دراسة أكاديمية تفضح العنصرية في إيران ضد العرب والثقافة العربية
نشرت صحيفة مكة الإلكترونية دراسة أكاديمية وموضوعية حول الفكر القومي الإيراني وما يحتويه من كراهية وعداء للعرب والإسلام. أعد هذه الدراسة أربعة من النشطاء الأحوازيين وهم: كاظم والي، وياسر الأسدي، ومهدي الهاشمي، وعبدالرحمن الحيدري.
هذه الدراسة تشمل نظرة تاريخية لعنصرية الإيرانيين ومعاداتهم للعرب، بالإضافة الى دراسة الفكر القومي الإيراني وجذوره، كما تطرح الدراسة أمثلة وأمثله تاريخية وحديثة عن معاداة العرب في الوسط الثقافي، والفني، وعند المسؤولين الإيرانيين.
كتبت هذه الدراسة، التي تتكون من 45 صفحة، حسب مصادر الفكر القومي الإيراني، وأحدث الكتب التي تناولت هذا الفكر.
من الأمور الملفتة للنظر في هذه الدراسة هو الدمج بين البحث العلمي الأكاديمي والبحث الميداني، حتى لا تكون مملة للقارئ. فإنها معززة بمصادر علمية من الطراز الأول والمصادر الميدانية كالجرائد، واللقاءات التلفزيونية ووسائل التواص الاجتماعي.
في هذا الزمان، الذي تشكل إيران أكبر مصدر تهديد للدول العربية عامة والدول الخليجية على وجه الخصوص، بات الاطلاع على الفكر القومي الإيراني وحيثياته من أهم الأولويات للمواطن العربي.
جاء في مقدمة الدراسة:
في حين أن العنصرية هي إلى حد كبير نتيجة الخوف والجهل، فقد تم استخدام العنصرية دائماً في النزاعات السياسية والدينية والعرقية وحتى الاقتصادية عبر تاريخ البشرية. إن العنصرية وكراهية “العدو” هما العاملان الأهم في تحريض الجماهير وتعبئتها للمشاركة الفعالة في الحروب. على الرغم من أن تاريخ العبودية يعود إلى آلاف السنين، فقد بررت العنصرية في أواخر القرن الرابع عشر في أوروبا العبودية وحولتها إلى تجارة عالمية منظمة.
يصادف الثامن من مايو ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا. قال رئيس الولايات المتحدة، فرانكلين دي روزفلت، إن الهدف من الحرب هو تحقيق أربع حريات: حرية التعبير، وحرية الدين، والتحرر من قيود الحاجة، والتحرر من الخوف. كما اعتبرتها أوروبا انتصاراً لقوى الحرية والديمقراطية على الفاشية والعنصرية. وقد جعلت أوروبا والولايات المتحدة نهاية الحرب العالمية الثانية أرضيةً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبشرية ولتأسيس وتشغيل منظمات غير حكومية للدفاع عن الحقوق والقيم الإنسانية. وعلى الرغم من أن هذه المؤسسات كانت قادرة على تحسين معايير حقوق الإنسان إلى حد ما بمساعدة بعض الدول المتقدمة، إلا أن العنصرية ومعاداة الآخرين كانت دائماً تعتبر مشكلة اجتماعية في المجتمع البشري ولا تزال تستخدم من قبل الأفراد والحكومات بطريقة منظمة.
في إيران، انتشرت العنصرية في شكل معاداة الإسلام، ومعاداة العرب، والأتراك، ومعاداة الأفغان، ومعاداة الآخرين، وقد استخدمت في العديد من الفترات التاريخية لأسباب سياسية وعرقية. وهناك العديد من الأمثلة الواضحة للعنصرية في التاريخ والأدب والثقافة الفارسية.
من الناحية الاجتماعية، تختلف العنصرية ومناهضة الآخرين في إيران اختلافاً جوهرياً عن العنصرية في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم. توجد العنصرية في أوروبا في الطبقات الدنيا من المجتمع والأقل تعليما من الطبقة المتوسطة والمتعلمة. بالطبع، إن هذا الأمر بالإضافة إلى أنه مرتبط بمفكري الطبقات المتوسطة والمتعلمة في المجتمع، فإنه مرتبط أيضا بدور الدولة والمؤسسات المدنية والحقوقية، حيث تكون فيها العنصرية قبيحة وغير أخلاقية وتتعارض مع الثقافة والحضارة والمثقفين. ومع ذلك، في إيران، تنتشر ظاهرة معاداة الإسلام والعرب بين الطبقة الوسطى والطبقة المثقفة في المجتمع، بما في ذلك الكُتاب والشعراء والسياسيون وحتى عند رجال الدين (حيث تظهر عندهم بشكل معاداة العرب)، وهؤلاء الأشخاص هم الذين يعبرون عن أفكار عنصرية في شكل شعر، وقصص وروايات وكتابات تاريخية وفلسفية وكتب تعليمية أو حتى في شكل أحكام ومعتقدات دينية وينقلونها إلى طبقات المجتمع ويضفون عليها طابعاً مؤسسياً
العنصرية تُعد جريمة في العديد من المجتمعات الراقية، والعنصري يعاقبه القانون إذا ثبتت إدانته. الشخص العنصري أيضاً ليس له مكانة في المجتمع إلا بين أقلية صغيرة من الأشخاص ذوي التفكير المماثل. لكن في إيران، على الرغم من أن الدستور يجرم إهانة المسؤولين السياسيين والدينيين، إلا أنه لا يوجد ذكر للعنصرية أو إهانة الأعراق أو اللغات أو الأقوام.
