انتهج النظام الإيراني بعض السياسات الخبيثة لاستهداف الشعب الأحوازي والقضاء عليه، فتارة يحاربه بسلاح التجويع، وتارة بالتجهيل، واحيانا بالتجفيف، أو الفيضانات المتعمدة، فضلا عن حصاره الثقافي، وشن الغارات من كل حدب وصوب، ولم يترك منحى واحدا من مناحي الحياة إلا واستغلها لمواجهة الإنسان الأحوازي.
ومن ضمن هذه السياسات العدوانية هو انتشار المخدرات على نطاق واسع، حتى أصبحت من أشد الأسلحة فتكا ودمارا بكيان الإنسان، حيث يصبح عبئا على أسرته ومجتمعه في نفس الوقت. فهذا النظام من خلال أجندته المعروفة يقوم بتوزيع المخدرات، وبأسعار رخيصة في عموم الأحواز، ليدمر حياة الشباب، ويعطل قدراتهم، ويدفعهم إلى مهاوي الرذائل، ويخرب بنية المجتمع، حتى يصبح الضحية في حالة غيبوبة وذهول، لا يعرف ما يدور حوله.
أصبحت معضلة تعاطي المخدرات إحدى التحديات والأزمات المجتمعية الكبرى، وهذه المشكلة تفشت بين الشرائح الأكثر فقرا في المجتمع، والمصيبة تعظم عندما تعصف بالمراهقين لتشمل الذين سنهم يتراوح ال15 من كلا الجنسين، فتصيب الإنسان دهشة ما هو مصير هؤلاء الضحايا؟ وأي مستقبل ينتظرهم؟
أما الأسباب التي تدفع بعض الشباب لتعاطي المخدرات هي كالتالي: المتعة، وإشباع الرغبة، الفضول، والإصابة بالاضطراب العقلي، والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية والبطالة والضغوطات السياسية. وكذلك لإرتفاع نسبة الأمية، دور مهم في تورط الشباب في هذا البلاء، أيضا هناك مجموعة من العوامل النفسية، والاجتماعية، والتربوية، والسياسية، والاقتصادية، مجتمعة مع بعض في شبكة معقدة تؤدي بالفرد إلى هذا الواقع المأساوي.
ولا ننسى ان نضيف ان توزيع المخدرات في الاحواز تحت أعين عناصر الأمن الإيراني، وسهولة الحصول على مختلف أنواعها وبثمن قليل، يشجع الشباب على تعاطي المخدرات ووقوعهم في هاوية يصعب الخروج منها .
إذن الإدمان خطر فتاك، وفي نفس الوقت معقد فعلاجه أمر صعب للغاية، لأن الضحية بوحده لا يستطيع الخلاص منه، بل لابد أن تكون عدة مؤسسات تدعمه، وترعاه وتشجعه، وتصنع له البدائل لمليء وقته، وانشغاله بأمور إيجابية، وأن تجعله يشعر بالقيمة والكرامة الإنسانية، وهذه المؤسسات إما غير متوفرة وإما غير مؤهلة، وعلى رأس تلك المؤسسات هي الأسرة ودائرة الأصدقاء والأقارب، وكذلك مؤسسات إعادة التأهيل والرعاية الاجتماعية و…بينما الواقع يوحي بعكس ذلك فإن الأسرة عادة متدهورة، وفقيرة، ولا تملك الوعي الكافي، ولا المعرفة الضرورية لاحتواء الفرد ودعمه نفسيا، حتى يعود للحياة السليمة. وكذلك لا توجد مراكز إعادة تأهيل، وإن أنشئت فهي عادة ما تتوفر فيها المخدرات، ولا تجدي نفعا، ويخرج منها الفرد المدمن متعاطيا مادة جديدة في داخلها، وهكذا يزداد طينه بلة.