بطولات الأحوازيون تتجدد ولا يمكن للدهور أن تمحيها…
للتأريخ نكتب…
للسائلين عنهم…
للباحثين عن أمجادهم…
وعن بطولاتهم…
وعن أخبارهم نكتب ونكتب…
نكتب ونوثق كي يطلع أبناء اليوم والغد على أمسهم وتاريخ من سبقوهم…
نكتب من منطلق الواجب الوطني والأمانة التي في أعناقنا والله من وراء القصد…
مساء العشرون على ليلة الحادي والعشرون من تشرين الأول ( إكتوبر ) 1985 جاء الأمر إلى سريّة الملازم – والذي أصبح اليوم وحسب مرور سنين العرف العسكري – العقيد سعيد حامد صالح السهر الزويدات وهي إحدى سرايا جيش تحرير الأحواز بالإنسحاب من خطوط المقدمة لجبهة القتال إلى الخطوط الخلفية في القاطع الجنوبي من العراق ، لأنّ هذه السريّة كانت قد أدّت ماعليها من واجبات قتالية في خطوط الجبهة الأمامية، وحسب النُظم العسكري ان كل وحدة أوسريّة أو مجموعة قتالية تُنهي مدة المهمة المحددة لها في هذه الخطوط يتم سحبها إلى الخطوط الخلفية للأستراحة واستبدالها بأخرى من الوحدات أو السرايا أو الفصائل المتواجدة هناك، لكنّ إصرار آمر السرية المقاتل الشهيد سعيد حامد صالح السهر الزويدات وبقية المقاتلين الذين كانوا تحت إمرته. وكان بينهم ثلاثة عشر من أبناء عمومته وهذا يدل على البطولة والبسالة والإقدام الذي كان ومازال يتحلى به المقاتل والفدائي والمقاوم الأحوازي، وأيضا بسبب نشوة الإنتصارات التي عاشوها في المعارك التي سبقت هذه المعركة والتي خلف العدو الفارسي وراءه ثلاثة آلاف قتيل فيها،أبوا الإنسحاب إلى الخطوط الخلفية من الجبهة، وأكدوا على انهم لن ينسحبوا إلاّ أن يحرّروا ثلاثة نقاط مهمة في الهورالتي استولت عليها القوات المعادية، وعند أجتماعه بقائد القوات هناك – حسب ما نقله شاهدعيان حي وهو أحد المشاركين في هذه المعركة وهو المقاتل علي يسر صالح السهر الزويدات – قال المقاتل الشهيد سعيد حامد السهر للقائد وبقية القادة والضباط المتواجدين في هذا اللقاء:
قسماً بالله وبالأحواز إما أن نحرّر هذه الأهداف الثلاثة وننسحب أو نستشهد ولا يقال عنّا جَبُن الأحوازيّون وتركوا ما احتله منهم العدو الفارسي دون تحريره وهربوا من المعركة، وهذا ليس من شيم الأحوازيين الغيارى أبدا.
عزم الرجال النشامى من أبناء شعبنا العربي الأحوازي مقاتلوا جيش تحرير الأحواز على تنفيذ هذه المهمة وهُم أهلٌ لها، وهيئوا كل مستلزمات المعركة، وقسّم آمر السريّة المقاتل الشهيد سعيد حامد السهر مقاتليه المكلفين بتنفيذ هذا الواجب إلى ثلاثة مجاميع، ووضع في كل زورقٍ سريعٍ ثلاثة عشر مقاتلا أحوازيا لا يهاب الموت وينشد للعزة والكرامة ويرخص روحه من أجل وطنه وأمته، وكان هو بمعية عدة مقاتلين ومعه سائق الزورق وفي نفس الوقت مخابره الخاص وهو من أبطال جيش العراق الباسل في زورق، وكان الشهيد نادر عودة زباري السهر الزويدات والمقاتل شاهد العيان الحي علي الحاج يسر صالح السهر الزويدات ومعهم عدة مقاتلين في زورق آخر، والزورق الثالث كان فيه عدة مقاتلين، ووضع في كل زورق رئيس مجموعة يتلقى أوامره كآمر سرية وقائد لهذه المهمة.
