضوء الأحداث المتسارعة في منطقة شرق الأوسط هي كالتالي:
اولا ً: على المستوى الداخلي، الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني المتدهور وتأثيره على الحاله المعيشية للمواطن الإيراني.
ثانيا ً: على المستوى الخارجي، سياسة النظام غير المسؤولة تجاه واجباتها للمجتمع الدولي، ومن أهمها: ملف إيران النووي، ووضع حقوق الانسان في إيران، والتدخلات الإيرانية في شؤون البلدان وخاصة جوارها العربي.
أدرك صناع القرار في طهران وبكل تأكيد هذا الإستياء الدولي تجاه سياساتها، وخطورة التحديات التي تهدد استمرارية النظام في ظل الحراك الثوري الجماهيري العربي، والذي من الممكن أن ينتقل للشارع الإيراني، مما كان من الضروري أن تعاد تجربة محمد خاتمي الذي عرف عن نفسه عندما كان رئيسا ً إصلاحيا ً قبيل هذه الانتخابات بـ المسّير(تداركاتچي) لتخدير الرأي العام الإيراني خاصة وذلك من خلال الحريات الشكلية، وبشكل عام كسب الوقت امام المطالبات الدولية التي تواجه النظام. فكان حسن روحاني ضرورة حتمية للنظام لابد منها في ظل هذه الظروف التي تمر بها عاصمة محور الممانعة وعشاقها من العرب “عبدة التومان”.