قذفتهم الأيام نحو الحدود العراقية السورية، حيث تعصف بهم نوائب الدهر، ويسيرون نحو واقع مرير، يدفعهم نحو عالم الأحزان، محاولين أن يصبروا بعضاً على بعض على اللاسعادة واللاأمان، الذي يبدو أنه ولد توأماً مع الإنسان الأحوازي . أتحدث هنا عن أكثر من مائة لاجئ أحوازي يعيشون في حالة مزرية منذ سنوات في مخيم الوليد بشمال العراق. تخلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن مسؤوليتها تجاه هؤلاء الذين تم الاعتراف بهم ومنذ سنوات كلاجئين سياسيين، حيث يعد هذا القرار تطوراً خطيراً وغير مسبوق في القوانين الدولية. كان قد أفادني أحد اللاجئين عبر اتصال من مخيم الوليد أنه سوف يتم تسليم جميع هؤلاء إلى القوات التابعة لوزارة الداخلية العراقية في الـ 19 من الشهر المقبل.
نرى أن هذا القرار غير المسؤول من قبل مفوضية اللاجئين يتنافى تماماً وسائر المبادئ الإنسانية والقوانين الدولية التي تنص على حماية اللاجئين السياسيين ومنها المادة الـ 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على ”أن لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد”. وبناء على هذه المادة من نظام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والصادر في 14 ديسمبر 1950 فإن المفوضية مكلفة بالحماية الدولية للاجئين. أضف إلى ذلك، فحسب اتفاقية جنيف 1951 إذا تواجد الفرد خارج البلد الذي كان مواطناً فيه نتيجة تعرضه للمطاردة والاضطهاد بسبب العرق – القومية – الأصل – الانحدار الطبقي – أو بسبب الاعتقاد الديني أو السياسي ولن يحصل أو يتمتع بحماية بلده أو هو يرفض حماية بلده نتيجة للخوف أو عدم الثقة فيها، يعتبر لاجئاً، و تترتب على المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مسؤولية توفير الأمان والصحة والتعليم حتى أن يتم توطينه في بلد ثالث. ثم إن هناك مجموعة من الاتفاقيات تتعلق بحق اللجوء وأهمها: – الاتفاقية المتعلقة باللجوء بتاريخ 29/2/1928 -الاتفاقية المتعلقة باللجوء السياسي بتاريخ 26/12/1933 – الاتفاقية المتعلقة باللجوء الإقليمي بتاريخ 28/3/1954 إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1967المتعلقة باللجوء الإقليمي. – اتفاقية اللاجئين الصادرة بتاريخ 28 يوليو 1951 والبروتوكول الملحق بالاتفاقية بتاريخ 31 يناير 1967 . في حالة اللاجئين الأحوازيين في مخيم الوليد تترتب على دولة العراق مسؤولية الحماية اللازمة وتأمين ما يحتاجه هؤلاء إلى أن يتم توطينهم في بلد ثالث بمساعدة الأمم المتحدة. إلا أننا نشاهد أن هناك تواطؤاً ما بين بعض موظفين الأمم المتحدة في العراق والسلطات العراقية لنقل جميع اللاجئين السياسيين الأحوازيين من مخيم الوليد الحدودي إلى عمق الأراضي العراقية، الأمر الذي يزيد من عدم الأمان وحالة اللااستقرار والذعر لدى اللاجئين. حيث شهد العالم عما حدث من هجوم عسكري على سكان مخيم أشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي تتخذ من العراق في عهد الحكومة السابقة مقراً لها للنشاط السياسي والعسكري ضد إيران، واليوم نرى أن معسكرها في العراق محاصر من قبل القوات العراقية وذلك حسب إرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسب قول قيادات هذه المنظمة. أضف إلى هذا أن السلطات العراقية منذ 2003 حتى يومنا لم تستطع أن تفرض الأمن في البلاد، الأمر الذي أدى إلى ارتكاب جرائم بشعة في العراق ولن تغيب هذه الجرائم عن ذهن المرء والإعلام الدولي والأمم المتحدة. كما أغلقت المفوضية السامية مخيم ”طريبيل” الصحراوي على الحدود العراقية الأردنية، الأمر الذي أدى إلى نقل اللاجئين الأحوازيين إلى مخيم الوليد على الحدود العراقية السورية. ونوهت المفوضية حينها بأن نقل اللاجئين من مخيم طريبيل إلى مخيم الوليد يرجع لتوفير الأمن اللازم لهؤلاء وتوصيل المساعدات الأساسية. لكن سرعان ما تمت تصفية عدد من اللاجئين الأحوازيين في العراق كـأسرة حيدر عبدالحسين من خمسة أفراد والتي تمت تصفيتهما في آن واحد وذلك في يوم الأربعاء الموافق 30 ديسمبر 2009 بالقرب من مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وهم حيدر عبدالحسين الطرفي العمر 42 سنة، كاظمية محمد علي العمر 31 سنة، مهدي حيدر عبدالحسين، أياد حيدر عبدالحسين الطرفي العمر 7 سنوات، حوراء حيدر عبدالحسين الطرفي العمر 6 سنوات. ولذلك طالبت الفصائل الأحوازية عبر بيانات نشرت على شبكة الانترنت دولة العراق والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف والدول ذات التأثير في العراق كالولايات المتحدة، أن تتم مراجعة هذا القرار الجائر وفي أسرع وقت ممكن حتى توطين هؤلاء في بلد ثالث. كما ترى الفصائل الأحوازية أن دولة العراق هي المسؤولة مباشرةً عن أرواح هؤلاء اللاجئين و حذرت من التلاعب بالقوانين الدولية من قبل بعض الموظفين المحليين في مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بغداد ومنتسبي إيران في الأجهزة الأمنية العراقية.