بعد بحث ميداني وجهود مضنية ومقابلات مع المعمرين حول “معركة الونج” قامت الباحثة والكاتبة الأحوازية “فاطمة التميمي” بتوثيق المقابلات بعدسة كاميرتها وبعد نشر أجزاء منها على الفضاء الإفتراضي، قررت إصدار مواقف وبطولات تلك الملحمة الوطنية على نحو كتاب لتضيف إنجازاً آخرا على سلسلة إنجازاتها المثمرة. حيث تمثل هذه المعركة صفحة مشرقة من نضال شعبنا الأبي ضد الإحتلال الغاشم. وقد أضافت فاطمة قائلة “هذا الكتاب يختص بمعركة قادها رجال أشداء ضد طغيان الطاغوت الشاهنشاهي، المعركة التي أعدم واستشهد وتشرد الكثير من رجالنا على إثرها، ومن واجبنا أن نذكر معاناتهم ونفخر ببطولاتهم”.
بكل تأكيد، تخليد ذكرى الرموز والأبطال هو وسام شرف لقضيتنا الوطنية، ومصباحا وهاجا ينير درب الأجيال، كما له الأثر البالغ في شحذ الهمم وتعزيز الثقة بالنفس وأخذ العبر من الماضي ومعرفة العدو وخبثه بالماضي والحاضر.
نضيف شرحا ملخصا لمعركة الونج أو ما تعرف بثورة شيخ حيدر الطليل:
بلغ الغضب العربي بعد الأوضاع الشاذة التي تعرض لها الشعب على أيدي السلطات الإيرانية المحتلة ذروته، وقد كان أحرار الأحواز يحرضون العشائر على الثورة ورفع الذل الذي نكس رؤوسهم طوال هذه السنوات .. وغسل عار استعبادهم. وبات البركان يغلي، والشعب الأحوازي يريد الفرصة المواتية له حتى يظهر استياءه من الوضع، ويعلن غضبه على التنكيل والتعسف اللذين يتعرض لهما، والاحتقار والازدراء اللذين يلاقيهما من السلطات العسكرية الفارسية، فهو صاحب الأرض ولكن لا مكان لسكناه، وهو صاحب الخيرات إلا أن الجوع نصيبه.
وتفجر بركان الغضب، وكانت منطقة الميناو محله، وعشائر كعب العربية مفجرته، ففي 10 شباط من سنة 1940 م، أعلنت عشائر كعب ثورتها على الاستعباد، وغضبها على سالبي حريتها وكرامتها وحقوقها، وكان زعماء كعب قادة هذه الثورة ومنهم: حيدر بن طليل: وهو القائد الحقيقي للثورة، لذا سميت باسمه (ثورة الشيخ حيدر)، و(طليل) تصغير لكلمة (طلال). ومهدي بن علي بن عمير: رئيس عشيرة كعب منان، ومسلم السلمان: أحد شيوخ كعب آل حاجي، وقاطع الشذر: شيخ طوائف مزرعة العشائر العربية الموجودة في الميناو، وداود الحمود: من شيوخ بني كعب، وابريج: شيخ خزرج. وكان هدفهم القضاء على حاميات الفرس الموجودة في المنطقة، وقد تمكنوا من إزالة تلك الحاميات. وسيطروا على ثكناتها سيطرة كاملة وقد دامت السيطرة العربية مدة طويلة على المنطقة جاوزت الأربعة أشهر لكن استطاعت سلطات الفُرس بعد ذلك أن تلقي القبض على الشيخ حيدر وجماعته، وفور اعتقالهم نقلوا إلى منطقة تدعى (قلعة سهر) حيث نصبت لهم محكمة عسكرية قضت بإعدام: حيدر طليل، ومهدي بن علي، وابريج شيخ خزرج.