هذا هو الذي يظهر هذه الأيام في الأحواز المحتلة التي تطفوا على بحرٍ من النفط والغاز المسروق يوميا من قبل من قام باحتلالها في عام 1925 ونعني به الإحتلال الفارسي من أجل أن ينعم الفرس بخيراتها، وتقام المشاريع والمصانع والمعامل الكبيرة في المدن الفارسية لتوفر فرص عمل كبيرة وكثيرة للمحتلين الفرس، وتعمّر مدنهم، ويتعلم أبناؤهم ويعيشون أحسن عيشة، في الوقت الذي نرى فيه أبناء الشعب العربي الأحوازي محرومون من أبسط حقوق العيش، ومن فرص العمل، ومن الزراعة والصناعة والتعلم على مستوى الطموح وهُم أهل النفط والمعادن والثروات الزراعية والحيوانية والأنهر الكثيرة التي يتم تجفيفها بسبب سرقة مياهها حتى باتوا يتركون أرضهم ومدنهم العزيزة على قلوبهم مجبرين مهاجرين إلى المدن الفارسية، ومن يعترض منهم على هذه السياسات الفارسية العنصرية مصيره حبال المشانق وأعوادها والإعدام… الله أكبر على من تجبّر وعلى كل ظالم ومغتصب ومحتل وعلى رأسهم نظام الإحتلال الفارسي الصفوي الغاصب…
أخبار الأحواز المحتلة ومن خلال مصادر موثوق بها تفيد أن شغف العيش، والبطالة القاتلة، والتمييز العنصري التي تمارسه سلطات الإحتلال الفارسي بحق أبناء شعبنا العربي الأحوازي، وكذلك الممارسات اللا إنسانية، ومصادرة الأراضي العربية الشاسعة بحجة إيجاد مناطق حرة تارة، وبناء مستوطنات فارسية للمستوطنين من غير العرب تارة أخرى، جعلت المواطنين الأحوازيين خاصة أبناء مدن المحمرة وعبادان أن يختاروا الهجرة إلى المدن الفارسية منها: إصفهان، وشيراز، ويزد، وچالوس، وكاشان، وأبهر، وساري، ذلك من أجل إلحصول على فرصة عمل يعتاشون من خلالها هم وعوائلهم، لأن ضنك العيش والفقر والحرمان والجفاف الذي أوجدته سياسات الإحتلال الفارسي المتعمدة في هاتين المدينتين لم تدع لهم المجال أكثر من هذا أن يفكروا في البقاء في مدنهم ومدن آبائهم وأجدادهم بعد اليوم.
إن كثيرا من الشباب وحسب هذه المصادر يجبرون أهلهم على بيع بيوتهم من أجل الهجرة إلى المدن الفارسية بعد أن يئسوا من الحصول على فرصة عمل في مدينتهم التي يحصل فيها المستوطنين من غير العرب على أحسن وأكبر وأثرى فرص العمل بسبب التسهيلات التي توفرها حكومة الإحتلال الفارسي لهم، وذلك من أجل تشجيعهم على البقاء في هذه المدن العربية لتغيير الطابع العربي فيها بعد أن يجبر أهلها وسكانها الأصليين من الهجرة منها، وهذه كارثة لابد من أن يعيها شعبنا ولا يستسلم لها بهذه السهولة ويبقى يقاومها بكل أشكال وطرق المقاومة ويرضى يعيش فقيرا فيها أعز له من أن يعيش غنيا بين الفرس بذل، ويولدون أطفاله في أزقة وشوارع وبيئة فارسية ورويدا رويدا ينسون بأن أصلهم عربي بعد أن يتطبعوا بطبائع فارسية لا تمت إلى واقعنا وطابعنا العربي الأصيل بأي صلة.
هذه سياسة فارسية خبيثة مدروسة من أجل تمرير عملية التطهير العرقي بحق الشعب العربي الأحوازي
أولا: تضييق الخناق على السكان الأصليين والذين هم عرب كي يفقدوا أمل البقاء في مدنهم ولا يفكروا إلا بالهجرة منها…
ثانيا: التشجيع والدعاية الفارسية المموّلة من قبل سلطات الإحتلال على ان هناك فرص عمل كبيرة توجد في أغلب المدن الفارسية، هما عاملان كبيران للهجرة العربية إلى هذه المدن الفارسية…
هذا الجانب المحزن في الخبر وأما الجانب المفرح فيه فهو:
إن عددا كبيرا من رؤساء القبائل العربية الأحوازية خاصة أولئك الذين يحسّون بواجبهم الوطني أخذوا على عاتقهم منع إسكان العوائل الفارسية في أحيائهم بشتى الطرق والوسائل، وأخذوا يحذرون كل فارسي يأتي هو وعائلته من أجل السكن في مضاربهم، مؤكدين له بأنهم غير مسؤولين عنه وعن عائلته إذا ما تعرضوا إلى مضايقات الشباب أو الصبايا أو النساء أو الشيوخ في محل سكناهم، لأنّ الحي الذي يسكنونه يتكوّن من سكانٍ جميعهم من الأقارب وأبناء العمومة أو أبناء تلك القبيلة التي يرعاها رئيس القبيلة هذا، والذي هو مسؤول عنهم وعن حل مشاكلهم، والذين متطبعين بطبائع لا يمكن للأجنبي أن يتطبع بها وهي عادات وتقاليد خاصة بهم تجبر الغريب أن لا يسكن بينهم ويفر منهم في ليلة وضحاها.
وأكدوا لهم بأن هناك عدد من العوائل الفارسية كانت قد سكنت قبلهم وجرّبت حظها العاثر وفرّت بجلدها بعد أن لقيت ما لقيت من أهالي سكان هذه الأحياء حين لم تلتفت إلى تحذيراتهم لها قبل المجيئ إلى مضاربهم، وصدق من قال: (( من جرّب المجرّب حلت به الندامة )).
وهذا إن دلّ على شئ فإنما يدلّ على الوعي الوطني والقومي المتنامي في الأحواز المحتلة لدى أبناء شعبنا، لأنهم باتوا يدركون الخطر المحدق بهم والذي تريد سلطات الإحتلال الفارسي من خلاله تغيير ديموغرافية المنطقة وتغيير الطابع العربي فيها إلى طابع فارسي يجب الوقوف بوجهه بشتى الطرق والأشكال والمقاومة المتعددة السبل، وهذا واحد من سبلها وأكثرها أهمية..
عاش شعبنا العربي الأحوازي وتبقى هويته وطابعه وأرضه عربية عربية إلى الأبد رغم أنف الإحتلال الفارسي البغيض.