المؤرخون القوميون العنصريون الفرس في تناولهم قضايا التاريخ يطروحون الاكاذيب ثم يصدوقونها ولا يكتفون بذلك وحسب ، و انما يريدون من الغير ان يصدقوهم ايضا، ولعل من اهم الاكاذيب الذين طرحوها في مجال التاريخ هو قولهم بان الحضارة في المنطقة التي تعرف الان بإيران قد بدأت مع ظهور الاخميينن.
وقد وصل هذا التنظير الى أوجه حينما الغي في عهد الشاه محمد رضا البهلوي التاريخين الميلادي والهجري ( الشمسي و القمري) واعتبار بداية التاريخ مع ظهور كوروش متناسين ( 2500عام من الامبراطورية الشاهنشاهية ) انه قبل مجئ الأخمينين بآلاف السنين كانت هذه المنطقة موطنا للكثير من الحضارات، كما ان شاه ايران السابق اعلن نفسه انذاك وفي احتفالات رسمية حضرها الغالبية العظمى من رؤساء العالم ملك الملوك واضعا التاج على راسه .
ومن هذا المنطلق ايضا اعتبروا عيد النوروز عيدا قوميا فارسيا يخصهم دون غيرهم من السكان الاصليين الذين يسكنون الخارطة الايرانية او حتى اولئك الذين يسكنون خارجها ، ومن المؤسف جدا ان نرى بعضا من القوميين العرب والاسلاميون ينسبون هذا العيد ايضا الى الفرس والى اتباع الديانة الزرادشتية الا انهم لم يكلفوا انفسهم عناء البحث عن ماهية هذا العيد و اسبابه، وهل هو عيد قوميا فارسيا ام انه عيد يخص الكثير من الشعوب العالم وخاصة الشرقية منه؟
لقد كتب المؤرخين المحايدين حول الجذور التاريخية لهذا العيد الكثير من البحوث والمقالات التي تعتبر مغايرة بما مقداره 180 درجة عما كتبه المؤرخين العنصرين الفرس، ولعل من بين الذين كتبوا في هذا المجال الباحث الاذربايجاني – الایراني– التركي – الاستاذ الدكتور ضياء صدر الاشرافي، وما ندونه هنا هوخلاصة لترجمة بحثه المنشور في جريدة ” شهروند ” العدد 1221 الصادر بتاريخ 1387 هجرية شمسی المصادف لعام 2008 ميلادي .
النوروز ظاهرة فلكية ترتبط بالربيع
يقول الاستاذ الدكتور ضياء في بحثه عن الجذور التاريخية لعيد النوروز، انني في معالجتي لهذا الظاهرة سوف ابتعد بقدر ما امكن عن المشاعر والعواطف وسأتوقف عند الوقائع والوثائق والادلة التاريخية العلمية لهذا العيد، فظاهرة النوروز هي بداية فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي من الارض، وبداية الخريف في النصف الكرة الجنوبي منها ، وهي في الحقيقة ظاهرة ترتبط بعلم الفلك ،وخلال يومين فان الارض واثناء دورانها البيضوي” الاهليلجي ” حول الشمس وبسبب انحراف محورها تقع في وضع يتساوى فيه الليل و النهار في كافة انحاء الكرة الارضية اي 12 ساعة ليلا و12 ساعة نهار.
وبذلك تكون بداية تباشير بدء فصل الربيع ” النوروز ” في النصف الشمالي للكرة الارضية والذي يترافق مع بدء اول ايام الخريف في النصف الجنوبي منها ، وعلي هذا القياس تتكرر هذه الظاهرة بعد مرور ستة شهور ، حيث يترافق بدء الخريف في النصف الشمالي من الكرة الارضية ، مع بدء الربيع في النصف الجنوبي للكرة الارضية، اضافة الى يومي اول الربيع وأول الخريف فان اليومين في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي (ماعدى خط الاستواء و القطبين) على العكس من بعضهما البعض، فان اطول نهار في النصف الشمالي يترافق مع اطول ليل في نصف الكرة الجنوبي من الارض، وعلى العكس من ذلك فان الفصول يقابل بعضها الآخر .
النتيجة بأن نوروز (اول الربيع) كما هو الحال بالنسبة لأول ايام الخريف هو ليس ظاهرة عالمية، وانما ظاهرة ترتبط بالنصف الشمالي من الكرة الارضية، ففي الوقت الذي يبدأ فيه اول ايام الخريف في النصف الجنوبي للكرة الارضية، يبدأ الربيع في النصف الشمالي والعكس صحيح فان اول ايام الخريف في النصف الشمالي للارض يترافق مع اول ايام الربيع في النصف الجنوبي من الارض.
