أثيرت حفيظة قيادات وكوادر منظمة مجاهدي خلق وذلك بعد ما تحدث بعض العرب والأحوازيين حول سياسات المنظمة حيال الشعوب غيرالفارسية. وهنا نستحضر مواقف المنظمة التي تجلت عبر مقالات نشرت خلال الأيام القليلة الماضية.
وصفت مجاهدي خلق عبر مقالات نشرت في مواقع عدة، وتغريدات على موقع تويتر، وصفت بعض النشطاء الأحوازيين والمناصرين لقضية الأحواز بالعملاء لحكومة الملالي! وأتهتهم بانهم يهدفون الى تشهير المعارضة الحقيقية للنظام والخ… حسب ما جاء في مقال كتبه علي قائمي وانتشر على موقع المدائن الالكتروني.
وبالمقابل نرى أن ما جاء به هذا الشخص ما هو الا ممارسة الأساليب الرخيصة كالاستعلاء على الاخرين و تخوين من أختلف معه دون أي دليل أو مبرر، حيث ليس كل من انتقد مجاهدي خلق هو بالضرورة عميل مخابرات ولاية الفقيه، وليس كل من تحدث عن طبيعة منظمة مجاهدي خلق وكيفية تعاملها مع حق الشعب العربي الأحوازي هو عميل!. ويجب أن تعرف مجاهدي خلق أن الناشط السياسي الاحوازي اليوم يرى موقف مجاهدي خلق من حق الشعب العربي الاحوازي هو موضع للتشكيك، ويضع علامة استفهام كبيرة حول المنظمة وتعاملها مع ملف الاحواز.
كذلك نرى أن تأكيد مجاهدي خلق و تسويقها المستمر على أنها المنظمة الوحيدة التي تمثل المعارضة الحقيقية لنظام الملالي ليس في محله، حيث هناك أحزاب تابعة لمكونات الشعوب غير الفارسية نستطيع تصنيفها ضمن ألد أعداء الملالي واكثر شراسة من غيرهم. ولا يمكن لمنظمة لمجاهدي خلق وغيرها من مؤسسات سياسية أن تتناسى ان هناك أحزاب أخرى تطالب بتنفيذ حق تقرير المصير بحق الشعوب غيرالفارسية وهناك من يطالب برحيل ما يعرف عنه بالاحتلال الإيراني لبلاده، كما الحال لدى أكثرية الأحزاب الاحوازية وعدد من أحزاب الاتراك كحزب استقلال أذربيجان وأحزاب بلوتشستان كجندالله وغالبية أحزاب الاكراد كبيجاك كوردستان والخ..
الأمر الملفت الأخر الذي يستحق الوقوف والتنديد به، هو ما قام به علي قائمي بانتحال الشخصية العربية الاحوازية عبر ارتدائه الزي العربي واصفاً نفسه بـ “كاتب من الأهواز” حيث يوحي عبر الصورة التي نشرها برفقة مقاله انه عربي من السكان الأصليين في الاحواز!.. أن ما عمله هذا (الكاتب) ليس مجرد تطفل أو طيش من قبل عنصر منتسب لمجاهدي خلق وإنما هو مارس الانتحال، نيابة عن قيادة مجاهدي خلق وهذا أمراً مرفوضاً رفضاً باتاً، حيث نرى فيه استغلال لشخصية الانسان الاحوازي ومحاولة للالتفاف وتمويه مقصودين على حق الشعب العربي الأحوازي.
وأما حين ينهي قائمي مقاله بهذا الاستنتاج؛ ” في الوقت الذي تعمل المعارضة الحقيقية للنظام وممثل الشعب الايراني المتبلور في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بكل قوة داخل البلاد وخارجها لانضاج الظروف الداخلية والدولية نحو اسقاط النظام.. الخ..”
