كتبت السيدة هدى الحسيني يوم الخميس الـ 4 من أغسطس2011 مقالاً في الشرق الأوسط بعنوان (الحرس الثوري يجند عرب الأهواز ويرسلهم إلى دمشق)، وشرحت فيه أنواع الدعم الإيراني للنظام السوري في ظروف الثورة التي تعيشها سوريا والمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. تشير الحسيني وبدقة، كما عهدتها في كتاباتها، إلى مستوى الدعم الإيراني، المتمثل بالمال والنفط والمعدات العسكرية والمخابراتية بغية استخدامها ضد المحتجين في سوريا، وفي نهاية المقال تربط العنوان وتقول: ”قرر الحرس الثوري الإيراني تجنيد جنود ناطقين باللغة العربية من مناطق مثل الأحواز وإرسالهم إلى سوريا، وبالذات إلى دمشق، ليحلوا محل الجنود الناطقين باللغة الفارسية، على الرغم من الاختلاف بين اللهجة السورية ولهجة أهل الأحواز”(!)
أستغرب هنا ممّا تحدثت السيدة الحسيني، حيث لم تقدم أي مصدر لهذه الفقرة، كما أسلفتْ في مقالها بشرح أنواع الدعم الإيراني للرئيس السوري وبالأرقام وذكر الشخصيات الذين زاروا طهران وجلبوا المعدات الاستخباراتية وغيرها بالاسم. أود أن أذكّر قراء الشرق الأوسط والسيدة الحسيني أن الشعب العربي الأحوازي أول من تضرر من العرس الفارسي الشامي طيلة العقود الثلاثة الماضية، حيث كانت سوريا قبل ذلك الوقت ملجأ السياسيين الأحوازيين والمضطهدين من بطش النظام الإيراني في كلا العهدين، أي عهد الشاه والجمهورية الإسلامية. حيث هرب جميع قيادات وكوادر الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز من العراق (الذي كان مركزاً لنشاط هذا التنظيم)، إلى سوريا نتيجة ”اتفاقية الجزيرة ”1975 بين بغداد وطهران، التي أدت إلى نهاية الخلافات الحدودية الإيرانية العراقية حول شط العرب، وأنهت تلك الخلافات على حساب الشعب العربي الأحوازي وقضيته (واشتعلت الحرب فيما بعد بين إيران والعراق، بذريعة الخلافات الحدودية السابقة والذي راح ضحيتها 12 ألف مواطن أحوازي، ناهيك عن تدمير البيئة الأحوازية وتفعيل عجلة الفرس إيرانياً ضد الأحواز بحجج مختلفة، منها الخطر البعثي العراقي على هذا الإقليم).
كان الشعب السوري الحضن الآمن للأحوازيين ومازال، ولا يمكن أن ننسى فضل أهلنا في سوريا الذين فتحوا أذرعهم لنا حيث النوائب. إلى أن تم الزواج النحس بين طهران ودمشق، حيث تغيرت سياسات الأخيرة لصالح ما يسمى بالمقاومة وشطبت قضيتنا من القاموس الحكومي السوري وحزب البعث العربي الاشتراكي، لكن لم ولن تشطب لدى ”قبضايات” سوريا (ولغير السوريين، ”القبضايات” تعني النشامى). سلّمت حكومة سوريا 15 لاجئاً سياسياً أحوازياً تم القبض عليهم في دمشق ونقلوا إلى طهران، بين هؤلاء المعتقلين امرأة و5 أطفال، ويقبع الجميع حتى يومنا خلف قضبان أمن الدولة الفارسية.