هذا القياس يصدق ايضا فيما يتعلق بأطول يوم من النهار والذي يسمونه علماء الفلك “بقلب الاسد” مع أطول ليلة والتي تسمى بليلة “يلدا” وكأنما وبسبب وجود خط الاستواء فأن كروية الارض، والانحراف القليل لمحورها باكثر من 23 درجة وكذلك شكلها البيضوي “الاهليلجي” لمدارها ، فأن الكرة الارضية تعمل وفقا لقانون تقابل “اليانك” و “الين” الصيني مترافقة بالنقيضين فيما يتعلق بالفصول.
و ليس تبعا لقاعدة ارسطو ” ما هو هو هو”، من هنا فأننا عندما نتحدث عن النصف الشمالي من الكرة الارضية يجب قلب تفكيرنا راساً على عقب فيما يخص النصف الجنوبي منها حتى ندرك الحقيقة الكلية والكاملة فيما يتعلق بالكرة الارضية .
الانقلاب الصيفي و الانقلاب الشتوي :
يقول الكاتب وبعد عرض هذه المقدمة القصيرة ان تشخيص ومعرفة اطول يوم وليلة في السنة، لا تحتاج الى معرفة في العلوم الرياضية وعلم الفلك كما يقول العالم الكبير ابو الريحان البيروني. فأن تلك اليومين يستطيع الناس العاديون التعرف عليهما وذلك من خلال قياس قصر وطول ظل اسوار بيوتهم . أي حسب قوله التعرف على يومي ” الانقلاب الصيفي”والانقلاب الشتوي”، الا انه لا يمكن لهذا الانسان التعرف على الاعتدالين، النوروز “مارس” و” الاول من مهر ” تشرين” الا بعد ان تطورت معارفه.
وفي الحقيقة فمثل ما حسب ابو ريحان البيروني انحراف محور الارض، حسب ايضا شعاع الارض، من هنا فان اكتشاف النوروز وأول “مهر” تشرين الاول ونعني به بدء الربيع والخريف يعد من اهم الاكتشافات الكبرى في العالم الانساني وهي ترتبط بمسألة هامة وهي ” قياس الزمن” . (للمزيد راجع، البيروني ، الاثار الباقية عن القرون الخالية، ترجمة اكبر دانا سرشت، 1321 هجری شمسی طهران ).
من زواية علم الاجتماع و علم التاري، الشعوب التي تمتهن الصيد وتلك التي تعيش حالة الترحال وبسبب افتقارها للامكانيات الفكرية، لم تتوصل بعد الى مفهوم التقويم “المفكرة” الكتابة ، الهندسة، الرياضيات، وعلم الفلك ومراكز الرصد “لذلك لا توجد لديهم مفكرة قمرية من هنا كانوا يكرمون فصل الربيع لأنه مقرون بنمو الاعشاب التي تقتات عليها قطعانهم. لان الرصد الدقيق لتحول السنة يتطلب معرفة ودراية واسعة في الساعة والدقيقة والثانية.
ان قياس الوقت ترافق مع استقرار الجماعات البشرية، وذلك بسبب حاجاتهم الى مواسم زراعة المحاصيل وجنيها، ولكن الناس القريون فيما مضى وبسبب تخلفهم العلمي لم يكن بمقدورهم تعيين اول ايام الربيع اي “النوروز” او اول يوم مهر (تشرين) اي ” الخريف”.
لان “قياس الوقت” ليس بالعمل السهل، حتى في عصر ثورة المعلومات، فان الناس العاديين غير قادرين على انجاز هذا العمل ولا يستطيعون تحديد يوم وساعة تحول السنة، وقد تطلبت عملية ” قياس الوقت ” وتنظيم التقويم الشمسي الى مقدمات ضرورية، منها ظهور المدنية، ثم قيام الدولة، ونشوء الدين واتساع الانتاج والتبادل التجاري وجمع الضرائب، و..
الامر الذي وفر الامكانيات المادية للبحث العلمي والذي قاد علماء الفلك لتحديد اليومين اي اول ايام الربيع والخريف ، وبعبارة اخرى ان تأسيس دول المدن هيئت الظروف اللازمة “لقياس الوقت”، اما الشروط الاخرى المتممة له هي اختراع الكتابة وتطور العلوم الرياضية وتاسيس المراصد الفلكية.