لقد قامت الطبقة المتوسطة والمتعلمة في إيران، ولأسباب سياسية وعرقية، بإضفاء طابع مؤسسي على معاداة العرب والإسلام في الثقافة الإيرانية، حيث جعلوا العرب في مواجهة العجم. في حين أن معاداة الإسلام والعرب في إيران تستند أساساً إلى اتهامات كاذبة، لأن جهل إيران وتخلفه مرتبط بمشكلات البنية الاجتماعية والثقافية وسوء الإدارة في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع وليس مرتبطاً بالإسلام والعرب.
كان تأثير العرب المسلمين في أوروبا عميقاً في العصور الوسطى في مجالات مختلفة مثل الفن والعمارة والموسيقى واللغة والفلسفة والطب والصيدلة والزراعة، وقد أيده المثقفون الأوروبيون دائماً. ويعود ذلك إلى زمن الخليفة العباسي مأمون حيث كلف أبا يوسف الكندي، أبا الفلسفة العربية، بترجمة الفلسفة اليونانية والهلنستية القديمة، مما أدى إلى ظهور الفلسفة الإسلامية الحديثة ونقلها إلى الأندلس وأوروبا. ترجم العرب المسلمون في الأندلس الفلسفة الإسلامية الحديثة إلى الإسبانية واللاتينية والعبرية، وعندها فقط انتشرت الفلسفة اليونانية والهلنستية والإسلامية في أوروبا التي كان لها فيما بعد آثار ملموسة على النهضة الأوروبية والثورة الفرنسية. كان للفلاسفة العرب مثل ابن باجة وابن طفيل وابن رشد وابن العربي التأثير الأكبر على انتقال هذه الفلسفة في الأندلس وأوروبا. ومع ذلك، في إيران، لم يتم تجاهل تأثير اللغة العربية والثقافة الإسلامية واللغة والأدب والفلسفة فحسب، بل ألقى العديد من الكتاب الفارسيين باللوم على الإسلام في تخلف إيران. في حين أنه ليس سراً أن اللغة العربية تسببت في نمو وازدهار اللغة الفارسية ومهدت الطريق لظهور الشعر والأدب الفارسيين. في الواقع، يعود ظهور وانتشار الفلسفة والفن والعمارة والطب والشعر والأدب في إيران إلى العصر الذهبي للحضارة الإسلامية؛ عندما كانت إيران جزءاً من العالم الإسلامي، وكانت دمشق وبغداد فيما بعد مركزين للخلافة الإسلامية ومركزين للعلوم والفنون في العالم. وبالنظر إلى تاريخ إيران، يمكن ملاحظة أن ظهور معظم الشعراء والكتاب والعلماء “الإيرانيين” (لأنه لم يكن هناك هوية إيرانية في ذلك الوقت) يعود إلى نفس الفترة الإسلامية وأعمالهم هي دليل على نشأتهم وتطورهم في فترة كانت فيها بغداد مركز الخلافة الإسلامية ومنارة العلم والمعرفة في العالم. ومع ذلك، لم يتم إثبات وجود مثل هؤلاء الأشخاص في إيران قبل الإسلام.
يحاول مؤلفو هذا البحث دراسة ظاهرة العنصرية القبيحة في المجتمع الإيراني من الماضي إلى الحاضر ومن الفكر إلى السياسة والممارسة. وبناءً على ذلك، سيتم دراسة التاريخ الفكري للعنصرية، ومرور على تاريخ معاداة العرب في إيران، والخطط العنصرية للحكومة المركزية (العنصرية المؤسسية)، والعنصرية في السينما والإذاعة والتلفزيون، والعنصرية في الرياضة.
أولاً، يتم عرض مقدمة عن العنصرية ومعاداة العرب في إيران ثم تاريخ حركة الشعوبية والعنصرية في إيران. ومن ثم نأتي إلى تعريف الكلمات المفتاحية للعنصرية (الفردية والمؤسسية) والتمييز العنصري ومعانيه. وبما أنه لا يمكن دراسة الخطاب والسياسات العنصرية في إيران دون تتبع جذور القومية الإيرانية وأسسها الفكرية. لذلك سنتطرق إلى تاريخ خطاب القومية الإيرانية وأسسها الفكرية. ولهذا الغرض، سيتم سرد أمثلة من كتابات قادة هذا الخطاب. كما سيتم ذكر أمثلة للخطاب العنصري الشائع في المجتمع الإيراني، وخاصة لرجال الدولة والمثقفين.
رابط الدراسة على موقع صحيفة مكة الإلكترونية:
للحصول على نسخة من الدراسة بتنسيق PDF اضغط على الرابط التالي: