88عاما على اغتصاب الأحواز… شعب لا يركع للاحتلال
في ليلة الخامس والعشرين من نيسان/ إبريل عام 1925 رسم الغدر و التآمر الدولي والخبث الشاهاني الإيراني شراكه الدموية الأولى ليوقع بعروبة إقليم الأحواز العربي قلبا وروحا وقالبا منذ فجر التاريخ، ففي ذلك اليوم صحا العالم على نبأ اجتياح قوات الجنرال فضل الله زاهدي لعاصمة إمارة عربستان العربية (المحمرة) في مؤامرة غدر ودسيسة تم خلالها اعتقال الشيخ خزعل الكعبي وأبنائه واحتلال إقليم الأحواز احتلالا عسكريا مباشرا ألحق بعده الإقليم العربي بالدولة الإيرانية التي أعدت العدة وهيأت السبل لحملة هائلة من التطهير العرقي والمعرفي والإلغاء الثقافي ومحاولة تبديل الهوية الديموغرافية وحتى الفكرية واللسانية للإقليم مع ما استتبع ذلك من تفريس لجميع معالم الحياة هناك وبما شمل تغيير حتى أسماء المدن والعوائل وكل شيء، ورغم ضخامة وشراسة الحملات الحكومية الإيرانية إلا أنها لم تنجح بالكامل في إنهاء عروبة الإقليم أو في جعل سكانه من فاقدي الهوية والانتماء والجذور، بل كان العكس هو الصحيح تماما فالتحدي المفرط قد خلق استجابة هائلة لذلك التحدي وجعل الأجيال الناشئة والشابة والتي لا علاقة لها بالماضي ونشأت تحت رعاية وفكر الدولة الإيرانية ذاتها تتمرد على قيودها وتعود لجذورها الأصلية وتؤسس بشكل فاعل لحركة نهضوية أحوازية عربية تنادي بالتحرير وبالتخلص من حكم الفئة المتغلبة الباغية في طهران والتي تعتمد علي تسلطها على الرعب والتقتيل والدجل والخرافة،
لقد سقط نظام الشاه الإيراني نتيجة لمقاومة الشعوب غير الفارسية أيضا وفي طليعتها الشعب العربي الأحوازي الذي بذل الغالي والنفيس من أجل الحرية والعدالة، إلا أن تطورات الأوضاع في إيران بعد الثورة الشعبية الكبرى عام 1979 وهيمنة تيار صفوي شعوبي عنصري متخلف وعدواني على السلطة قد أدى لمآسي و مجازر عانت منها الشعوب الخاضعة لتلك السلطة الغشوم وفي طليعتها أيضا الشعب العربي الأحوازي الذي خاض نضالا صعبا وحاسما في زمن اختلطت فيه الأوراق وكانت كلفة النضال والجهاد عالية جدا ومكلفة للغاية وصعبة وشاق ولكن برغم كل الظروف استطاعت طلائع الشعب العربي الأحوازي من فك قيودها والمباشرة بتبصير شعبها وتعريفهم بالهمجية الصفوية الحاكمة وبرفع حجاب التخلف والتجهيل وحيث لمس الشعب الأحوازي بشكل واضح الجهود الحكومية الخبيثة في تغيير ديموغرافيا وحتى جغرافية الإقليم من خلال عمليات الإحلال السكاني والطرد الممنهج وتوفير الإمكانيات للمستوطنين الفرس ومضايقة الأهل الأحواز في أرزاقهم وحياتهم لدفعهم للهجرة من أجل إنجاح حالة التغيير الديموغرافي المنشودة والتي عملت من أجلها للأسف حكومة الرئيس الإيراني (الإصلاحي) السابقة محمد خاتمي من خلال نائبه الأسبق (محمد علي أبطحي) والتي أشعلت نار انتفاضة شعبية أحوازية كبرى لم يهدأ أوارها حتى اليوم بل على العكس فقد تضافرت الجهود الوطنية الأحوازية الحثيثة من أجل الاستمرار في إشعال الثورة الأحوازية العربية الكبرى التي انطلقت ولا يمكن لأعتى الطغاة الوقوف بوجهها أو التحلل من مطالباتها،
تسعة عقود طويلة وقاسية قد مرت من عمر الاحتلال الإيراني الذي نهب الوطن ودمر الشعب وفرض سياسة الإفقار والتجهيل والتهجير والكراهية ثم زادت عطايا ذلك الاحتلال لتشمل سياسة تعميم المشانق والقتل بالجملة على أحرار الشباب الأحوازي الذين رفعوا راية النضال والصراع من أجل إعادة تحرير الوطن وربطه بأمته العربية عبر التخلص من كل موبقات الاحتلال الاستيطاني المتخلف، لا عاصم اليوم من أمر الله، فقد قال الشعب العربي الأحوازي كلمته ولم يعد ممكنا التراجع للوراء فدماء الشهداء تظل أبد الدهر عن الحرية والثأر تستفهم، وإرادة أحرار الأحواز هي أكبر من كل عمائم الدجل وتقديس الخرافة، وقبضات الأحوازيين الحدة والمرافعة في وجوه شياطين الحرس الإرهابي الثوري ستستمر في التحدي وبالتضامن مع الشعوب غير الفارسية الأخرى في إيران كالأكراد والبلوش والآذريين وجميع المظلومين من أجل تقريب يوم النصر والخلاص، لقد عمل الاحتلال الإيراني طويلا ودفع كثيرا من أجل أن تموت الروح واللغة العربية في الأحواز ولكن ساء ما كانوا يعملون وقبح ما كانوا يفكرون،
لقد انتصرت الروح العربية الأحوازية ونفضت عن نفسها غبار الذل والضيم والقبول بالاحتلال الاستيطاني وأبت إرادة الأحرار في الأحواز إلا أن تصحح التاريخ وتطلق شرارة الانتفاضة والثورة الجماهيرية الكبرى التي ستغسل في النهاية عار وموبقات وإفرازات الاحتلال وستؤكد عروبة وخليجية هذا الإقليم العربي الستراتيجي المهم وبما سيكون ضربة قاتلة لكل مخططات الشر والعدوان والفوضى الإيرانية، لن يفلح الدجالون مهما بذلوا من جهد وأظهروا من قمع فإرادة أحرار الأحواز الصلبة لن تعلوها إرادة وسينتزع الاستقلال انتزاعا من عيون الدجالين وستسقط عمائم الدجل والخرافة تحت الأقدام الأحوازية الحرة، لقد انتهى ليل الاحتلال وسيعانق الأحوازيون تاريخ الحرية المقدس بعد أن كتبوا بدماء شبابهم الزكية أنشودة المجد والحرية والاستقلال.. انتظروا عرس الحرية العربية الأحوازية القادم الذي سيعمي عيون الشياطين و الدجالين.
بقلم: داوود البصري
المصدر: الجديدة