“أزمنة الأسر الكبيرة لم تمض في النواح على الأطلال وطلب العون من السموات ، بل مضت في جمع وأحصاء ممتلكات اكتنزناها، ممتلكات لا يمكن لأي عدو منتصر خطفها منا: الذكريات “
(رومن رولان )
ما جرى على جيلنا، يجب ان يكتب: “نسلون ماندلا” محق، نحن لا نحقد على أحد لأننا نملك اهداف سامية واذا حقدنا نسقط مرة أخرى في أسر أحكام قصاصكم، نحن تجاوزنا الحقد، نحن نريد العدل، العدالة في الصيف الدامي لتلك السنة، عندما جاءتنا اصوات خطواتکم. على عجل متسرعة وغير منسقة مثل هجمات وغزوات مدونة في التاريخ، هجمة المغول والتاتار معولين على رماح مقاتلين يرتدون الجزم الكبيرة وبأيديهم أحكام السطو، لم توجه رشاشتهم على صدورنا بل نصبوا لنا منصة الإعدام حتى لا تنهضوا بسماع صوت الرصاص ومن دون خشية ((حساب الآخرة)) ارتكبوا جريمة اغتيال كبيرة ومفزعة ! لأن أمامهم (خميني) أمر بفتوى لا يمكن العدول اعلن حظر أي نوع من الشكوك وضياع للوقت بمحاسبة وإعدام مرتكبي مجزرة صيف 1988.
السجن، في الأنظمة الديكتاتورية ليست وحده وسيلة بل رمزا ملزما لحفظ وبقاء تلك الأنظمة وباعتقال أي معارض للسلطة تضمن الديكتاتورية الوقوف على رجليها. السجنُ سيفٌ خارجاً من غمد ومسلط على رأس الشعب ومقابل كل كيف ولماذا، يلجأ السجان وقوات حفظ النظام الى السوط.
إدارة السجن تسعى حظر أي علاقة بين السجين والعالم الخارجي، لأن كلما اطفأ السجن والسجين، ينعم السجان بنوم أكثر هدوءا. لكن هل تتمكن أي قوة من اختراق تلك الجداران الأسمنتية العالية والخرسانية المهجزة بالأسلاك الشائكة واقسام السجن، القيود و طقوس التعذيب والأبواب والنوافذ المختومة وحجب أي خبر قبل تسربه لخارج السجن وخنق أي صوت مسموع ، كل تلك الأرواح العاشقة و الهائمة المضرجة بالدماء هل يمكن إعادة ذكراها الى العالم الحر ؟
يمكن ذلك بكلام راسخ و يجب القول :أن معاناة و آلام وأمل ومقاومة السجين وكلمة لا رفعها بوجه الجلاد في التعذيب والعنف بلا رحمة؛ لم يتمكن السجانون لهذا اليوم من طمسها وشنقها في غياهب أروقة السجون.
نعم يمكن شنق الإنسان السجين بمحاكمة أو دونها ، بحكم قضائي أو دونه لكن لم يتمكن أي ديكتاتور للآن من شنق القيم الإنسانية وإن كان السجان يصهل في كل مرة : “إننا لا نسمح لأي أحد أن يتحول الى بطل.
المحققون والجلادون ومن يمارس التعذيب اى حد صنعوا في السجن أجواء مختنقة حتى ظلهم يستدعي ويتبادر الى ذهن السجين لحظات التعذيب والأستجواب.
الى حد يخشى السجان من سجينه وهوفي أسر سجنه، يظهر هذا حالة النظام الذي يريد أن يمحوا كل الآثار التي تدل على وجود السجين والحياة وحتى يجفف في داخله حلم وجوده. على الرغم من كل ما حدث صوت السجناء المسموع، بعد سنوات من الإعتقال والتعذيب والإعدام والمشانق يطلق من السجن و من تخلصوا من السجون يشرحون ذكرياته و هم شهود أحياء في جوار الزوجات وفقدان الأمهات وآباء لأطفال الأمس ومراهقين وشباب اليوم، امهات وآباء واخوات واخوان ألوف الآف من المعدومين في السجون ، اليوم كل واحد منهم شاهد حي يطالب بإصدار وثيقة ” الجريمة ضد البشرية.
