تعتبر مشاريع انتقال مياه الأنهر في الأحواز، من روافده الى باقي المناطق الإيرانية، وحرمان المواطنين الأحوازيين منها، أهم الخطط التي سعى النظام الإيراني لتنفيذها، على أرض الواقع، خلال العقود الثلاثة الماضية، وخاصة في السنوات العشرة الأخيرة، غير آبه بالعوامل الوخيمة الناجمة عن ذلك القرار الذي بات يلقي بظلاله المخيفة على المواطن والمجتمع الأحوازي في كافة نواحي الحياة .
بات واضحاً انه في ظل التغييرات المناخية وتأثيراتها المتزايدة على البيئة، تأتي سياسات الإهمال والاهدار وسوء التخطيط للمشاريع في قطاع المياه والصحة، وبناء العشوائي للسدود، الذي انتهجته مؤسسات ودوائر الحكومة الايرانية خلال الفترات الماضية، لتكون سببا في حصول مشكلة جفاف الأنهر، التي هي نتاج هذه المشاريع، حيث شرع الساسة الإيرانيون في تنفيذه بنقل وحرف مياه كارون وبقية الأنهر في اقليم الأحواز الى الأقاليم المركزية الايرانية، ولعل آخر ما أنتجته هذه المشاريع من دمار، كان جفاف نهر الكرخة في منطقة الحويزة، الذي كان يصب ويغذي هور العظيم (هور الحويزة).
إن بناء السدود بشكل مكثف وعشوائي، أدى الى انتشار الجفاف في أنهر الأحواز، حيث يتمتع هذا الإقليم بمصادر مياه وافرة وذلك بسبب وجود انهر دائمة الجريان، مثل نهر كارون، ونهر الكرخة، ونهر الدز، إلا أن منسوب مياه هذه الأنهر تراجع منذ 2004 , حيث انخفضت المياه بنسبة 65% في نهر الدز، و45% في نهر كارون، 50% في نهر الكرخة، وهذا مؤشر خطير لان المزارع بهذه الحالة لا يستطيع ري أراضيه بيسر وسهولة، حتى وصل الامر الى درجة من الخطورة، حيث تم تحذير المزارعين من قبل دائرة الزراعة في المنطقة بعدم الزراعة في هذا الموسم .
لابد من الإشارة، ان هنالك الكثير من المدن والقرى بالقرب من نهر الكرخة ومن أهمها، مدينة الخفاجية، ومدينة الحويزة، ومدينة البسيتين، ومدينة الحميدية، حيث ستواجه تلك المدن أزمة المزارعين العاطلين عن العمل، لانخفاض مناسيب المياه في السنوات الأخيرة، الأثر السلبي على زراعة محاصيل الحنطة والشعير، التي تشتهر بها هذه المنطقة ومدنها، مما أرغم المزارعين للبحث على عمل آخر يعيلون به أنفسهم من البطالة والضياع.
وبهذا الخصوص تحدث بعض الخبراء على ان كميات المياه المتدفقة في نهري كارون والكرخة، قلت بنسبة كبيرة نتيجة للسدود التي أقامتها حكومة طهران، وأيضاً تلوثت المياه بسبب استخدام مبازل عديدة من قبل الشركات والمؤسسات الحكومية، مثل شركة “قصب السكر” التي استولت على مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية، وبالتالي استعملت اغلب المياه المتوفرة في انهر الأحواز من أجل ري محاصيلها وبزل التربة التي تستخدمها الزراعة ، وبعدها يتم إعادة المياه الراجعة من الاستخدامات الزراعية والصناعية والمدنية الى الأنهر مرة اخرى، مما زاد من الأملاح والعناصر الثقيلة والراسبة فيها، وهذا كان أحد الأسباب وراء عزوف المواطنين وسكان المدن والقرى عن شرب المياه لارتفاع نسبة الملوحة والتلوث فيه.
وحسب الإحصائيات، تقدر المياه المتاحة في اقليم الأحواز بحدود 24، مليار متر مكعب، منها 5، مليار متر مكعب جاري في نهر الكرخة، لكن الكمية المستغلة فعلاً، هي فقط 700، مليون متر مكعب، وهذه الكمية من المياه لا تستطيع تغطية وري كل الاراضي الصالحة للزراعة في المناطق التي يمر بها هذا النهر.
وتشير بعض الدراسات التي قام بها عدد من الخبراء، الى ان خسارة كل، مليار متر مكعب من مياه انهر الأحواز يؤدي الى نقصان 6500 , هكتار من الاراضي الصالحة للزراعة، ويؤكد هؤلاء الخبراء أن اكثر من 40%، هي خسارة هذه الاراضي جراء ارتفاع معدلات الملوحة اثر انخفاض منسوب المياه في نهر الكرخة وحدها .
الجدير بالذكر، ان في حال استمرار حرمان أراضي المحيطة بنهر الكرخة من مياهه، فان النتائج ستكون كارثية على المستوى البشري والبيئ، حيث ان تلك المناطق تعتمد بشكل أساسي على مياه هذه النهر، والكل يستفيد من هذه المياه، للشرب، وللزراعة، وللطاقة واستخدامات أخرى، ناهيك عن آلاف الأنواع من الكائنات التي تعيش داخل النهر اوبالقرب من مياهه، لاشك ان آثار هذا الشح والجفاف ستظهر جلية للعيان في كافة نواحي الحياة وعلى وجه الخصوص في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، وأيضاً سيكون له تاثير في ازدياد التصحر وانخفاض المناطق الخضراء في المدن والأرياف، وسيزيد من التغييرات المناخية والبيئية نحو الأسوأ، مما سيؤثر سلبا على حياة المواطن في الأحواز .