كلمات عنوان مقالتي مقتبسة من أغنية عراقية للمطرب العراقي الراحل ( رياض أحمد ) واخترتها بالذات لأني لم أرى أحسن منها عنوانا , أو أنسَبَ منها كلمات تنطبق على المفاجأة التي فاجأني بها إبن حلال وكريم من أبناء وطني الكرام. كانت الساعة (( 20:51:48 )) من مساء يوم الأربعاء المصادف 13 فبراير ( شباط ) 2013 بالضبط , وبينما أنا كنت منشغلا بمطالعة كتاب ( أخبار وأشعار وآداب ونوادر وحكم ) وإذا بهاتفي النقال يُشعرني بوصول رسالة من رقم هاتف لم أألفه من قبل , ولم أعرف صاحب هذه الرسالة ( إس – إم – إس ) حتى إنني أكملت قراءتها وعرفت أن مرسلها هو أحد أبناء وطني الكرام في المهجر , والذي باغتني بمبادرة لم يسبقه بها أحد ولم أكن أتوقع من أحد هذا الفعل ( الوفاء ) طيلة فترة عملي الإذاعي والتلفزيوني والذي ازداد على ثلاثة وثلاثون عاما وإلى هذا اليوم الذي أنا فيه.
لا أريد أن أذكر إسم الشخص في بداية هذه الأسطر قبل أن أنقل إليكم نص رسالته التي تضمنت مشاعره ووفاء أبناء النطف الأحوازية الطاهرة الخيِّرة من أمثاله لأبناء وطنهم الذين سبقوهم عمرا ونضالا , حتى أصبحوا اليوم هُم من يرفع علم النضال الأحوازي عوضا عنهم لأنهم شبابه الذين استلموا هذه الراية منا كي نستمر بنضالنا تحتها وهُم يحملونها بسواعدهم وغيرتهم الأحوازية العربية نصرة للحق ضد الباطل.
وأما الرسالة القصيرة بحجمها الكبيرة بمعانيها ولا أجمل ولا أروع ولا أثمن منها عندي , والتي لن أنساها ولن أنسى من بادر بتكريمي بها , فهذا نصها:
” مساء الخير الأخ الفاضل فؤاد… أليوم 13 فبراير يوم العالمي للراديو , لهذا أحببت أن أشكرك على كافة جهودك في إذاعة صوت الأحواز في الثمانينيات حيث كنتُ صبيا حينها وأستمع للإذاعة بشكل يومي. ترك هذا الإستماع لبرامج الإذاعة حينها عليّ أنا هذا التأثير حيث أصبحت اليوم السياسة جزء من حياتي. وأصبحت من ضمن الذين وقفوا بجانب الحق ضد الباطل. وسنبقى على نفس النهج إن شاء الله , مع تقديري .. نوري حمزة ”
أخي الكريم نوري…
أنا لا أريد أن أكيل عليك المديح أوالكلمات التي لا تليق إلاّ بك وبمن هُم مثلك حيث يقومون بما قمت به وكرّمت بكرمك من لم يتوقع أن يتفاجأ بهذه المفاجأة , لكنّي لابد من أن أقدم لك شكري الجزيل على تكريمك أحد إخوانك الكبار سنا , ولا أقول الكبار نضالا أو عطاءً , لأن هناك من ضحّى بما لم نضحّي به نحن إلى الآن وهي تضحيته بالروح لوطنه , وأنا أشكرك لأنّ من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق , فشكري لك نيابة عن كل أحوازي عمل في هذا المجال الأحياء منهم والأموات , الأحياء مثل الأخ عوده النيسي أبو إبراهيم الذي أعطى وقدّم في إذاعة صوت الأحواز ما تمكن من تقديمه هو والآخرين من الأحياء والذين لا يجوز لي أن اذكرهم هنا لأنهم يعيشون في داخل الوطن السليب , وأمّا على رأس الأموات فهو الأديب والشاعر المناضل ومدير إذاعة صوت الأحواز المرحوم الشيخ ضياء الدين عبدالمحسن الخاقاني (( أبوبهاء )) إضافة إلى والدي المرحوم الحاج سلسبيل عمار فيصل الفيصلي التميمي , والذي كان من ضمن مذيعي هذه الإذاعة الثورية والذي كان لديه برنامجا ثابتاً تحت عنوان ( حچاية التنگال ) منذ افتتاح الإذاعة حتى نهاية عام 1998 , حيث كان يختمها بالعبارة التي بقيت في الأذهان يرددها من كان يتابع برنامجه سواءً في الأحواز أو خارجه وهي: تره بيت الظلم ما يدوم.
وإن شاء الله لن يدوم بيت ظلم الإحتلال الفارسي طويلا في الأحواز.
كما وأنّي أريد أن أشكر من خلال هذه الأسطر معك أبن وطننا الغالي الأخ الفاضل ( حامد الكناني – أبونزار ) والذي لقّبني بلقب (( شيخ الإعلاميين الأحوازيين )) وذلك بتاريخ 16/6/2012 في السويد أثناء انعقاد المؤتمر العام الثامن للجبهة العربية لتحرير الأحواز عندما دعوته لإلقاء كلمته في المؤتمر , حيث وقف خلف المنصّى وقال ما معناه: إذا كان لقبني الأخ أبورسالة بالإعلامي الأحوازي فمن حقي ونيابة عن الإعلاميين الأحوازيين أن ألقبه وباستحقاق بلقب (( شيخ الإعلاميين الأحوازيين )) , لأننا حين كنا في صبانا في داخل الأحواز كنا نتابعه ونتابع صوته الثوري , وها هو ما زال حتى اليوم على نهجه يناضل من أجل الأحواز مع جيلنا والجيل الذي تلانا وهُم بمثابة إخوانه وأبنائه.