السومريون كانوا السباقون :
استنادا الى المعطيات التاريخية ، يعود موضوع قياس الوقت وتحديد النوروز (اول ايام الربيع) وكذلك اول ايام الخريف الى البدايات الاولى للحضارة البشرية ونعني بها الحضارة السومرية، حيث احتاج الناس ومن اجل تنظيم شؤونهم في المجالات الزراعية، الانتاجية،التجارية،الادارية ، الدينية والعسكرية الى معرفة ما يسمى بالتاريخ الشمسي والى قياس الوقت.
لقد اخترع السومريين الكتابة في مدينة “اورك” قبل، 5300 وكانت كتاباتهم انذاك يرمز اليها بالصور والذي سرعان ما تكاملت الى الكتابة المسمارية كلغة لكتابة الافكار والتي تحولت بدورها الى ابجدية التاريخ القديم، وأدى الترالبط بين اللغة العيلامية و ألغوتية ومثيلاتها من اللغات السامية كالاكّدية والبابلية والاشورية وكذلك اللغة الهيتية والاخمينية الى كتابة اللغة المتكلم بها، ومع اكتشاف اللغة وكتابتها تم التمكن من الاحتفاظ بالتجارب الفلكية وكذلك التجارب في مجال علم الطب والادب وقد تطور علم الرياضيات السومرية وبفعل اكتشاف الابجدية تطورا كبيرا .
ولقد اعتمد السومريون وفي سبيل تسهيل محاسبات امورهم التجارية بدلا من استخدام رقم 10 الذي يعود الى اصابع اليد على نظام الحساب الستيني الذي يتخد العدد ال60 قاعدة له وهو النظام الذي لا يزال العالم يستعمله في حساب الزمن، وفي قياس الزوايا، وفي عالم المثلثات.( النظام الستيني، ووحداته الأساسية هي 1 ـ 6 ـ 10 ـ 60 ـ 120 ـ 180- 360-…… الخ: المترجم ) ولا يزال العالم حتى يومنا هذا يستعمل قياس الزمن (الساعة60 دقيقة و الدقيقة و 60 الثانية) وفقا لطريقة الحساب الستيني لدى السومريين .
لقد بنى السومريون اول مدينة في العالم وهي مدينة اور – ميه (اي مدينة المياه) وكانت معابدهم تشمل على اماكن لعلم الفلك ايضا وقد توصلوا الى قياس الزمن، واستطاعوا ولأول مرة في التاريخ تعيين اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وكذلك تعيين اول ايام الصيف وأول ايام الشتاء.
وتمكنوا وعبر مراصدهم (مراصد اور) من التعرف الى وجود سبعة نجوم متحركة في السماء حيث اعتقدوا انها تدور حول الارض الساكنة، وعبر تلك المراصد جاء اسم”الاسبوع” وقد بقيت اسماء ايام هذا الاسبوع متدوالة لدى الاوروبيين حتى يومنا هذا وهي على النحو التالي .
1- يوم الشمس : Sunday الاحد .
2- يوم القمر :Monday الاثتين
3- يوم المريخ ” بهرام ” Mardi الثلاثاء بالفرنسية او يوم مارس
4- يوم عطارد : Mereredi يوم الاربعاء بالفرنسية يوم مركور
5- يوم المشتري (برجيس) و بالفرنسية jeudi ، يوم جوبيتر رب الارباب الروماني و في اليوناني تلفظ زئوس .
6- يوم الزهرة ( اناهيت ) والتي تلفظ بالفرنسية Vendredi والتي هي نفسها یوم ونوس (فيونوس)
7- يوم زحل ( الكيوان) و التي تسمى بالانجليزية Saturday يوم ساتورن اي يوم زحل.
ان عدم الترتيب الصحيح لأيام الاسبوع بما يتوافق مع الواقع منذ ايام السومريين حتى تاسيس مرصد بغداد الفلكي في القرن الثالث والرابع الهجري يعود مرده الى تدني مستوى علم الرياضيات “عدم تطور علم الجبر، الكسور العشرية، وبخاصة العدد (3,14 =” P“) وكذلك الدقة القليلة لوسائل علم الفلك “الاسطرلاب”، دون احتساب الشمس والقمر على ضوء ترتيبها الواقعي والتي هو عبارة عن عطارد، المريخ، الزهرة، المريخ، المشتري وزحل .
اما الليل والنهار فقد قسموهما على ضوء وجود آلهتهم الأربعة وقسموا رقم 6 الى اربعة مجموعات كل منها يحتوي على 6 ساعات ويحكم في كل واحدة من هذه الساعات احد آلهتهم وقد كان التقسيم على النحو التالي ، 6 ساعات ليل، 6 ساعات صباح ، 6 ساعات ظهر و 6 ساعات عصر، هذا اذا علمنا ان الاله الاساسي و “الطبيعي” يتكون اساسا من اربعة طباع نسبة لفصول السنة الاربعة وان الاجزاء الاربعة لليل والنهار هي على النحو التالي :
1- اله السماء :”آن” ، “اَب الحرارة و النار”.