ورغم كل هذا، لا ننسى فضل الشعب السوري وكرامته، ونرى أن هذه الجريمة ارتكبتها حكومة سوريا وخارجة عن إرادة الشعب. قمعت انتفاضة الشعب العربي في الأحواز بشهر أبريل عام 2005 على يد عناصر الحرس الثوري والأمن الفارسي، وعناصر من مليشيا ”جيش المهدي” العراقي، و”حزب الله الإيراني الذات والفكر واللبناني العنوان” الذي يتخذ من دمشق مقراً له، كما هو الحال الآن. رغم كل ما حدث، نرى أن تعامل السلطات الأمنية في سوريا مع قضيتنا وتسليم الناشطين الأحوازيين إلى إيران منطلق من إرادة النظام، وليس للشعب السوري أي ذنب فيما حدث. وهكذا يرى الشعب العربي الأحوازي أن إجرام ”حزب الله” و”جيش المهدي” في حقه لا يبعده أو يسيء بعلاقاته وأبناء جلدته في كل من لبنان والعراق. وأتحدى أي كاتب أن يأتي بكلمة واحدة صدرت من قبل أي حزب أو حركة أحوازية هاجموا من خلالها الشعب السوري أو الشعب العراقي أو الشعب اللبناني، بطريقة أو بأخرى.
اتصلت بـ 10 من قيادات الفصائل الأحوازية، من بين أكثر من 14 فصيلاً في الداخل وخارج الأحواز، وذلك بعد قراءة مقال السيدة الحسيني، كي أتأكد من صحة الموضوع، ولكن لم يؤيد أي من هذه القيادات تجنيد المواطنين العرب الأحوازيين وإرسالهم إلى الشام. كما أشرت فإن الشعب العربي الأحوازي يتابع الشأن السوري عن كثب، ويدعو ليلاً ونهاراً لنجاح الثورة، ويدعم تغيير النظام في سوريا، بغية فتح بوابات الشام أمامه، لاستمرار النشاط السياسي بعد التغيير المنشود على أرض سوريا. لا يوجد أي مؤشر على تواجد عناصر أحوازية موالية للنظام في سوريا، وعلى عكس ذلك بدأ الكتّاب الأحوازيون بكتابة مقالات عدة وباستمرار وباللغتين العربية والفارسية في الصحافة العربية والصحافة المعارضة الإيرانية في الخارج دعماً لثورة الشعب العربي السوري، ومنهم كاتب هذه السطور. أضف إلى ذلك، المظاهرات التي نظمها الأحوازيون في العواصم الأوروبية أمام السفارات الإيرانية، وخاصة في لندن، تنديداً بدعم طهران للنظام السوري والفتنة التي أشعلها ولي الفقيه في البحرين، وشارك فيها عدد كبير من المعارضين السوريين بجانب الأحوازيين والمغتربين البحرينيين.
كما أنوّه بأنه يتواجد عدد كبير من الإيرانيين الفرس ”المعاودين” (أي الفرس الذين تم تسفيرهم من العراق إلى إيران في زمن الحكومة العراقية السابقة) الذين يتقنون اللغة العربية واللهجة السورية، ويقيمون في الشام منذ عشرات السنين، وجميعهم موظفون في عدد من الشركات السياحية الإيرانية في دمشق وخاصة في شركة ”ثامن الأئمة” بساحة المرجة. وقد وظفت السفارة الإيرانية في دمشق هؤلاء للوقوف بجنب النظام السوري ودعمه على أي مستوى كان، أمنياً أو لوجستياً أو المشاركة المباشرة بقمع المحتجين. كما يتواجد على الأراضي السورية 400 ضابط من الحرس الثوري بقيادة اللواء ”محمد رضا زاهدي” القائد الأسبق للقوات البرية في الحرس الثوري وقائد وحدة ”ثار الله” المتخصصة بحرب الشوارع وقمع المظاهرات، حيث تم نقله إبان الثورة السورية من طهران إلى دمشق بأمر من المرشد الإيراني علي خامنئي مباشرة.
بالتالي أطلب من جميع الكتّاب العرب أن يستمدوا، في كتابة مقالاتهم فيما يتعلق بالأحواز، معلومات دقيقة من قبل المؤسسات الأحوازية المنتشرة في أنحاء العالم والمتوافرة مواقعها على شبكة الإنترنت بكثافة، وأن يبتعدوا عن رمي التهم ضد الشعب العربي الأحوازي الأعزل، حيث لديه ما يكفيه من أعداء ولا يبحث عن أعداء جدد. وبالنهاية، أبشر أهلنا في سوريا وكل الوطن العربي أن الماجدات الأحوازيات ”يزغردن” بسقوط كل شهيد في ثوراتكم المشرقة بتاريخ الأمة، والأخبار السارة من بلاد الشام بغية وضع حد للتوسع الفارسي على حساب العرب.