في الساعة العاشرة من صباح يوم 23/10/1985 بدأت هذه المعركة التحررية وخاضها الأحوازيون الأبطال بكل بسالة وبطولة وبكل شجاعة وقل نظيرها من حيث الإندفاع والإصرار والإرادة والعزيمة التي لم تلين، حيث تمكنوا من تحرير الهدف الأول دون خسائرفي صفوفهم لكنهم أبادوا كل قوة كانت تواجههم لأنهم كانوا هم المسيطرون على الموقف ورفعوا شارات النصر عاليا بعد هذا الانتصار ليواصلوا زحفهم ومعركتهم التي انتهت بتحرير الهدف الثاني، وهذه الأهداف مثل ما أشرنا تقع كلها في هور العظيم أم النعاج.
طبعا قبل أن ندخل في معركة محاولة تحرير الهدف الثالث لابد لنا من أن نذكر بأن القوة الثانية المشاركة في هذه المعركة مع سرية سعيد كانت سرية أحوازية يقودها المقاتل اللواء فيصل عبد الكريم الأمين العام الحالي للجبهة العربية لتحرير الأحواز والتي أعطت كثيرا من الشهداء والجرحى والمفقودين، وكان هو أيضا من بين جرحى هذه المعركة الخالدة.
بعد تحرير الهدف الثاني واستقرار الموقف لصالح أبطالنا الميامين مقاتلوا جيش تحرير الأحواز هدأ صوت المعركة من قبل قوات العدو ولم تُطلق من جهتهم أي إطلاقة نحو مقاتلينا حسب شاهد العيان آنف الذكر وبقية الشهود الأحياء الموجودين في الداخل وفي المهجر، حيث رأى مقاتلينا الأبطال بأعينهم كيف ان القوات الفارسية تتقهقر أمامهم ما شجّع مقاتلينا بالإندفاع نحو العدو، حيث توغلوا في عمقه أكثر مما يجب، وإذا بالعدو يتحين هذه الفرصة ويقوم بالهجوم المباغت عليهم في فخ نصبته قوات عميلة لإيران وهي قوات بدر إلى مقاتلينا المندفعين في العمق دون أن ينتبهوا إليها ، حيث ان هذه القوات العميلة التي تدّعي بأنها عراقية وفي الوقت نفسه تقاتل القوات العراقية وأبناء هذا الشعب الشقيق هي من تولى مهاجمة قواتنا وهي تحارب القوات الفارسية التي تريد احتلال العراق، خصوصا المناطق التي كان يتواجد فيها عشرات الآلاف من الأحوازيين في ذلك القاطع العراقي، ولهذا كانت مشاركة جيش تحرير الأحواز إضافة إلى إنها دفاع عن الأرض العربية في العراق الشقيق كانت دفاع عن هؤلاء الآلاف من الأحوازيين الذين كانوا يتواجدون في تلك القواطع.
نعم لقد كان المهاجمون من قوات بدر، لأنهم هُم الأعرف بتلك المناطق وذلك الهور العظيم وطرقه ومخابئه وفنون القتال فيه من القوات الفارسية، حيث إنهم أوّل ما قاموا به هو مهاجمة الزورق الذي كان فيه علي الحاج يسر السهر وهو شاهد عياننا الذي ننقل اليكم ما شاهده وهو يؤكد على إنه فجأة رأى جميع ملابسه مصبوغة بالدم لكنه لم يصب بأي جروح وتعجب من ذلك حتى تأكد فيما بعد من ان إبن عمه المقاتل البطل نادر عودة زباري السهر الزويدات استشهد على أثر إطلاق نار من سلاح من النوع الثقيل – وهو نوع رشاش ثنائي الفوّهة ويُستخدم في أغلب الأوقات لمقاومة الطائرات، ويُسمى أيضا (( دوشكة )) عندنا وعند الأشقاء العراقيين وكثير من العرب – من قبل عناصر قوات بدر نحوه مباشرة وهو في الزورق، بحيث فُصِل رأسه عن جسده الشريف على الفور، وهذا الدم هو دمه الطاهر والدماء الطاهرة لبقية المقاتلين الأحوازيين الشهداء والجرحى، وبعد ذلك انقلب الزورق بهم على أثر شدة إطلاق النار عليه من قبل قوات بدر العميلة لنظام الإحتلال الفارسي، وتمكن الكثير من الأحياء من مقاتلينا من الوصول إلى القوات الصديقة بعد يومين أو ثلاثة أيام حيث بقوا متخفين في الهور متحملين الجوع والبرد وشدة الإصابات والآلام والأوجاع.