نعم إنه لقب أعتز به و أشكر به الأخ أبونزار , وهذا ليس بالكبير على أبناء وطني لأنهم أبناءٌ أصلاء ويقدّرون العطاء والعمل عند أبناء وطنهم تحفيزا لأبنائنا الشباب الذين هُم في قمة عطائهم.
فبارك الله بك أخي نوري على هذا التكريم وهذه المبادرة والتي لم أكن أتوقعها من أحد , لأنني حينما كنت أجلس خلف المذياع أو أمام الكاميرات لم أكن أفكر أو أتوقع في يوم من الأيام أن يشكرني أحد على ما أقدمه لوطني , بل إنني كنت وما زلت أعتقد بأن الذي أقوم به ما هو إلا واجب وطني يجب عليّ وعلى غيرى من المتمكنين أن يقوموا به من أجل تحرير وطنهم من الإحتلال الفارسي كما أنت تقوم اليوم ومعك أخوتك من الشباب المناضلين جميعا بواجبكم من خلال الكتابة كمثقفين أو التحركات السياسية كسياسيين دون أن تلتفتوا إلى الوراء أو تتوقعون من أحد أن يقول لكم شكرا على ذلك.
طبعا هذا لا يمنع إذا ما وُجد أحد أن يخلّد ويكرّم ويثمّن أحدا شخصا ما يستحق ذلك تقديرا لعطائه وتضحياته في مجال عمله في مثل هكذا مناسبات بالذات كما فعلت أنت اليوم وأفرحتني بمبادرتك هذه التي عُدتني بها إلى ذكرياتي التي بدأتُ بها عملي الإذاعي منذ 1/12/1979 في إذاعة بغداد باللغة الفارسية بعد مجزرة الأربعاء السوداء التي ارتكبها الجزار المقبور أحمد مدني ووحوشه من المستوطنين الفرس وميليشيات الحرس الدموي في مدينة المحمرة بتاريخ 29/5/1979 والتي أفتخر بأنني كنت أحد أبناء تلك الثورة ومن ضمن الكادر المتقدم للمنظمة السياسية للشعب العربي الأحوازي والحركة الجماهيرية العربية لتحرير الأحواز , ومن ثم بدأت العمل كواجب وطني في إذاعة (( صوت الأحواز )) التي قمنا بتأسيسها بتاريخ 28/11/1982 من خلال هيئة تأسيسية برئاسة المرحوم الشيخ ضياء الدين الخاقاني , وأعتز بأنني كنت أحد أعضائها المؤسسين لهذه الإذاعة الثورية التي كنت أذيع من خلالها برامج ثورية – سياسية باللغة العربية , إضافة إلى إلقاء الأشعار الثورية التي كنت أنظمها في تلك الحقبة من الزمن , وذلك عندما كنتَ أنت ومن هُم في عمرك في صباكم تستمعون إلى صوت الحق الأحوازي الذي نمّى عندكم حب الوطن , إضافة إلى زرع هذا الحب في نفوسكم من خلال عوائلكم وتربيتهم العربية لكم , كما ونمت لديكم عقيدة تحريره من خلال برامج هذه الإذاعة التي كنتم تتابعونها باستمرار آنذاك , والتي كانت تحفز فيكم هذا الشعور , وكانت تستنهض هممكم وتحثكم على القيام بواجبكم الوطني المتمثل في مقاومة الإحتلال الفارسي , وهكذا أصبحتم مثلما كان من سبقكم مقاومون لهذا الإحتلال لم تخيِّبوا ظن وطنكم بكم , لأنكم أنتم فعلا أبناء الأحواز البررة الذين لم ولن يسكتوا أو يستكينوا حتى يتحرر وطنهم وشعبهم من الإحتلال الفارسي , وإننا لعلى ثقة تامة بأنكم أهلٌ لمواصلة المسيرة ورفع راية الكفاح حتى التحرير أين ما حللتم وفي أي وقت كنتم , لأنكم تربّيتم على هذه المبادئ التي يؤمن بها كل الشرفاء والأحرار في العالم , وإننا على يقينٍ بأن أبناء الأحواز بمختلف أعمارهم سوف يقطفون ثمار نضالهم ويحتفلون بعيد استقلال وطنهم ويحكمون أنفسهم بأنفسهم إن شاء الله , وعندها تحلوا هذه الكلمات عندهم وهُم يرددونها … طبعا بعد الإعتذار من أصحاب الأغنية:
لا عالبال ولا عالخاطر من لحواز الفرس تهاجر
ياما وياما اتعبنه سنين
سنين ومنهم متعذبين
هيچ ونخلص منهم باچر؟ لا عالبال ولا عالخاطر
وفي الختام لابد لنا من أن نذكر شهداءنا وندعوا الله لهم أن يرحمهم , ويفك أسر أسرانا …
وعاشت أحوازنا حرة عربية أبية بشعبها وأبنائه المقاومون للإحتلال الفارسي…
وأمّا أنت يا أخ نوري فعشت وبارك الله بك وبأمثالك الوطنيين الأحوازيين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.