الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة – إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين – في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكّن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي..
للديمقراطية عدة مظاهر ومعالم منها الإنتخابات والمعروف في جميع ديمقراطيات العالم ان الإنتخابات هي جزء من الحقوق المدنية للمواطن لممارسة الحرية في إنتخاب من يمثله في الحكومة ومراكز اتخاذ القرار، والتشريع. وهي جزء لايتجزأ من الديمقراطية.. تلك الديمقراطية التي هي أساس القيم وضمان الحيات الكريمة وهي حسب مقولة لأرسطو.. “حكم المحتاجين وليس أصحاب الأملاك”.
ولكن هنا في الأحواز المحتلة للديمقراطية تعريفأ آخر قريب لوصف جورج برناردشو عندما وصفها “بأنها جهاز يضمن عدم عيشنا أفضل مما نستحق”.. و بالطبع هكذا أصبحت حسب هذه المقولة. لهذا ومن منطلق العقل كل الإنتخابات، في غياب الديمقراطية الحقيقية، تعتبر باطلة أساسأ ولا تلبي سوى طموحات الحاكم في تكريس أكثر لغطرسته وجبروته على الشعب الراضخ لهيمنته…
الانتخابات بالأساس وفي ضل الديمقراطية الحقيقية فهي ظاهرة حضارية وأخلاقية وممارسة ديمقراطية ، تنم عن وعي الشعوب المتطلعة نحو الحرية والاستقلال، الا في الأحواز ،فهي فرصة للنصب، والدجل، والتسقيط الأخلاقي والسياسي، وتضليل المجتمع والناخب معا للحصول على أعلى نسبة من الأصوات، بممارسة لعبة قذرة هي الضحك على ذقن الناخب المسكين الذي يرضى (ببطانية وكارت موبايل ودعوة غذا أو وعد بتعيين في وظيفة حتى لو كانت وظيفة بسيطة وما أكثرها )، كما يحصل الآن في الأحواز. ونعيش في هذه الأيام مهزلة انتخابية بمعنى الكلمة، تصل بالمرشح يتنقب بنقاب العروبة والقومية الكاذبة رغم تاريخه الملىء بالخضوع للفاشية والعنصرية والعمالة…
بالرغم من كل هذا، الشعوب التي اتخذت من النضال السلمي وسيلة للوصول إلي حقوقها المغتصبة، وجدت في الإنتخابات إحدي الطرق السياسية السلمية للدفاع عن نفسها والوقوف بوجه التشريعات الحكومية التي تستهدف وجودها، وهويتها، وحياتها، ومستقبلها. لهذا هنا توجد بعض الإستثنائات وذلك إذا ما أردنا كشعب أن نسلك الطرق السلمية لكسب حقوقنا المدنية والسياسية والإجتماعية ضمن جغرافية ايران بحيث هنا الإنتخابات تلعب دورأ من خلال ما نختارهم من ممثلين لنا في البرلمان الايراني ليطرحوا مطالبنا الشرعية وما أقر بها الدستور الايراني كالمواد الخامسة عشر والتاسعة عشر من الدستور الخاصتين بتدريس لغة الشعوب الغير فارسية في المدارس الايرانية وغيرها من المواد الدستورية المعطلة في شأن الشعوب الغير فارسية.. في هذا السياق وتحت هذا الهدف قبل عقد ونصف من الزمن وعند قدوم الإصلاحيين إلي سدة الحكم في ايران إنتهج شعبنا طريقأ نوعيأ لكسب حقوقه الشرعية والدفاع عن وجوده كشعب منسي في ايران والعالم وقام بتشكيل أول حزب يعمل بشكل علني في الداخل تحت عنوان حزب الوفاق الذي تأسس بعد وصول الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي الى السلطة. كان يعمل الحزب للمطالبة بحقوق الشعب العربي الأحوازي في ظل النظام الحالي وفي ظل الدستور الإيراني القائم. إلا ان النظام الايراني ، وبعد انتفاضة الخامس عشر من نيسان 2005 وبعد وصول احمدي نجاد الى السلطة، الذي قرر التخلص من كامل الارث الاصلاحي والديمقراطي للمرحلة الاصلاحية، قام بحظر نشاط هذا الحزب وقام بالتضييق على قياداته واعتقال البعض في حين استطاع البعض الاخر الخروج من ايران باتجاه بعض الدول الغربية..