وأما الزورق الثاني فتم استهدافه بمختلف الأسلحة وقتل وجرح من فيه، وأما الزورق الذي كان فيه الآمر وهو الشهيد سعيد حامد السهر، أول من تم استهدافه فيه هو سائق الزورق ومخابر الآمر وهو أحد أبطال الجيش العراقي الباسل حيث استشهد على الفور، لأنهم استهدفوه بأسلحة متوسطة وبنار كثيفة لم تمهله أبدا، وبعد ذلك استهدفوا الزورق بالكامل وقتل من قتل وجرح من جرح ومنهم الشهيد سعيد الذي أصيب بيده إصابة بليغة جراء استهدافه بصاروخ آر بي جي 7، وجرحه العميق لم يدعه أن يدافع عن نفسه في تلك اللحظات التي وقع فيها في الماء مع بقية رفاقه الشهداء حتى إنه أصبح لا يقوي على السباحة بسبب جرح يده حتى جاءت له عناصر قوات بدر وأسّرته وأخذته معها مجروحا والدماء تسيل من يده ومن جميع جسده إلى الجانب الإيراني، ولم يُعرف عن مصيره منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، وهذا يعني انه استشهد أسيرا على يد سلطات الإحتلال الفارسي المجرمة، طبعا حتما تم اعدامه بعد التعذيب بكل أنواعه، لأن هناك حالات مشابة حدثت لمدنيين أحوازيين استشهدوا على يد هذه السلطات وهم أسرى بعد أن تم أسرهم في قواطع مدنية ولم يكونوا في حالة تنفيذ أي واجب عسكري أي تم إعدامهم بعد الأسر، فما بالك وشهيدنا سعيد حامد السهر يتم أسره وهو ضابط من ضباط جيش تحرير الأحواز وآمر السرية التي تحدّتهم لتحرّر أهدافا منهم احتلوها قبل ذلك وقتلت من جنودهم ومن قوات بدر العميلة أعدادا كبيرةً جدا، ماذا ننتظر من هؤلاء المجرمين أن يفعلوا به غير أن يستشهد على أيدهم القذرة.
في هذه المعركة استشهد عدد كبير جدا من مقاتلوا جيش تحرير الأحواز، وإننا قد تمكنّا من أن نحصل على بعض من أسماء هؤلاء الشهداء حتى إنّ بعضهم لا نعرف إسم والده أو عشيرته أو حتى رتبته العسكرية، لذا نكتفي فقط بوضع لقب المقاتل الأحوازي أمام إسمه، واما الذي لا نعرف إسم والده أو عشيرته وضعنا خلف إسمه لقب الأحوازي فقط، ونتمنى من أن نحصل على أسماء بقية الشهداء في المستقبل كي ننشرها ليتم أرشفتها من قبل المهتمين من أبناء شعبنا العربي الأحوازي لتبقى محفوظة إلى الأجيال القادمة، لذا نرجوا ممن يعرف أي إسم من أسماء الشهداء أن ينشره ولا يبخل بنشره من خلال موقع صوت الأحواز أو أي موقع أحوازي آخر يحب أن ينشر فيه.
