بعد انتشار إحدی المقالات التي اعاد نشرها موقع بروال الموقـّر حول جرائم الشرف (قاتلان قتلهای ناموسی، مجرمان بی مجازات) وتفاعل القراء معها اخذتني الذاکرة الی عدة جرائم شرف اخری وقعت في قری لواء الدورق. لابد من ذکرها لکي تصبح عند القارئ او الناشط الإجتماعي والحقوقي رؤیة کاملة حول هذا النوع من القضایا وتفاصیلها التي تحدث في مجتمعنا العربي الأحوازي .
سابقاً وقد نشرتُ في احد المواقع التواصل الإجتماعی نصوص تختص بهذا الشأن وقد واجهني البعض ان ما تنشرهُ لیس بصالح المجتمع ویضرّنا ولا ینفعنا،علی حد تعبیره . ولکن من باب کشف العیوب ومعالجتهن من قبل المعنیین في هذا الأمر کتبت هذا التقریر، وکما یقول المثل الشعبي ” الضم عیبه عاب والکشف عیبه طاب ” .
في المقال السابق لسیدة ” فرشته کسرا ” اُشیر علی ان اغلب جرائم الشرف تقع في دول جنوب آسیا ، الشرق الأوسط وشمال افریقا ومنها باکستان حیث یتصدر الأول في قائمة جرائم الشرف کما ان ضحایاه أي باکستان سنویاً الف وخمسمائة ضحیة وبعده یأتي في هذا الجدول الأسود؛ کردستان العراق وترکیة، ایران ،عمان ومصر .
اما في ایران فـ محافظة الأحواز، کردستان، آذربایجان، عیلام، کرمانشاه، سیستان و بلوشستان، لرستان، همدان، فارس وخراسان حسب الترتیب، من المناطق التي تقع فیها جرائم الشرف سنویاً وبشکل واضح ومعلن ، بغظ النظر عن الجرائم التي لم ولن تعلن.
ففي الأحواز ایضاً لا تزال هذه الجرائم تقع في القری والأریاف ومنها قری الدورق وعبّادان والأحواز و… ، والدورق هو الأول في هذه القائمة المخزیة کما اشیر في المقال المذکور.
هذا التقریر لیس بصدد الدفاع عن العلاقات الغیر شرعیة ولا نقدها ولا التشهیر بالعوائل انما الهدف من ذلک المعالجة من قبل المهتمین بهذا الشأن والتندید بالعقوبة لمن یرتکب مثل هذه الأعمال الإجرامیة لأن وللأسف کما نعلم ان مرتکبي هذه الجرائم یعدّون بین عمومتهم وقبائلهم من الرجال والمشار الیهم بالهیبة ، لأنهم ” غسلوا عارهم ” بقتلهم لإخواتهم ، امهاتهم ، بناتهم و… وبالمقابل القانون لا یأخذ مجراه کما یلزم ، لذلک لیس هناک مانع صارم یمنعهم من ارتکابهم لهذه الاعمال وکل ما هو موجود سجن بضعة اشهر او اقل وبعده اطلاق سراحهم .
حینما لا یکون المثقف ، الإعلام ، المنابر، القانون و… بین عوام ناس{مؤثر} تحدث مثل هذه الاعمال الإجرامیة؛
بسمة:
تبلغ من العمر الخامس والأربعون لها ثلاثة بنات واثنین من البنین زوجها مدمن مخدرات ینام النهار ویسهر اللیل لیتعاطي الاُفیون. وهيَّ التي تجهد وتکافح لتحصل علی القلیل من المال من اجل امرار معاش عائلتها.
اتهمها ابن عمها بسبب کره امه لها ، ان لها علاقة مع احد ابناء الحي وانتشرت الشائعة حتی ان وصل النبأ الی اخیها الذي یبلغ من العمر الخامسة والعشرون ، ففي یوم من الأیام وهيَّ عائدة متعبة من السوق بعد بیعها زبیل من البطیخ، دخلت البیت وعلی رأسها الزبیل، وجدت اخیها وبیده “ساطور” ینتظرها حینها فهمت انه عرف بالشائعة ارادت ان تشرح له الأمر لکن الغضب والعار الذي کان یحیط بأخوها لم یسمح لها بذلک سوی الهروب وسرعان ما رکضت مهرولة لخارج البیت ولتعاسة حضها سقطت وسهل له قتلها …!