2- الهة الارض: “تي” ،”ام البرودة والتراب ” .
3- اله الهواء: “انليل”، “اله الهواء” والذي ولد من تركيب الارض و السماء .
4- اله الماء ويسمى :”انكيدو”،”البحار العميقة والمياه المسيطر عليها “.
وعلى ضوء ما تقدم فان :
– اله السماء، وله طبع حار وجاف وهو يدل على وجود فصل الصيف والنهار.
– الهة الارض، ولها طبع بارد وجاف وهو يدل على فصل الشتاء والليل .
– اله الهواء، وله طبع حار ومرطوب وهو يدل على فصل الخريف و العصر .
– اله الماء، وله طبع بارد ومرطوب ويدل على فصل الربيع و الصباح.
كما ان الطب التقلدي وضع معادلته على اساس هذه “الطباع الاربعة المتضادة” و العناصر الأربعة التي نادى بها هذا الطلب قائمة على هذا الاساس، وكل فصل من فصول السنة الاربعة له صفة احد هذه الآلهة الاربعة. وفي هذا المجال يمكن الرجوع الى الالواح السومرية (تاليف Samuel Noah Kramer ترجمة داود رسايي ،دار نشر ، ابن سيناء 1340 ، طهران ، الصفحات 118 ، 160 ،156 ، 265 ، 325 وكذلك الطبعة الاولى لكتاب ، History Begins at Summer) حيث ورد في هذا الكتاب ان السوميريين كانوا يقيمون احتفالات ضخمة في اول ايام الربيع (النوروز ) تستمر لمدة 12 يوما. (ص، 265) وفي كل نوروز تقوم الالهة (امرأة) السومرية والتي تعرف باسم “نانشة” وهي الهة المحبة والصدق والعدالة لمحاسبة الناس على اعمالهم الحسنة والسيئة بحضور زوجها وعدد من الشهود (صفحة 129) ومن خلال مقارنتهم بين الصيف والشتاء تمكنوا من التعرف على بقية الفصول. (للمزيد يمكن الرجوع الى كتاب “التاريخ يبدأ من سومر ” ، ص 118، تاليف جان بوترو ومساعده كرامر) .
وهكذا فقد انتقل عيد النورز من السومريين الى الاكديين و من ثم الى البابليين والأشوريين بعد ذلك انتقل الى العيلاميين واخيراً الى الاخمينيين .
الحضارة العيلامية :
تعد الحضارة العيلامية من أقدم الحضارات بعد الحضارة السومرية وتعد ثاني حضارة بشرية في العالم (بعد الحضارة المصرية والصينية) واعتمد العيلاميون في تمييزهم للفصول على رقم عشرة وعلى ضوئه قسموا السنة الى فصلين، وهما الصيف الكبير و الشتاء الكبير، وقسموا السنة الى 12 شهرا وقد بقيت هذا الشهور في النصوص العيلامية وكذلك في كتيبة داريوش الاول” في بيستون .
وقد بحث الدكتور “علي مظاهري” حول التقويم الشمسي العيلامي وتوصل من خلال بحثه الى وجود عيدين لدى العيلاميين وهما بداية لكل فصل العيلامي والذي يضم ستة شهور وهذان العيدان هما؛ عيد الشعير و يصادف مع فصل الربيع و بداية النوروز وعيد الشراب ( التمر) او (العنب ) ويصادف في اول الخريف ( مهر ) تشرين الاول.
ان مقارنة اسماء الاشهر العيلامية و التي تضم 12 شهرا،مع الأشهر الاخمينية يمكن القول بدون ادنى شك ان الأشهر الاخمينية ما هي الا ترجمة للأشهر العيلامية باستثناء الشهر الثاني عشر (بما ان الأشهر الاربعة لم يقع فيهما حرب فاننا لم نتعرف على اسمائهما الفارسية).
