اذا كان من المقرربحث الاحداث المختلفة التي تقع على الشعوب العربية ونقارن بين الماضي والحال، فأن في وسع أي فرد، أن يرى ان ثمة رغبات وعواطف وميول موجودة لدي الشعوب العربية طيل الاعوام الماضية حتى هذه اللحظة وما هو آت في المستقبل. واذا درك مفكري أو صانعي القرارفي البلاد العربية أو درس المفكر أو المسؤل بشيء من المثابرة في شئون العرب وبلادها في الماضي،لكان من السهل ان يتوقع بمستقبل أية دولة عربيةمن الدول وتطبيق علاجات قبل الوقوع في الازمة. فاذا لم يجد العلاج، أمكنه يبتكرعلاجات جديدة وذلك بفضل مافي الاحداث من تشابه ومماثلة. لكن في العالم العربي طالما كانت هذا الاحداث تهمل، وما يقروء من تاريخ الماضي لايفهم وحتى اذا فهم لم يطبق عملياً على أيدي اولئك المسؤولين، فان النتيجة هي وقوع فضائح متماثلةفي جميع الاحيين مثل احتلال اسرائيل لفلسطين واحتلال ايران لكثيرمن بلادالعرب. حيث مضت اعوام وعقود على بلاد العرب اثر الخراب الذي حل بلادهم جراء الاحتلال الاسرائيلي التقليدي والاحتلال الايراني المتصاعد وتدخلاته المتواصلة. تشكلت على اثر الاحتلال، مؤتمرات ومجالس لقادة العرب وصدرت الاوامر التي حظر بموجبها اسرائيل وطهران من التدخلات والاحتلالات. لكن لايبدوا هناك رغبة حقيقية من قبل مجلس التعاون الخليج العربي(لانها القوة الوحيدة المتبقية من العرب وبمساعدة الدول الاخري) في معالجة هذه الفوضى بطلب حازم من المحتل، للكف عن توسعه وان يعود الى حدوده في وقت محددومهدداً بعقوبات معينة في حالة العصيان.
تقع دول العرب وسيما الخليج في بيئة استراتيجية متغيرة وهذه الدول في تنامي قدراتها الاقتصادية إثر ارتفاع أسعار النفط والمخزون النفطي العربي الكبير. وتعد هذه المنطقة مركزاً هاماً لأمن واستقرار العالم حيث تزايدت بشكل أكبر مخاوف الشعوب العربية بعد أن أصبحت منطقة الخليج حلبة لصراعات ساخنة، بسبب احتلال ايراني لاراضي شاسعة من العرب وخطورة المشروع النووي الإيراني وتدخلاته السافرة هناك. وتوجهت المخاطر الايرانية نحو دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة تماما أوكل منها على انفراد. حيث تدهورت آفاق دول العربية لتحديد الميول المركزية في الأمن الخليجي في ضوء التغييرات الإقليمية والدولية وفحص العلاقة بين المخاطرالخارجية والداخلية مع تركيز واضح على إيران. ويبدو ان هناك عدة عوامل تشل افق السياسي لدول الخليج وتشرح المخاطر التي تعيشها، وتتراوح بين التغييرات الديمغرافية، جيوبولتيكية الحساسة للخليج الواقعة بين الاحتلالين” الدولة الفارسية الطامعة واسرائيل”، تصاعد الاسلام الراديكالي، تهديدات اقليمية والتوسع الايراني وسعيه لامتلاك السلاح النؤوي، المد الشيعي، ضعف البنية السياسية للدول نفسها واخيراً الاستقرار السياسي والتنمية.
مااسلفناه هو واقع، لذلك على دول العربية وسيماالخليج العربي ان تشكل جبهة مركزية في المواجهة مع المخاطر المتوقع لتؤثر على مستقبل الشرق الأوسط. وستكون هذه المنطقة ذات اهمية أكثراً وسوف تتعاظم كساحة أحداث حاسمة للأمن والاستقرار والازدهار العالمي. لكن شرطها أن تنتهج الدول العربية في الخليج إزاء إيران سياسة لا تخلو من التناقضات. فالبعض منها يتصرف أحيانا على أساس أن العلاقات المفتوحة مع إيران هي «بوليصة تأمين» كسلطنة عمان، خصوصا أنه ستتعزز مكانة إيران في المنطقة، في حين تنتكس القدرات الأميركية إقليميا وعالميا وخاصة بعد التخبط الاميركي في قضية سوريا.
