يعتقد الخبراء في الشؤون الإجتماعية؛ أن “فخّ الفقر” هو الحالة التي يكون فيها الفرد متمتعاً بصحته الجسمية وقواه العقلية لكنه لا يستطيع بمفرده تلبية حاجاته الأساسية المعقولة، أي بمستوى يقترب من المستويات الأساسية لدى متوسط أفراد المجتمع. فكون هذا الفرد فقيراً واضح أنه يحتاج الى مساعدة الآخرين وفي حال عدم توفر هذه المساعدة فانه سيعاني من عدم الاستقرار الصحي والنفسي نتيجة لذلك.
وفيما يتعلق بالسياسات الايرانية في الأحواز نرى أن هناك عمل دؤوب ناتج عن سياسات ممنهجة تمارسها السلطات المحلية التابعة لدولة الإحتلال الفارسي في الاقليم بغية وصول المجتمع الأحوازي الى حد من الهشاشة كي يتم انصهار المجتمع العربي، ودثر كل ما لديه، وعلى كافة الأصعدة، وصولا الى خلق جيل لا يعرف عن هويته ولا لغته ولا تاريخه ولا أرضه وحتى بعيدا كل البعد عن السلوك الإجتماعي العربي، قد يعرّف عن نفسه كجزء من المجتمع الفارسي.
وفي هذا الطريق المعقد تمرر السلطات الايرانية سياسات عديدة منها إيقاع الناس في فخ الفقر، ولقد أدت هذه الظاهرة الى ظهور عادات غير محمودة قد وصلت الى زعزعة بعض القّيم في المجتمع الأحوازي.
يحدث كل هذا بجانب حزمة كبيرة من السياسات العدائية للإنسان العربي في الأحواز والتي تمارس من قبل طهران بحق المواطن الأحوازي كالعمل على تغيير التركيبة السكانية عبر جلب المزيد من القبائل الجبلية من اللور وإسكانهم في الأحواز. وفي هذا الإطار تغيرت سياسات الإحتلال لحد ما، حيث كان سابقا تمارس تلك السياسات عبر إبعاد العرب الى الأقاليم الأخرى ولكن في الآونة الأخيرة نرى ان الدولة الإيرانية تعمل على جلب المزيد من غير العرب وإسكانهم في أرض العرب كي يتم قلب النسبة السكانية لصالح الإحتلال.
وفيما يتعلق بالتجويع وإيقاع العرب في فخ الفقر يشهد المجتمع الأحوازي تزايداً في نسبة البطالة بين العرب وارتفاعاً في نسبة توزيع المخدرات بين السكان وخاصة الجيل الصاعد ويحدث ذلك على يد قوات الأمن الإيرانية. بالإضافة الى تزايد عدد المرضى وتفشي أنواع الأوبئة ونمو عدد الفقراء بشكل غير طبيعي. وفي هذا السياق يتصدر مركز الاقليم، المناطق الفقيرة بوجود 30 الف أسرة تعيش تحت خط الفقر ويليه مدينة عبادان حيث يقطن فيها 6 آلاف اسرة فقيرة.
كما يعيش في شمال الاحواز اكثر من 70 الف معاق أو مصاب بشلل، اكثرمن 1000 شخص من هؤلاء يسكن في مدينة عبادان. وهناک ما يقارب الـ 30 الف عائلة ليست لديها أية نوع دخل مادي.
و تشير بعض الاحصائيات ان الكثير من العائلات التي ليست لها مدخول لم تحصى بعد وان هذه الأرقام لم يتم الاعلان عنها من قبل السلطات والجهات الرسمية الايرانية. وإن هنالك أعداداً كبيرة من هؤلاء الأفراد وعائلاتهم والمعاقين التي تصل نسبتهم الى 40 في المئة لم تسجل اسمائهم في السجلات والقوائم الحكومية بعد .
وفي آخر ما جاء اعلنت السلطات الايرانية ان هناك اكثر من 40 بالمائة من سكان المدن الأحوازية لا يزاولون أي نوع مهنة ويعيشون تحت خط الفقر. الجدیر بالذكر أن إعلان هذه الإحصائيات من قبل بعض الدوائر لا يعني ان هناك حراك وبرمجة لرفع الفقر والعمل على التخلص منه وإنما تأتي بطريقة التخدير لتجاوز حالات كثيرة وهي مجرد أقاويل للتخدير ولغش المستمع ولفت انظاره الى الحالات التي تريد السلطات النظر اليها دون الإهتمام بالواقع المرير.
حين نقرأ هذه الأرقام وننظر لسياسات الدولة الإيرانية في الاقليم نرى ان سياسة إيقاع الأحوازيين في فخ الفقر تطبق اليوم في بلادنا على يد أزلام طهران حيث نقرأ أخبارا ونسمع عن وقوع أحداث لم يكن لها اي مثيل في ماضي هذا الشعب، ولكنها تأتي كنتيجة لتمرير سياسات الدولة الإيرانية بحق الشعب العربي في الأحواز. وفي المقابل لا نرى نشاط يتناسب مع حجم ما يحدث على أرض الواقع من قبل المؤسسات السياسية والحقوقية التي تتخذ من العالم الحر قواعد لها!