اذا تمعنا بما جرى ويجري منذ العقود الماضية على أرض الواقع من سياسات تطبيقية وأیضا إن ندقق في الوثائق السرية المتسربة لوجدنا الإجابة بكل وضوح فمثلا في عام 1996 أمر المرشد الإيراني خامنئي بتطبيق خطة في الأحواز أطلق عليها عنوان – مشروع 550 الف هكتار لسمو القائد- والذي بموجبه كلف المؤسسات التي تعمل مباشرة تحت إشراف بيت القيادة (بيت رهبري) كمؤسسة خاتم الأنبياء التابعة للحرس الثوري ومؤسسة ما تسمى المؤسسة التنفيذية لأوامر الإمام، وأيضا مؤسسة جهاد نصر، بالإستيلاء الكامل على الأراضي الزراعية الأحوازية والتحكم بالمياه والسيطرة عليها عبر بناء السدود وبهذا المشروع اطلق رصاصة الرحمة على الحياة الاقتصادية والإجتماعية والبيئية في الأحواز (آرزو میرزاخانی، دستاورد طرح 550 هزار هکتاری خامنه ای، ایندپندنت فارسی 10 اوت 2021).
كذلك هنالك وثيقتين سريتين تسربتا من مراكز حساسة لصنع القرار في إيران، إحدى تلك الوثائق التي صدرت من مكتب أبطحي نائب الرئيس الإيراني محمد خاتمي في عام 2005 والتي كانت تشير الى اجراء سياسات تمييزية وعنصرية وخطط لتجويع وتهجير الأحوازيين من ديارهم، آلت إلى حدوث احتجاجات عارمة عمت البلاد وعرفت بإسم الإنتفاضية النيسانية والأخرى وثيقة جامعة ومطولة تحمل عنوان “الخطة الأمنية الشاملة لإقليم الأحواز”.
التي تم التصديق عليها في الوزارة الداخلية بتاريخ 27 إبريل/نيسان 2014 والتي ساهمت بتدوينها وتنفيذ بنودها عدة وزاراة ومؤسسات من ضمنها المخابرات، والحرس الثوري، و وزارة الداخلية، و وزارة الدفاع، و المجلس الأعلى للأمن القومي، و وزارة التخطيط، ووزارة الطاقة، و وزارة الزراعة، و وزارة التعليم و….حيث توجد في هذه الوثائق تصريحات واتفاقيات وخطط وأوامر مهمة كلها تآمرية ضد الشعب الأحوازي وتطبيق للخطط التي جرت خلال السنين الأخيرة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار.
مشاريع تدشين السدود
إن المؤشرات والمعطيات المختلفة تنبئ بأن لمشاريع إنشاء السدود أهداف سياسية وهيدروبولوتيكية ترتبط بالاستعداد للمراحل المستقبلية التي ستتم بالحرب على المياه.
ففي العهد البهلوي تم إنشاء عشرين سدا على كافة الأنهار واما في عهد النظام الإيراني الحالي أنشئت عدة سدود، من أهمها كارون 2 و 3 وسد الكرخة السيئ الصيت المسمى محليا بسد “عرب كُش” أي قاتل العرب الذي تم إنشاءه بدوافع عدة منها أمنية واستراتيجية، وسد العقيلات (كتوند) الذي تقع مخازنه بين قباب ملحية. وبهذا العمل غير المسؤول بات إقليم الأحواز يعيش خطرا محدقا يتمثل في شح المياه والجفاف وازدياد رقعة التصحر.
ثم جاء مشروع نقل مياه كارون ليقضي على ما تبقى من آثار للحياة في الأحواز، حيث يتسبب هذا المشروع بكوارث بيئية وإنسانية لا تحمد عقباها. إن مشروع نقل مياه كارون، في الواقع ليس جديدا، بل بدأ العمل فيه منذ عهد إدارة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، فرسمت خططه قبل عام من طرحه على مجلس النواب الإيراني، وأصبح من أهم المشاريع العمرانية لوزارة الطاقة بعد أن أقره البرلمان الإيراني. وبذلك يتضح أن الأنظمة الإيرانية المتعاقبة على سدة الحكم تسعى إلى تطبيق سياسة استغلال المياه، ولا سيما من خلال حجز المياه خلف السدود لغرض التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مناطق الجافة وشبه الجافة في وسط إيران المسماة بالكوير على حساب تجفيف وتعرض الحياة في الأحواز إلى كوارث. ولهذه الأسباب قامت السلطات الإيرانية ببناء عدة أنفاق لنقل المياه إلى المناطق المتقدمة في وسط إيران وتحديدا إلى محافظات إصفهان، يزد، كرمان، وقم التي تقطنها أغلبية فارسية، وذلك لإقامة بنية تحية زراعية – صناعية بهدف الاستقرار السياسي والاقتصادي. وبهذا تم توسيع المشاريع الزراعية والصناعية ووفرت المياه للاستهلاك المنزلي في المحافظات المذكورة أعلاه. ومن الممكن أن نجمل هذه الأنفاق كالتالي؛1)كوهرنك الأول 2)كوهرنك الثاني 3)كوهرنك الثالث 4)بهشت آباد 5)لنكان 6)ماربران 7)سولكان.