الاشهر :
العيلامي- الفارسي- القديم البابلي:
1-حادوكن نس آدكان يسه نيسانو ( نيسان )
2- تورو (اورمور) تورا واهارا (ايارو)
3- ساكور ريسيس اي جارسيس سيمانو
4- كرما باداس گرما بادا دئوزو
5- تور ناباسيس، آبو
6- قرر باسيس، اولولو
7- باگياتس باغياديس تشريتو
8- مارگا ساناس وركزن آرهمسونو
9- حاسياتياس اسياديسه كسليمو
10- حانا مكس آنامكه تبتو
11- سامى مارس، سباتو ( شباط )
12- ميكاناس ويياكن ادارو
الاخمينيون اخذوا اساس تقويمهم من العيلاميين؛
ويبين تقويم “داریوش” ان الاخمينيين ليس على الديانة الزراداشية كما هو الاعتقاد السائد لدى المؤرخيين القوميين الفرس لان في هذا التقويم (مفكرة) “لا نجد اي اشارة الى”آمشاسبندان” ولا الى الديانة الزرادشتية، حيث اننا نعلم ان التقاويم التقليدية اضافة الى اشارتها الى مسئلة الدولة والضرائب، كانت تحوي في طياتها الى مسئلة الدين، والايام الدينية. مثل يلدا و… واحيانا ينسبون هذه التعبيرات الدينية الى الوقائع الفلكية الموجودة، كما هو الحال في بدء حركة الشمس في هرمزد روز ” النوروز” في الديانة الزرادشتية.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذ يستأ البعض حينما يشار على ان ومع اقتدار الدول و زوالها تغييرت تبعا لذلك الاحتفال بيوم عيد النوروز على سبيل مثال صادف النوروز مع تتويج يزدجرد الثالث آخر ملوك الساسانيين والذي تم في يوليو – حزيران، وفي عهد تتويج ملكشاه السلجوقي (1072 م 451 هجري – شمسي) يوم صادف في الثامن عشر من فروردين – آذار.
دور السلاجقة ؛
وفي عهد “جلال الدوله حسن ملكشاه السلجوقي” و التي امتدت امبراطوريته من كاشغر في الصين الى الحدود المصرية، وفي سبيل جمع الضرائب تشكلت لجنة مكونة من ثمانية علماء من بينهم بينهم عالم عربي يسمى ابو نجيب الواسطى وذلك تحت اشراف العالم ابو مظفر الاسفرازي و كان اصغرهم سنا انذاك الحكيم عمر الخيام (24 عاما) (ولد 427 – توفي 510 هجری شمسي) الموافق (1048 –1131 میلادية) وفي الخامس عشر من 21 مارس ( اول الربيع ) سنة ( 1078 میلادی= 457 هجری شمسی)، خرج هذا التقويم المعروف بتقويم الجلالی الى حيز الوجود وهو نسبة جلال الدوله ملکشاه السلجوقی.
يقول ابورريحان البيروني في كتابه الآثار الباقية “ومن عادات عيد النوروز انهم يزرعون في فناء الدار وعلى سبعة اعمدة ، سبعة انواع من الحبوبات( الغلال ) في بداية العام الجديد وأي من هذه الحبوبات تزهر افضل ان يكون دليل على ازدهارها الجيد في الموسم االقادم “وقد ورد في المحاسن” انه وقبل عيد النوروز به 20 يوما يزرعون في فناء القصر الملكي وعلى 12 عامود من الآجر احد انواع الحبوبات”، اما الايرانيون القدماء كانوا يزرعون العدس والماش في آواني صغيرة وكانوا يسمون هذا الخضار به (Shesaha ) وكما يقومون بتنضيف بيوتهم استعدادا للعيد واثناءها يشعلون النيران يرافق ذلك عادات اعرضنا عن ذكرها.
واذا كان الفضل في اكتشاف النوروز يعود الى السومريين، ومن ثم توارثه من بعدهم العيلاميين الذين حكموا في السوس(الشوش ) الاهواز (خوزستان)، فان فخر تثبيته يعود الى الاتراك السلاجقة وملكهم جلال الدولة حسن شاه السلجوقي وبمؤازرة اللجنة الثمانية لعلماء الفلك.
فان أي امة تحتفل به يعتبر عيدها، من هنا فان التخلي عن الشوفينية والاحتكار سوف يجعل من عيد النوروز عيدا عالميا واليوم تحتفل بهذا العيد دول وشعوب عديدة منها،آذربايجان، ایران ، افغانستان ، باکستان ، قسم من شعوب الهند ، تركمنستان ، اوزبکستان ، كازخستان ، قرقيزستان ، ترکیة وغيرها من دول وشعوب العالم .
كما يحيي الايرانيون في الوقت الحاضرعيد النوروز حول سفرة الهفت سين (سبعة اشياء تبدأ بحرف السين) وهي اشارة الى الغلال السبعة الخضراء بانتظار تحول السنة، حيث يتبادلون التهاني ويبارك بعضهم البعض ، يأكلون الحلوى و يوزعون النقود على الاطفال. وتستمر هذه الاحتفالات في الوقت الحاضر لمدة 12 يوم. حيث يقضون يوم 13 في احضان الطبيعة.