في حين اذا كانت الدول العربية وسيما الخليج العربي منقسمة على هذه الاحوال، فهذه الامور قد هزيء بها المحتل. حيث الواقع يشير إلى التنافس داخل مجلس التعاون الخليجي ومساعي سلطنة عمان زاد الطين بلة لانها تتبع اجندة ايرانية بامتياز مماأعلن الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية لسلطة عُمان، في 8 ديسمبر، في منتدى للأمن الإقليمي في المنامة، أن السلطنة تعارض مشروع إقامة اتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي. وايضاً بالرغم من تسوية معظم الخلافات الحدودية بين أقطار المجلس «على الورق» فإن هذه الخلافات ظلت قائمة عملياً وهو ما يؤثر سلبياً حتى على إمكانيات التعاون الأمني الفعال أو انتهاج سياسة خارجية مشتركة. وتتجلى الخلافات الداخلية بين دول الخليج في اختلاف مواقف هذه الدول من إيران. والأمر نفسه يسري حتى على دولة الإمارات التي احتلت ايران الجزر الثلاث الاماراتية. واصبحت الدول العربية، كما قال “تيتوس ليفي”،كحشد كبير قوة شرسة، ولكنهم كأفراد، كان الواحد منهم يتملكه الخوف فيسارع الى الطاعة.
في الواقع انني لا أرى وصفاً افضل لسلوك هذه الدول في مثل هذه الظروف. حيث تكون عادة جريئة في المؤتمرات والجلسات وفي نقد القرارا ت التي تصدرها ولكن عند تطبيقها تأخذ كل جهة أو بلد بالشك في الطرف الاخر ويتسارعون جميعاً الى طاعة القرارات الدولية والاقليمية دون مقترحأ أو رأي أو مخالفة. ويبدوا ان المسؤوليين والقادة لايلقوا بالاً الى ما تقوله الجماهير على ميولها، بنكران التدخلات الاجنبية و وصف وحدة الكلمة بين الشعوب العربية. وانتماءات القادة تنشاءعن سبب غيرماتحس به الجماهير العربية عند فقدانهم الاراضي العربية أو فقدان شعب رغم محبة القادة لاوطانهم أو حرصهم عليها.
هذا الضعف صنع مشاعر سيئة لايمكن معاجتها بسهولة، الا عندما تتوفر قادة تستطيع الشعوب اللجوء اليهم. الحقيقة الواقعة هي اشدمراساً و قوة، لشعب لاقائد له ويكون اضعف مافي الوجود. حيث بداءت الشعوب العربية ترى كل بلد يترك الاخر لحاله وقد استدار عائداً الى بيته وياخذ في فقد ثقته ينظر الهزيمة أو بالوصول الى تفاهم. ومن المؤكد فما يهدّد القضية العربية هو أن ينشغل كل عربي وحده بهمومه، فتعاظمت مخاطر وجودية في فلسطين والاحواز والعراق واليمن ولبنان والان سوريا، فمن التالي؟. يغدو صحيحا ويتحقق ماقاله تيتوس ليفي، أي عندمايكون الحشد في صف واحد يغدو قوياًولكن عندما يبداء كل فردمن افراده أو بلد من بلادها في التفكير بالخطرالذي يجد نفسه فيه أوبمصالحه، فانه ينقلب الى حشد جبان وضعيف.
وأقول اخيراً لاقيمة للجماهير بلازعيم وطني أو زعماء وطنيين. حيث بقيت الشعوب العربية صامتة تجاه احتلال اراضيها وهذا الصمت ليس لافتقارهم الى مادة الرد بل افتقارهم الى من يتولى اعداده. لذلك تطلب الشعوب العربية من القادة والمسؤوليين في بلاد العرب، أن لايعلنوا عن حقيقة نواياهم في المؤتمرات بل يعملوا على تحقيقها وما يرغبوا فيه بأي شكل من الاشكال. حيث الجمهورية الاسلامية الايرانية تسنكر ماتعمل وتعمل ما لا تعلن عنه وسياستهم عبارة عن صيغة بسيطة تحتل الشعوب قبل الاراضي وببطولية مرنة من خلال التحالفات مع بلد على حساب مصالح أو منافع بلد الاخر. والواقع هو خير دليل ومايصح في الاذهان شيء اذا احتاج النهار الى دليل.