هنا هو ومنظمته يصطدمان بواقع يبدو أن منظمة مجاهدي خلق تريد ان تمر عليه دون أي انتباه أو دون أي اعتراف، حيث نحن العرب نراه ويراه الأخر غير الفارسي بانه أمراً حقيقياً يجب الاعتراف به دون التفكير بأنصاف الحلول، ولهذا الواقع جذور تمتد الى أعماق التاريخ وأكبر بكثير مما أطلق عليه “الشعب الايراني” بقيادة “المجلس الوطني للمقاومة الايرانية”. وما هذا الواقع الا أن؛ في جغرافية ايران اليوم شعوب وقوميات وثقافات عديدة لا يمكن لمجاهدي خلق ولأي كان بعيد سقوط حكومة الملالي الارهابية، لا يمكن ان تخطط المنظمة وتدعم استمرار اندماج جميع تلك الشعوب قسراً، و تستمر بتدمير كل تراث الشعوب غير الفارسة الحضاري بهدف استمرار صناعة “شعب ايران” أو ما يسمى لدى الشوفينيين بمشروع “ملت سازي” باللغة الفارسية، حيث لا يوجد هناك شعب اسمه ” شعب ايران” حسب مفاهيم علم الاجتماع السياسي وإنما هناك شعوب وقوميات وإثنيات مغلوب على أمرها منذ بداية سلطة اسرة البلهوي في 1923 وصولاً الى استمرار الملالي على نفس النهج المرفوض. والجميع اليوم يطمح الى التغيير الكبير، أي إزاحة كل ما جاء به مفهوم ” الدولة-الأمة” المستورد من أروبا، كمقدمة لابد منها لخلاص الشعوب غير الفارسية من الإستغباء والإستحمار والإستعمار والإستثمار المفروض من قبل مركزية طهران على جميع الاقاليم غير الفارسية في ايران والتي ترجم باحتلالات وعبودية لا مثيل لها بحق الشعوب غير الفارسية عامة وبحق الشعب العربي الاحوازي خاصة.
ومن جهة أخرى يعرف العالم ونكرر أن بموازات مجاهدي خلق وما يتبعها وغيرها من تنظيمات فارسية الهوى، هناك كيانات سياسية عديدة لدى الشعوب غير الفارسية وعلى رأسهم العرب، فكيف الان ونحن نعيش في المنفى وتأتي منظمة مجاهدي خلق وتنفي معظم كيانات الشعوب غيرالفارسية وتطمح باستمرار نفس النهج الماضي لتفريس الإنسان والارض في جميع المناطق غير الفارسية؟ وتريد أن تعمل هذه المنظمة على استمرار بناء “شعب ايران” أو “خلق ايران” حسب ما يطيب لها، على حساب الشعوب غيرالفارسية مثل العرب والكورد والبلوش والاتراك الاذربيجانيين والتركمان وقوميات أخرى مثل الجيلك واللور وغيرها من تنوعات إثنية؟
فكيف اذا وصل الأمر بنا ان نرى مجاهدي خلق ومجلس قيادتهم، يجلسون على سدة الحكم في طهران؟
وفي نفس السياق اتطرق الى مقابلة السيد سنابرق زاهدي رئيس اللجنة القضائية في منظمة مجاهدي خلق التي نشرت على موقع المدائن؛
وكما أكد السيد زاهدي فنحن كذلك لا نريد إطلاقاً أن ندخل باب الملاسنة لمن يكتب أو يتحدث بشكل لا ينفع سوى نظام الملالي. ولكن رئيس القضاء في مجاهدي خلق وبلغة أخرى مثله مثل السيد علي قائمي، حين يختصر السرد التاريخي لمرحلة ما بعد الثورة 1979 ويشرح بعض معاناة الشعوب غير الفارسية، حتى إقرار مشروع إقامة الحكم الذاتي لمنطقة كوردستان ايران، يتناسى مجزرة الاربعاء السوداء بحق العرب في المحمرة، والتي ارتكبت من قبل نظام طهران ولم نرى موقف من قبل مجاهدي خلق حول ذلك الحدث التاريخي حتى يومنا هذا، وكذلك لم نرى موقف من قبل مجاهدي خلق تجاه سياسات تغيير التركيبة السكانية في الاحواز، ولا حديث عن تحريف مسار الانهار وغيرها من احداث كانتفاضة الـ15 نيسان 2005 سوى بعض الاخبار التي يتم تلخيصها وصياغتها ضمن السياسات الإعلامية للمنظمة. وبكل هذا يأتي السيد زاهدي ودون اي نوع وضوح وشفافية يقول؛ “أن مشروع اقامة الحكم الذاتي في كوردستان ايران هو إطار عام لجميع الشعوب غير الفارسية؛ ” وتمت المصادقة عليه في المجلس الوطني حول كردستان بشكل خاص ومضمونه جار لجميع القوميات.
