تتصاعد وتتنوع الاعتراضات السلمية كل يوم في الاحواز والمدن الإيرانية الأخرى وتتزايد بالمقابل ضغوط النظام الإيراني على المتظاهرين للمحاولة منه لإخمادها بكل الوسائل القمعية ضمن سياساته العنيفة لإخماد المظاهرات العارمة التي تجتاح المدن الإيرانية منذ ديسمبر من العام الماضي. تعتبر هذه المظاهرات بمثابة أكبر تحدي للنظام الايراني ضمن التحديات الكبرى الأخرى مثل الملف النووي والعقوبات الدولية الصارمة التي من المفترض ان تتخذ ضده بسبب سياساته التي سببت في تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. أيضا الوضع الاقتصادي في إيران يتدهور يوما بعد يوم بسبب الفساد الاقتصادي والسقوط المدوي للعملة الايرانية حيث هذا التدهور الاقتصادي ينعكس سلبا علي حياة الناس ويساهم مباشرة في ازدياد السخط والغضب الشعبي بين عامة الناس ضد النظام وسياساته وصولا الي الصمود والاستمرار في التظاهر لرفض سياسات النظام العدائية والغير مقبولة في الداخل والخارج.
يعتبر النضال الشعبي الوطني للشعوب الغير فارسية في إيران مثل الشعب العربي الاحوازي، والشعب البلوشي، والشعب الكردي، من بين التحديات الكبيرة التي يواجهها النظام حيث هذه المظاهرات الواسعة الانتشار جغرافيا وشعبيا لدى قطاعات وشرائح كبيرة من أبناء هذه الشعوب وبسقوط ضحايا أو اعتقالات بين صفوف أبناء هذه الشعوب يزداد معه حدة الغضب الشعبي والعزم على استمرار طريق النضال ضد النظام.
قد شهد شهر مايو من العام الحالي محطات مهمة للوضع الايراني حيث أعلنت الولايات المتحدة الامريكية خروجها من الصفقة النووية التي أُبرمت اثناء فترة رئاسة أوباما وبذلك قُطع الطريق أمام النظام الذي كان قد منح فترة انتعاش أخري من قبل الديمقراطيين في الولايات المتحدة للمحاولة منهم لتأهيله وكسر العزلة الدولية المفروضة عليه ودخوله المجتمع الدولي من بوابة المفاوضات النووية وفي النهاية إطالة عمر هذا النظام المريض والمتخلف. الاّ أن خروج الولايات المتحدة من الصفقة النووية كانت بمثابة الصفعة القوية للنظام مما سوف يجعل النظام يتراجع الي الداخل وهذا الامر سوف يضعف قدرات النظام من التوسع في المنطقة لكن سوف ينعكس على الداخل بزيادة سلوك النظام العنيف أمام الجمهور الغاضب الذي يريد ان يتخلص من هذا النظام الدموي الذي يقترب من انتهاء صلاحيته داخليا وخارجيا.
أيضا شهر مايو كان قد شهد أحداثاً مهمة في مناطق الشعوب غير الفارسية في إيران تجلت في اندلاع مظاهرات شعبية تؤكد على استمرار نضال هذه الشعوب ضد الاستبداد والقمع الفاشي الذي يمثله النظام الإيراني. من أبرز هذه الأحداث كانت المظاهرات الشعبية في الأحواز أثناء أمسيات واحتفالات رمضان وأيضا مظاهرات العمال الأحوازيين ضد الشركات العاملة في الأحواز بسبب عدم دفع أجور العمال وأيضا مظاهرات المزارعين الاحوازيين أمام مكتب المحافظ واقتحامهم الإدارة المحلية لوزارة المياه والري لمنعها المزارعين الاحوازيين من زراعة الرز لهذا العام بحجة شح المياه في الإقليم. كما ان المناطق الأخرى في إيران أيضا شهدت مظاهرات عارمة زلزلت الأرض تحت اقدام النظام الإيراني منها المظاهرات الكبيرة في مدينة كازرون التي لقنت النظام درسا قاسيا في النضال والاحتجاجات الشعبية وبالطبع الإضرابات العامة في المدن الكردية وأيضا مظاهرات البلوش ضد الاهانات العنصرية من قبل العنصريين الفرس كانت أيضا تهز اركان النظام.
ومن الملفت ان المظاهرات تتخذ زخما كل يوم وأصبحت تتنوع وتتوزع جغرافيا في جميع أرجاء إيران حيث دخلت على الخط تيارات وطبقات عمالية وفئات اجتماعية أخري مثل سائقي الشاحنات والعربات الكبرى والمعلمين والشرائح الأخرى المهمشة والمتضررة في المجتمع من جراء سياسات النظام الفاشلة حيث يدل هذا الامر على ازدياد الوعي ونزول درجة الخوف عند الشارع الغاضب في إيران.
ومع مرور الوقت تزداد وتتضاعف الضغوط الداخلية ضد النظام في الداخل حيث أصبح الشعب الإيراني المتنوع في الأعراق والأديان يشعر بنفس الخطر من هذا النظام وبات مكشوفا للجميع أن سقوط هذا النظام يشكل مصلحة مشتركة لجميع الشعوب في إيران وبقاء هذا النظام سوف يزيد التوترات والصراعات في المنطقة ولا يخدم الأمن والسلم الدوليين، وخاصة يشكل خطراً على أمن واستقرار دول الجوار حيث تدخلات هذا النظام في عمق دول المنطقة من أبرز الدلائل على الدور التخريبي للنظام في هذه المنطقة الحساسة.
ولذلك تنتظر الشعوب في إيران خطوات إيجابية أخرى من المجتمع الدولي لدعم الحراك الشعبي الجماهيري المتصاعد وعدم إعطاء فرصة أخري لهذا النظام في أي مباحثات ومفاوضات دولية اخري حيث هذا الأمر بمثابة شرعنة أعماله الإرهابية في الداخل و الخارج ، أن النظام اثبت عدم مصداقيته، وعدم تمسكه في كل القرارات الدولية و الملفات التفاوضية مثل المشروع النووي وعدم التدخل في شؤون الغير ودعم الإرهاب في العالم.
وفي الأخير لابد من الاشارة الى هذا الموضوع أن خروج الولايات المتحدة من ملف إيران النووي أصبحت ازمة النظام وليس ازمة الشعب الإيراني حيث لم يستفد الشعب الإيراني من الصفقة النووية التي أبرمتها إدارة أوباما سوى إطالة عمر النظام.