اليوم في الذكرى الخامسة والعشرين لذلك الصيف الدامي يجب ويمكن فضح ممارسات السجون وذروة الجرائم للرأي العام العالمي الحر و المنظمات والأحزاب العالمية الراقية ، للتأكيد أقول نفضحهم أمام الإنسانية ذات الأفكار الحرة وليس مجاميع حقوق الإنسان والأمم المتحدة التي تلعب على حبال السياسة المنحازة والتي اختارت الصمت على أبعاد الجريمة في تلك السنوات السوداء الدامية والمجنونة والى هذا اليوم.
اليوم وفي ذكرى مجازر مصايف 1981 و1988 يجب ويمكننا جمع الوثائق والمستندات المطلوبة والضرورية لتنوير الرأي العام والمطالبة بالعدالة لمحاكمة قادة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وذلك لا يمكن حدوثه الا بجهود ونضال الشعب وابنائهم الشجعان.
لكل زوجة وولد وأم وأب وأخت وأخ، واقرباء المعدومين والأصدقاء والرفاق وكل مواطن يحب الإنسانية يبقى عالم السجين والسجون مليء بالغموض والأسرار.حياة كل سجين ومصير من قدم حياته في السجن، يثير الشوق في الآخرين وفي نفسي حتى نرفع الحجب عن الأسرار والألغاز المختومة ، يجب رفع الستار عن حياة كل سجين وكشف اسرار والغاز فترة السجن المتعبة لإعادة التعريف بهم، من أجل هذا كتابة الذكريات من السجون يلفت انتباه المهتمين.
يجب توضيح كل أسرار السجن واهواله وعذاباته للآخرين. أنا أوثق هنا ما قرأت في الكثير من الذكريات والمقالات التي تناولت السجن مما قرأته لهذا اليوم، ما ارتكب من قبل السجانين بحق السجناء من نساء ورجال سجلت بعض من الحالات و أنا أوثقه ضمن مقالي هذا ـ على أمل مساهمة الأصدقاء القراء ولا سيما أسرة السجناء السياسيين حتى تكتمل حلقة إدانة النظام – قبل أي شيء السجان يبحث عن أسم واقعي، مواعيد، والأماكن التي يتواجد فيها السجين أو الضحية.
في أثناء الملاحقة والمراقبة والقاء القبض والإعتقال، والإستدعاء وعصابة العين ، الإستجواب، التحقيق والمحامي والمحكمة الشكلية ، الزنزانة ،التعذيب ، السوط ، الضرب بالأسلاك، تنفيذ الحد الشرعي، الحصص اليومية لضرب السوط (التعزير الإسلامي)، الجرح والضماد، وانواع من السلوك اليومي للسجان من التابوت والقيامة وتعذيب الحاج داوود رحماني في سجن قزل حصار، سك داني (بيت الكلب نوع من التعذيب الممارس في سجن كوهردشت)، حضيرة الخنزير و أسطبل الأبقار، كلبشة قباني (نوع من التعذيب يمارس في سجون إيران ترفع يد من الأمام ومن فوق الكتف الى الوراء واليد الأخرى من الوراء وتشد الأيدي الى بعضها بواسطة الكلبشات أو الأصفاد)، التعلیق من الأرجل الی الأعلی والحرمان من النوم الى فترة طويلة ، دفن السجناء الأحياء في قزل حصار ، القتل بواسطة الغاز في كوهردشت، الحرق بالسجائر وصب المياه الباردة و آبولو(جهاز استخدمه لأول مرة السافاك في إيران تثبت الأيدي والأرجل على كرسي وتوضع قبعة حديدية على الرأس ويصقع.