لم يكن مفاجئا لجماهير شعبنا العربي الاحوازي و قواها الوطنية و الديمقراطية السياسات الجائرة التي يطبقها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بحق هذا الشعب والتي اتخذت خلال العقود الماضية اشكالا عدة منها الحيلولة دون مهجري الحرب الى أماكن سكناهم وإغراق الإقليم بالمهاجرين من المناطق الايرانية الاخرى في اطار سياسة التغيير الديمغرافي والبطالة والاهمال المتعمدواخيراوليس آخرا اقامة السدود على نهركارون وفروعه ونقل مياه الى الواحات الايرانية البعيدة مثل يزد وكرمان و اصفهان و رفسنجان وغيرها من المدن الايرانية غير ابهة بالعواقب الوخيمة الناتجة عن ذلك.
و فيما مضى اذا كانت تلك السياسات تجري في أجواء من التعتيم الاعلامي و السرية إلّا أنها في الاونة الاخيرة أخذت تطرح بشكل علني على وسائل الاعلام ، حيث لم تعد حكومة الجمهورية الاسلامية تكترث بردود أفعال شعبنا العربي الاحوازي الأبي الذي تداعى بكل اطيافه وشرائحه لتلبية دعوة نشطاء المجتمع المدني في الداخل فكانت وقفاته المشهورة عبر السلاسل البشرية التي شكلها على ضفاف نهر كارون والتي امتدت على مسافة خمسة كيلومترات و التي مازالت مستمرة حتى اليوم للاحتجاج على مشروع نقل مياه كارون وما نتج عنه من اضرار طالت البشر والحجر والشجر.
و السؤال الذي يطرح نفسه هولماذا تقوم الأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم في ايران ومنها نظام الجمهورية الاسلامية بتأسيس المصانع و المعامل المضرّة بالانسان والبيئة في المدن الاحوازية دون غيرها ؟ و لماذا يلتزم القائمون على نظامها الصمت إزاء الاسباب الرئيسية للامطار الحامضية السامة التي هطلت في اقليم الاحواز والتي دفعت حتى الآن بما يقارب 50 ألف مواطن الى المستشفيات وذلك بسبب الاختناقات و التسمم الناتجة عنها ؟ و لماذا تلزم الحكومة الايرانية الصمت إزاء الولادات المشوهة و معدلات ارتفاع الاصابة بالسرطان بين ابناء شعبنا ؟ لماذا تستمر بسياساتها بنقل مياه كارون و الجراحي و الدز و الكرخة الى مناطق في العمق الايراني ، بينما التصحر و الجفاف يأكل الاخضر واليابس لا بل الا نكي من ذلك يعاني المواطنين العطش لان انهارهم تبدلت الى مجاري اسنة و ملوثة؟.
ان مبدأ المواطنة التي تتشدق به الجمهورية الاسلامية قد سقط منذ زمن بعيد وإلا ما معنى ان تخصص من ميزانية عام 2014 المزيد من الاموال لصالح تنفيذ بما يعرف بمشروع ” بهشت زهراء ” لاقامة السدود على افرع نهر كارون في حين المواطن العربي يتلظى عطشا ؟ كما ان مبدأ المواطن قد سقط ايضا عندما تم واستنادا الى تلك الميزانية تخفيض الميزانية المخصصة للاقليم بما نسبته 70% قياسا للعام الماضي و الاكثر سخرية من ذلك تخصيص ارباح و ايرادات معامل الصلب و الحديد في الاحواز لصالح مد طريق بين طهران و شمال ايران و لصالح مترو انفاق طهران الامر الذي اجبر 18 مندوبا يمثلون الاقليم من عرب وغير عرب في مجلس الشورى الاسلامي على الاستقالة الجماعية حفاظا على ما تبقى من مياه وجوهم امام ناخبيهم .
و لم ينتهي الامر الى هذا الحد بل ان هناك شخصيات دينية عربية محسوبة على خامنه اي هي الاخرى قدمت استقالتها و لعل من بينها مندوب ولي الفقيه خامنه اي في المحمرة وامام جمعتها السيد عبد النبي الموسوي وذلك احتجاجا لما لحق بهذه المدينة من اهمال في الوقت الذي مر على انتهاء الحرب العراقية الايرانية اكثر من عشرين عاما ، ناهيك عن البطالة المزمنة التي تعصف بابناء هذه المدينة ، وقال مصرحا لوسائل الاعلام الايرانية و بالحرف الواحد قائلا : ” بما انني لا يمكنني عمل اي شي فعليه قررت الاستقالة من منصبي كمندوب للولي الفقيه و كأمام جمعة المدينة ” ، وتندرج هذه الاستقالة في اطار الازمة العامة التي يعيشها الاقليم بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية و المعيشية و الانسانية فيه بما فيها ازمة نهر كارون ، كما انها جزءا من الازمة العامة التي تعيشها ايران في ظل سلطة الولي الفقيه الظالمة.
وفي ظل هذه الاوضاع على القوى الوطنية و الديمقراطية الاحوازية و نشطائها على اختلاف مشاربها الفكرية و السياسية الا التقاط هذه ” اللحظة التاريخية ” لدفع و تكثيف نضالتها وبما يخدم اهداف شعبنا العادلة و ذلك عبر إلاستمرار باحتجاجاتهم لمناهضة لجميع السياسات الحكومية الجائرة التي تطبق بحق شعبنا و بحق سائر القوميات الاخري في ايران .
بقلم: جابر الاحمد
المصدر: الحوار المتمدن
* ادارة الموقع قامت بتصحیح تسمية الأحواز في هذا المقال.