وإليكم أسماء شهداء جيش تحرير الأحواز في تلك المعركة:
المقاتل الأحوازي الشهيد/ نادر عودة زباري السهر الزويدات
المقاتل الأحوازي الشهيد/ سعيد حامد صالح السهر الزويدات
المقاتل الأحوازي الشهيد/ بستان قاسم
المقاتل الأحوازي الشهيد/ مالك عبود
المقاتل الأحوازي الشهيد/ عبد الواحد محمد هيلك (( هيلگ ))
المقاتل الأحوازي الشهيد/ عبد الرضا حمزة عباس خليوي الفيصلي
المقاتل الأحوازي الشهيد/ زيدان الأحوازي من الفلاحية
المقاتل الأحوازي الشهيد/ جهاد كاظم
المقاتل الأحوازي الشهيد/ مجيد كاظم
المقاتل الأحوازي الشهيد/ مجيد جاسم
المقاتل الأحوازي الشهيد/ رماثي سلمان سبهان
المقاتل الأحوازي الشهيد/ ناصر منصور
المقاتل الأحوازي الشهيد/ سيد محمد علي سيد أحمد
المقاتل الأحوازي الشهيد/ عبد الزهرة سبهان الكعبي
المقاتل الأحوازي الشهيد/ رحيم صالح مشتت الصرخي
المقاتل الأحوازي الشهيد/ فيصل كريم الحيدري
المقاتل الأحوزاي الشهيد/ غلام سالم علي السواري
المقاتل الأحوازي الشهيد/ غلام علي عباس الغرباوي
المقاتل الأحوازي الشهيد/ محمد مجيد جاسم الخزرجي
المقاتل الأحوازي الشهيد/ أحمد رحمة زامل الكناني
المقاتل الأحوازي الشهيد/ قاسم معيدي الكناني
وهناك مقاتلون من جيش تحرير الأحواز سقطوا شهداء في معارك سبقت هذه المعركة وهم:
المقاتل الأحوازي الشهيد/ فالح الحاج حسن جابر الخليفات
المقاتل الأحوازي الشهيد/ راضي غيمان
المقاتل الأحوازي الشهيد/ طاهر الأحوازي
والمقاتل الذي استشهد أثناء واجب الترجمة في شمال العراق عام 1987 هو:
المقاتل الأحوازي الشهيد/ أحمد عودة زباري السهر الزويدات
كان للشهيد سعيد حامد السهر وهو من مواليد 11/3/1960 في ذلك الحين بنت إسمها مريم وكان عمرها سبعة أعوام، وولد إسمه عدي كان عمره ستة أعوام، وطفل كان عمره آنذاك ستة أشهر وإسمه أحمد، وترك الشهيد سعيد زوجته وهي إبنة عمه – والتى تزوجها عام 1978 أي قبل استشهاد والده الشهيد حامد السهروشقيقه الشهيد علي حامد بعام واحد – حامل ولا يعرف حتى لحظة استشهاده ماذا رزقه الله منها أنثى أم ذكر، حيث رزقه الله فيما بعد بولد أسمته الأم منتظر وهو اسمٌ مشتق من الإنتظار على أمل أن يعود والده اليهم.
لن ننساكم أيها الشهداء أبدا عهدا منا نحن الأحوازيون بمختلف انتماءاتنا وبمختلف مشاربنا وعقائدنا لن ننساكم والله، وسنمضي قُدما على ما مضيتم عليه ومن سبقكم من الشهداء في طريق العزة والكرامة والحرية…
لن نخذلكم وها نحن نذكركم ونمجدكم وبطولاتكم التي نتباهى ونباهي بها الأمم كل يوم وكلما مرت علينا ذكرى استشهادكم، وتبقون لنا قدوة ونحن نواصل ونجدّ السير في طريق النضال والكفاح ومقاومة الإحتلال الفارسي، ومادام هذا هو ديدن شعبكم الذي لا يختار إلا طريق الحرية والتحرير فناموا قريري الأعين، لأن من تركتم وراءكم هم أهلٌ لحمل الأمانة، ولن يسكت صراخ صوت حقكم الأحوازي بوجه الباطل الفارسي حتى تحرير الأحواز من مخالب هذا الإحتلال بعون الله تعالى.
المجد والخلود لكل شهدائنا الأحوازيين شهداء الأمس وشهداء اليوم وشهداء الغد
المجد والخلود لشهداء أمتينا العربية والإسلامية
الحرية لأسرانا الأحوازيين والعرب والمسلمين
ألف تحية إجلال وإكبار لأبطال جيش تحرير الأحواز ورجال المقاومة الأحوازية بكل أطرها التنظيمية وأنواعها وأساليبها.