المرأة الأحوازية في يومها.. نضال للخلاص من الاحتلال الإيراني وكسر قيود الأعراف والتقاليد
———-
منذ اكثر من قرن والعالم يحتفل بالثامن من مارس/آذار من كل عام باليوم العالمي للمرأة لأحياء ذكرى المسيرة النضالية المستمرة للنساء عبر العقود، وللتأكيد على أهمية وأحقية حقوق المرأة، ودورها في المجتمع، وضرورة استيفاء كافة حقوقها متساوية مع الرجل لبناء مجتمعات تسودها العدالة.
وتحتفل الجمعية النسائية للأمم المتحدة بهذا اليوم تحت شعار “المساواة بين الجنسين اليوم من أجل غد مستدام”. كما اقترحت بعض منظمات الدفاع عن حقوق المرأة شعار #كسرالتحيّز (#BreakTheBias) لهذا اليوم في محاولة لوقف التحامل الغير عادل ضد النساء في المجتمعات.
ونحن بدورنا في التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز، انطلاقاً من ايماننا بمبدأ مساواة الرجل والمرأة، نهنئ كل النساء في العالم، وعلى وجه الخصوص النساء الاحوازيات، وفي مقدمتهن أمهات، وزوجات، وبنات، وأخوات الشهداء والأسرى بهذه المناسبة العالمية، آملين أن تحصل المرأة الاحوازية على كافة حقوقها متساوية مع الرجل وأن تأخذ مكانتها في مجتمعنا الذي يعاني من نير الاحتلال الايراني.
إن نظرة بسيطة الى الشعارات المخصصة للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة تبين لنا مدى الفجوة التي تفصل بيننا وبين ما توصلت اليه الشعوب المتقدمة. نحن نعلم تماماً أن ما تعانيه المرأة الاحوازية هو جزء من معاناة المرأة في الشرق الأوسط بشكل عام. فنحن كعرب نأمل أن تحصل المرأة العربية في البلدان العربية ذات السيادة العربية على كافة حقوقها متساوية مع الرجل لبناء مجتمعات راقية تسودها العدالة والمساواة ويحصل كل افراد المجتمع على حقوقهم دون التمييز حسب الجنس، او لون البشرة، او العرق، او المعتقد.
ان الغاية القصوى لنضال شعبنا هي الخلاص من براثن الاحتلال الإيراني، وهذا الامر لن يحصل الا بتضافر كافة الجهود وتآزر جميع الطاقات والكفاءات، واصطفاف الرجال والنساء جنباً الى جنب في خندق واحد ضد الظلم والاضطهاد والاحتلال.
ان الحديث عن المرأة الاحوازية ذو شجون، انها تعاني من ظلم واضطهاد مضاعفين، حيث من جانب انها ضحية التمييز والظلم الناتج عن الاحتلال، وفي الوقت ذاته فهي ضحية المجتمع الذكوري المتسلط على رقبتها. الظلم الأول هو الاحتلال الإيراني للاحواز الذي يشمل كل المكونات الوجودية للشعب الأحوازي من الانسان، والتاريخ، والحضارة، والبيئة. ولم يستثني رجلا ولا امرأة، ولا طفلا، ولم تسلم منه حتى البيئة والحيوانات، ويحرق الأخضر واليابس، ويدمر الحرث والنسل. هذا الاحتلال الغاشم الذي سلب ثروات البلد ويحوك المخطط تلو الآخر لمحو هوية الشعب الاحوازي مستخدماً كل الوسائل المتاحة، بدءً بالتهجير القسري والتجويع ومصادرة الأراضي والحرمان من التعليم باللغة العربية، و انتهاءً بالاعدامات والسجن وسياسات الاحتواء،و..