هنا نسئل؛ ماذا يعني ان اطار الحكم الذاتي المزعوم لمنطقة كوردستان في ايران يضفي على جميع المناطق والشعوب غير الفارسية وما هو هذا الاطار وكيف يضفي على العرب والبلوش والاتراك والتركمان وغيرهم؟
هل الهدف ان مجلس المقاومة أي الجناح السياسي لمنظمة مجاهدي خلق انه يعمل على اقامة مجالس حكم ذاتي لجميع الشعوب مثل العرب والبلوش والاتراك والتركمان وغيرهم على شاكلة ما تمت الموافقة عليه لكوردستان؟
إن كان الامر كما تزعم منظمة مجاهدي خلق، فلماذا لم تعلن المنظمة هذا الموضوع منذ هذا اليوم وبشكل واضح وشفاف وبمساهمة الاحزاب التابعة للشعوب غير الفارسية كما تم الاتفاق مع الاكراد؟
حديث السيد زاهدي يسير بنا الوراء قليلاً كي نكرر القول المعروف أن “الشك مقدمة اليقين” وما نقوله هنا هو ناتج عن تجربة ولهذا نضعه موضع للتشكيك وكذلك لن نستيقن حتى يحدث العكس، حيث خلال السنوات الماضية وفي اجتماع حضره عدد قليل من اعضاء حزب اهوازي مع بعض قيادات مجاهدي خلق، أكد اعضاء مجاهدي خلق في ذلك الاجتماع أن لا يمكن القبول بالحكم الذاتي للعرب، وقضية الاكراد موضوع يختلف عن غيرهم ولها أسبابها!
وتفسيراً لموقف مجاهدي خلق من القضية الكوردية، نرى؛ يبدو أن تواجد الاكراد باحزابهم وقواتهم المسحلة في ممرات مجاهدي خلق من العراق الى ايران والعكس اثناء الحرب الايرانية العراقية، صنعت جسراً للمحادثات بين الاكراد ومجاهدي خلق، والموضوع الاخر ان مجاهدي خلق كذلك يؤمنون بموضوع إنتماء الاكراد للعرق الأري مما سهل التفكير والقبول بالحكم الذاتي للكورد دون غيرهم. ولا نرى أي تفسير أخر لتعهدات مجاهدي خلق أمام القضية الكوردية الذي وصفت تلك التعهدات من قبل السيد عبدالرحمن قاسملو رئيس حزب الديمقراطي المغدور به، بأنها اتفاق هش ولا يمكن الاعتماد عليها.
أخيراً وليس باخر أننا نرى في منظمة مجاهدي خلق بانها كيان سياسي ناضل من أجل التغيير الجذري في إيران أكثر من نصف قرن، وندعي ادارتها لإعادة التفكير في واقع ايران الاجتماعي والسياسي، وبدأ النقد تجاه مشروع الدولة-الامة الذي أنتج منه مشروع هدام ومدمر وهو “ملت سازي ” بالفارسية، المستورد خلال العهد الملكي البغيض، والذي يعتبر النسخة المشوهة للحداثة الغربية، وأم المشاكل في جميع انحاء الشرق الاوسط، والذي نرى نتائجه ونتائج تلك الحداثة المشوهة واللقيطة اليوم في العراق وسوريا واهتزازاتها في تركيا وايران، وقد يكون القادم أسوأ بكثير.