الان وبعد تلك الحقبة دخل الشعب الأحوازي مرحلة جديدة في هذا الصراع وهو علي شرف انتخابات برلمانية جديدة..و السؤال هنا ما هي أوجه الإختلاف بين ما خاضه من إنتخابات في تلك الآونة والانتخابات الحالية؟..للإجابة لابد من القول بأن عند قيام حزب الوفاق آنذاك كانت أولأ النخب السياسية التي تدير المشروع السياسي للشعب من خلال الحزب والبرلمان الايراني كانت تتمتع بمصداقية ووطنية عالية جدأ لدى الشعب ونسبة الثبات علي المبادىء كانت بمستوى عالية وفي ظل هذه الصفات وأيضأ الإنفتاح الموجود في ايران نسبياً تمكنوا من طرح مطالب الشعب علي النظام بكل شجاعة ووطنية ومبدئية وإن كانت هذه المطالب إلي الان غير منفذة من قبل النظام..ثانيأ أنذاك لم يكن لدى النظام استراتيجية لإحتواء النخب السياسية والفكرية للشعب العربي الأحوازي وإدخالهم ضمن مشاريعه إنما مع وجود حكومة اصلاحية كانوا أيضأ مراقبون وفي بعض الحالات مطاردون..
أما الان تغيرت سياسة النظام إلي ماتسمي سياسة الإحتواء وهي عبارة عن إستدراج النخب الفكرية والسياسية المؤثرة ضمن مشاريع النظام للسيطرة أكثر علي الشعب بعد ما عجز عن تنفيذ مخططاته وسياساته بطمس الهوية بما هو مطلوب بالنسبة له..و نرى الشعب بعد عقود من الهيمنة والتفريس لايزال قلبه ينبض بالعروبة وبالهوية الأحوازية.
لهذا وبعد هذا العجز بدأ من خلال سياسة الإحتوا ب إستخدام مايسميهم الشعب ب “المثقف بالأجرة” وأجريت هذه السياسة من باب المثال في إقامة معرض طائفي بإمتياز تحت عنوان “الأهواز عبر التاريخ” وتمكن النظام من إستقطاب عدد كبير من النخب الفكرية والثقافية في هذا المشروع الذي يلبي طموحاته الطائفية..في مواقف أخرى لهؤلاء المستدرجون ضمن سياسة الإحتواء نرى من يدّعون بأنهم سفراء الفن العربي الأحوازي في ايران والشعوب الأخري نراهم بأنهم يحضرون حفلأ للمستوطنين “اللور” تحت عنوان (الحضارة العيلامية حضارة لورّيّة) ونرى في موقف آخر ثلة أخرى من هؤلاء المثقفون بالأجرة يحضرون حفلأ آخرأ للمستوطنين اللور تحت عنوان (مؤسسة بختياري العالمية).
وآخر هذه المواقف هي دخولهم في الإنتخابات المقبلة بمباركة رؤوس من النظام المحسوبين على الشعب والذين بين الحين والآخر يبدون مواقفهم العدائية تجاه هذا الشعب الأعزل والتهجم على رموزه التاريخية ك الشيخ خزعل.
بدأ هؤلاء المثقفون والسياسيون بالأجرة مشوارهم لخوض هذه الإنتخابات بلقاء رفسنجاني وعرفوا أنفسهم لسيادته! تحت عنوان “اصلاحيو خوزستان العرب” ورد عليهم مكتب رفسنجاني عند نشر الخبر “لقاء مع نخب خوزستان”..لم يعترف حتي بعروبتهم وهم يتملقون له..التقى هؤلاء الذين لا يمثلون الا انفسهم وطلبوا مباركة رفسنجاني عرّاب التغيير الديمغرافي وإغتصاب الأراضي ومعاداة العروبة للشعب العربي الأحوازي..بعد هذا اللقاء تقدموا بطلبات الترشيح للإنتخابات وأجابتهم الحكومة بهيئة تنفيذية “لورية” للإنتخابات لايوجد فيها عربي واحد..و بعدها فوجئوا بأن مجلس صيانة الدستور لم يُصدّق على تزكيتهم، ولم يمنحهم الصلاحية للحضور في الإنتخابات.
إذن بعد هذا الشرح المختصر نستنج بأننا لا نعيش أجواء مناسبة لخوض الإنتخابات إذا ما أردنا أن نسلك الطرق السلمية للدفاع عن حقوقنا في ايران وذلك لسببين مهمين وأساسين هما: عدم السماح للنخب الوطنية، والمخلصة بالنشاط ، وفتح المجال فقط لأشباه النخب الإنتهازية والمنافقة لخوض معترك الإنتخابات الصورية. وثانيأ: عدم وجود عدالة وديمقراطية حقيقية تسمح للرأي الآخر بالتعبير عن رأيه ومطالبه وتؤمن بالتعددية الحزبية.
في الجانب الآخر توجد شريحة واسعة من النُخب والنشطاء الأحوازيين الذين يدعون الى مقاطعة الإنتخابات الإيرانية لأسباب مختلفة نذكر منها:
١ – ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺇﻳﺮﺍﻧﻴﺔ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﺣﻮﺍﺯﻱ، والشأن الإيراني لا يهمني لذلك أقاطع الإنتخابات.
في النهاية نرى بأن الإنتخابات هي عضو حياتي في جسد كل ديمقراطية وإذا لم تكن صحية وسالمة ف بالتأكيد سيموت هذا الجسد شيئا فشيئا ولابديل عن انتخابات حرة نزيهة لكل ديمقراطية، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في ظل النظام الديكتاتوري والشمولي الحالي في ايران.