في حالة قل نظيرها، أقدم عدد من عمال مصنع السكر، في منطقة السبعة (هفت تبه) في شمال الاحواز، أقدموا على إنتحار جماعي وذلك عبر رش مادة البنزين على اجسادهم، ولولا تدخل عدد أخر من العمال لممانعتهم، لإلتهمتهم النار دون شك.
حدث هذا الأمر المؤلم على خلفية طرد هؤلاء العمال من العمل وفقدانهم لمصدر رزقهم الوحيد، اي فرصة العمل، وأعتقلت قوات الأمن في مدينة السوس القادمين على الإنتحار وهم؛ کریم آل کثیر، وعلی آل کثیر، ویحیی سعدي، وحمزه آل کثیر، وفارس سعدي، وكذلك كالعادة تم تجاهل الحدث من قبل الإعلام الإيراني .
كما إنتحر طفل في الربيع الثاني عشر من عمره في عبادان بعد ما باعت والدته البايسيكل الخاص له، أي وسيلته الترفيهة الوحيدة، باعتها والدته نتيجة الفقر ولتأمين الخبز. وفي نفس السياق حدثت انتحارات لدى نفس الفئة وفئات مختلفة من بين الجنسين.
وعن التطور السريع والمخيف لتفشي حالات الإنتحار بين الأحوازيين وذلك حسب ما جاء في مقابلة صحفية لـ رضا رفيعي رئيس دائرة الإسعاف في شمال الإقليم، أن وصل عدد المنتحرين الأحوازيين إلى ستة أشخاص في الأسبوع ، بمعنى أخر أن ينتحر شخص واحد في كل 28 ساعة !
ويرجح الخبراء الأحوازيين أن معظم الأسباب الخفية وراء حالات الإنتحار تكمن في صناعة “السياسة” و “الأمن” وكيفية تمرير هذين الأمرين على يد دوائر الدولة الايرانية في الأحواز.
وحسب المعطيات الميدانية، معظم الذين أقدموا على الانتحار كانوا من فئة الرجال من العاطلين عن العمل ومن الحاصلين على مؤهلات متوسطة وثانوية وأغلبهم كذلك لا يتعاطى أي مخدرات حسب معلومات ميدانية، لكنهم تعرضوا لسوء معاملة من قبل السلطات الحكومية وتمت محاربتهم في سبيل الحصول على أبسط مقومات الحياة مثل فرصة عمل وسكن وغذاء وماء وهواء طلق وتأمين وعلاج.
وبالتأكيد هناك عوامل اجتماعية ونفسية عديدة، مثل انعدام الدعم الاجتماعي والانعزال، و انتشار الأحياء الفقيرة وغيرها.
وفي تعريف أسباب الإنتحار يقول اخصائي السلوك د. يوسف أبوحميدان: عندما يعاني الانسان من الأكتئاب الشديد غير المعالج فإن ذلك قد يؤدي إلى الانتحار، كما البعض يعاني من سيطرة الأفكار القهرية التي تلح عليه بالقيام بالانتحار بسبب اعتقاده من ظلم المجتمع له، وأن هناك مؤامرات تحاك ضده الخ..
وفي تعريف هذا الموضوع ، وفي حالات الانتحار الشبه يومية في الأحواز، نرى أن الأفكار القهرية التي يعاني منها الأحوازيين هي نتاج منظم من عمل السلطات الايرانية والتي يترجم هذا النتاج بتفشي العنصرية بحق العرب والمؤامرات الحكومية ضدهم ومجمل سياسات الدولة الايرانية في الشؤون الأمنية خاصة حيث عمدت الحكومة الايرانية على إقصاء الأحوازيين من ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها.
كما أن هناك علاقة قوية بين نوع الانتحار والمنتحر، وحسب المختصين في هذا الشأن، حين يرمي المنتحر الأحوازي بنفسه، من أعلى جسر في الأحواز، ربما هو يريد أن يعلن للعالم اعتراضه الواضح ومن أعلى مكان في مدينته، كي العالم يرى ما يحدث هناك على الأرض، من ممارسات احتلالية معادية بحق شعبه. وحين يضرم النار في نفسه، يصيح المنتحر بأعلى صوت أن كل الطرق اغلقت بوجهه من قبل الحكومة وسياساتها التي تسببت بإنعدام مقومات الحياة للمواطن الأحوازي، وتوفير جميع ما يحتاجه الوافدون من الاقاليم الفارسية والمقيمين على أرض الأحواز بدعم حكومي على جميع المستويات.
أما في أنواع الانتحار مثل الانتحار الجماعي يقولون اخصائيي الشأن: أن الانتحار الجماعي في الغالب يكون خلفه أسباب سياسية أو معتقدات دينية ويحدث ذلك من أجل الحصول على الرأي العام المحلي أو العالمي.
وبالتاكيد هناك عوامل عديدة تسبب الاقدام على الانتحار ونضيف هنا اتساع رقعة التصحر في المدن والأرياف، نتيجة شحة مياه الزراعة، بعد ما وضعت دولة ايران عدة سدود على الأنهار الاحوازية وتم انحراف مياه الأحواز نحو الهضبة الفارسية.
يبدو أن أصبح الانتحار أداة الأحوازيين للتعبير عن رفض واقعهم السياسي ورفض جميع سياسات إيران في هذه المنطقة.