في الوقت الذي تتنافس فيه الدول في إعطاء دور ريادي للمرأة في تصديها لمناصب عليا، فالمرأة والرجل في الاحواز يناضلان من أجل الحياة. فهي تتحمل حرقة استشهاد او اعتقال الابن، والزوج، والاخ، والحبيب ولم تكتف بهذا بل دخلت الى معركة الوجود لتدافع عن حقوق شعبها جنباً الى جنب الرجل متحدية سلطات للاحتلال الجائرة، ومكسّرة قيود التقاليد والأعراف.
أما الظلم الثاني هو ظلم التقاليد والأعراف البائدة التي تنخر بجسد الشعب، ولا تزال تلقي بظلالها على كل مفاصل الحياة في المجتمع الأحوازي.
ولا ننسى أن نشيد بالإنجازات التي حققتها المرأة الاحوازية لتحصل على مكانة تليق بها في المجتمع وارتقت على سلم التطور لتحتل مناصب كأستاذة في الجامعة ومعلمة وطبيبة ومهندسة و شاعرة وكاتبة وفنانة وناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وطالبة جامعة، وهذا لا يعني أن ننسى دور ربات البيوت في تربية أجيال المستقبل.
فعلى الرغم من حصول التقدم الملحوظ في حياة المرأة الاحوازية في مختلف المجالات التعليمية والمهنية والنضالية لكنها لا زالت في مستهل الطريق لتتمكن من التنافس مع النساء في المجتمعات الأخرى.
ومع ادراكنا لصعوبة التحديات التي تواجهها المرأة الاحوازية في مسيرتها للحصول على حقوقها، لكن هذا لا يعني استحالة الوصول الى الهدف المنشود. ويتطلب هذا الأمر بذل الجهود من قبل كافة شرائح المجتمع خاصةً المثقفين والنشطاء لكي نساعد المرأة الأحوازيه في سبيل تحقيق أهدافها. وأحسن طريقة للنهوض بالمرأة هو اتاحة الفرصة للبنات- نساء المستقبل- من الحصول على التعليم الكامل، وفتح المجال لهن كي يلتحقن بالجامعات، وقبولهن كمكون اساسي في المجتمع، ونحترم حريتهن في اختياراتهن بدءً من التعليم واختيار شريك الحياة والتعبير عن رأيهن. فتغيّب المرأة عن الساحة يعني غياب نصف أفراد المجتمع وكاننا نهمل نصف امكانيات مجتمعنا البشرية.
والأمر الحسّاس الذي يستحق ان نسلط عليه الضوء هو ضرورة نقد الذات. كلنا يعلم ان مجتمعنا يعاني من أزمات اجتماعية تتطلب منا جميعاً ان نقوم بدورنا في سبيل إصلاحه، وهذا الامر يتطلب فتح باب الحوار بين المثقفين من جانب ورؤساء القبائل والعشائر من جانب آخر لاصلاح الأعراف المضرة مع التأكيد على القيم الإنسانية العليا التي تتواجد بكثرة في تراثنا وفي أوساط شعبنا.
من التحديات الأخرى التي يواجهها مجتمعنا هو الانتشار السريع للتكنولوجيا والعولمة التي تجتاح العالم بأسرة . في ظل انعدام منظمات أحوازية تهتم بالشأن الاحوازي وفي ظل حظر نشاط مؤسسات المجتمع المدني من قبل الاحتلال الإيراني، تقع المسؤولية على عاتق المثقفين والنشطاء ليقوموا بدورهم كي نتخطى هذه المرحلة الانتقالية بأقل الاضرار، فالتعليم والتثقيف والتدريب هي الطرق الأقل ضرراً لكي نواكب العالم وننهض بشعبنا في معترك التنافس الإقليمي والعالمي ونحافظ على وجودنا وهويتنا.
وفي الأخير مرة أخرى اذ يبارك للمرأة الاحوازية يومها متمنياً لها النجاح في تحقيق كافة مطالبها، يؤكد التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز التزامه وعزمه الراسخ في جعل المطالبة بحقوق المرأة الأحوازية جزءاً من استراتيجيته لخدمة قضيتنا الأحوازية العادلة.