اعتقل هذا المجرم وسجن ستة اشهر وبعد ذلک اطلق سراحه وبدأ یمشي بین الناس بتفاخر واعتزاز اکثر من سابق.(وقعت هذه الجریمة عام 1377 هـ.ش)
سمیِة:
تبلغ من العمر سبعة عشر عام تدرس في احدی المدارس التي تقع علی بعد خمسة کیلومترات من قریتها حیث تذهب مع بنات القریة کل یوم الی المدرسة بسیارة اجرة لـ”باسم” ولد جیرانهم الذي یوجد حائط واحد یعزل بیتهم عن بیته.
في احد الأیام وهي تضحک تودع صدیقاتها في سیارة باسم وتحرّک یدها لهن ، رآها ولد خالها ” داوود” ونظر لها نظرة غریبة.
سرعان ما دخلت بیتهم وجاء داوود وشرح الأمر لأبیها واجابه والدها : ” انه گول بنت ال… یومیة تروح شسوی یم الحایط ، اثاری تحاچي ال… باسم ” . وبعدما جاء عمها “جلیل” المدمن والمختل عقلیاً واشتد الکلام والإتهام وصاح ابیها لـ داوود ” ولک جیب السچین “.!
حین کلامهم کانت جدة سمیة تسمع الکلام، صرخت ورکضت وقالت لسمیة الأمر وقفلت الباب علیها وعندما جاء ابیها ومن معه وجدوا الباب مغلق ارادوا فتحه ولم یستطیعوا، طلب ابیها من امه ان تعطی المفتاح ولکن ابت ذلک وکانت النتیجة صفعة علی وجهها وخرّت ساقطة علی الأرض . ذهب داوود وجاء بالـ “هیب ” (آلة حدیدة لهدم الجدران) وبدئوا بالضرب علی الباب وسمیة تصرخ بأعلی صوتها .
کُسِرَ الباب ودخلوا علیها وکانت تصرخ :” بووویة ، بووویة ، شمالني، شمسویة ؟…ولکن کلامها لم یشفع لها ، وفصلوا رأسها عن جسدها . المدمن جلیل مسک الرأس و خرج من البیت ذاهباً الی مخفر الشرطة .
تقول احد اقرباء کاتب السطور انني سمعت صوت عویل وصراخ وذهبت لأفتح الباب لأفهم السبب وحین فتحت الباب وجدت جلیل وبیده الرأس ویصیح بأعلی صوته ” غسلت عاري”.!
داوود وابیها لم یعترفوا امام القاضي بقتلهم لها لکن جلیل المدمن اعترف بذلک وسجن وبعد مرور عام واحد ، اطلق سراحه .!
نتیجة هذه الجریمة کانت طلاق ام الضحیة التي هي من محافظة اخری وتوفى جد البنت بسبب جلطة في الرأس حین عرف بالأمر ،و انتقال العائلة من القریة لمدینة اخری هروباً من العار {الذي تم غسله}.! (وقعت هذه الجریمة عام 1390 هـ.ش )
سهام :
متزوجة ولها ثلاثة اولاد وبنت، سهام تبلغ الأربعین من العمراتهمت بعلاقة مع زمیلها في مصنع تعلیب التمور والتصویر معه.
قتلت علی ید اخیها المدمن وابنها الذي یبلغ من العمر سبعة عشر عام ،وقعت هذه الجریمة عام 1389 هـ.ش صباحاً علی جسر “حالوب ” في وسط سوق مدینة الفلاحیة امام عامة الناس ما ادی الی ارتفاع صوت صراخ النساء والاطفال وزرع الرعب والخوف في نفوسهم.!
الأمثال کثیرة والمعاقبة قلیلة وما ذکرته لیس الا ما رأیته او سمعت به من قریب ولیس هنالک داع للمبالغة في الشرح کما یفعل البعض . آملین من المعنیین في هذا الأمر ان یقوموا بدراسة هذه المعظلة والظاهرة الغیر إنسانیة واقامة ندوات في هذا الصدد ونشر الحلول بطرق ووسائل مختلفة وواسعة في الأحواز لکي یتم القضاء قدر المستطاع علی مثل هذه الأعمال { الوحشیة } .لا سیما علی النصف الآخر من المجتمع الذي تشکله المرأة ان یقوم بواجبه تجاه هذا الأمر والدفاع عنه بکافة السبل المتاحة حتی ولو تطلّب الأمر دفع ثمن.
اذا الشعب یوماً اراد الحیاة…
(لابد من الذکر إنَّ الأسماء المذکورة مستعارة)
بقلم: أمير منيعاوي
نقلا عن: موقع بروال
تم تصحيح تسمية الأحواز من قبل موقع التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز