اللغة الأم هي ركن مهم من الهوية الفردية والإجتماعية والثقافية لكل شخص، ويلعب التعليم باللغة الأم دورا أساسيا وحاسما في تنمية الأطفال كما يعزز فيهم الثقة بالنفس وتقدير الذات والأمن النفسي. إذن اللغة الأم ليست مجرد وسيلة تواصل، بل منصة للتعبير عن المشاعر وتكوين الذاكرة والإرتباط الثقافي أيضا.
إن حرمان الشعب الأحوازي من التعليم باللغة الأم أفرز تحديات ومصائب كثيرة تمثلت بالجهل والأمية والتخلف وإنتشار الإدمان والنزاعات العشوائية والإنحرافات السلوكية والجنوح الأخرى، تؤكد الإحصائيات الحكومية أن نسبة الأمية (وللتأكيد أن معيار الأمية حسب العقلية الإيرانية لا يزال يطلق على عدم القدرة على القراءة والكتابة فحسب) في الأحواز مرتفعة جدا حيث تصل إلى 511 ألف شخص أمي. وبهذه الإحصائية أصبحت الأحواز في المرتبة 3 بانتشار الأمية في جغرافية إيران. والجدير بالذكر أن هذه الإحصائية شملت الفئات العمرية ما بين 10 إلى 49 سنة، وإذا ما أردنا شمول كل النسمة فتصبح النتيجة كارثية. أيضا أن35 في المئة من هذه الإحصائية تختص بالرجال 65 في المئة بالنساء. (جريدة عصر ما الأحواز 2019/1/1)
فبسبب عائق اللغة لا يستطيع المعلم بناء علاقة حميمة وودية مع الطالب لاسيما في المدارس الإبتدائية التي هي من المراحل الأساسية في التعليم، فلذلك لن يصبح المعلم عاجزا في التعامل الكلامي فحسب بل أيضا لا يستطيع فهم مشاعر وعواطف الطفل البريء وبهذا السبب ينعدم شرط مهم في التعليم وهو التعامل الحميم والعلاقة الحسنة بين المعلم والتلميذ، لأن تتكون العلاقة بين الطرفين على أساس اللغة وهي الأداة الفاعلة والمهمة في عملية التعليم ومن دون التعليم باللغة كيف تحصل المعرفة؟
أيضا التعليم باللغة الأم سيكولوجيا يؤدي إلى الاستيعاب الجيد للمواد الدراسية ويضمن التنمية المعرفية للفرد، ومن الناحية الإجتماعية يسهل على الطفل الاندماج في بيئته الاجتماعية فضلا عن إن اللغة الأم عنصر ثقافي مهم تربط الفرد بماضيه الثقافي. وعاطفيا يؤدي استخدام اللغة الأم في التعليم إلى استمرار الرموز اللغوية وبالتالي يمنعه من الانفصال العاطفي الناتج عن عدم استخدام اللغة الأم، ويزيد من كمية ونوعية التعاملات في بيئة المدرسة ويزود الطلاب بالأداة الرئيسة للتفكير ألا وهي التعامل والتواصل مع الآخرين.
إن العقلية الفارسية بدلا من حلحلة المشكلة بشكل علمي ومنطقي تحاول قمع المطالبة الحقة، ففي تصريح حذر المدير العام للشؤون الإجتماعية والثقافية في الأحواز، مهرداد موسوي، أن 30 ألف طالبا انقطعوا عن التعليم بسبب عدم فهمهم للفارسية ويلقي باللوم على الوالدين لأنهم يعلمون أبناءهم العربية، لغتم الأم، فحسب ويستمر بقوله أنه لابد من محاربة اللغات الأجنبية ، كما أقر بتأسيس أمانة عامة لتعزيز الفارسية في الأحواز.(وكالة انباء رهياب نيوز2021/9/20).