بيان استنكار آخر من قبل سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني حول الإعدامات المستمرة في إيران بالنسبة الى المطالبين بالحرية و حقوق القوميات و بالأخص تلك الإعدامات الجارية أو التي جرت بالنسبة الى أبناء شعبنا العربي في إقليم الأحواز(الأهواز) تحت ذرايع شتى مغطاة و مأطرة بأطر دينية حيث تستخدم الآيات و الروايات لتبرير هذه الأعمال.
و بيان إستنكاره هو كالتالي حيث قال:
إن كثيرا ما تطلق وعلى رؤوس الأشهاد وفي كل زمان و مكان شعارات خلابة من المتظاهرين بالدين والتقوى ظاهرها الصلاح و صلابة الإيمان و التعالي عن مهابط دنس العنصرية وهي الشر بعينه حينما يؤتى بكلمة حق يراد بها باطل كما قال الإمام علي عليه السلام و ذلك حينما نسمع أصواتا ترتفع من هنا وهناك و قد امتزجت برعشة الخوف خشوعا من رب العالمين تمثيلا على البسطاء من الخلق حيث يقول قائلهم يا أيها الناس إعلموا ان الإسلام دين الإنسانية الذي لا قومية فيه وأن الدولة الإسلامية لا تحمل طابع القومية والعرقية لأنها دولة الحق لكافة البشر البعيدة عن روح العصبيات النابعة عن قيم الجاهلية فإن روح القومية تمزق وحدة صفوف هذه الأمة ثم يختتم هؤلاء جواهر كلماتهم الخلابة ببعض الآيات والروايات مكرا و زورا مستخدمين إياها لتضييع حقوق الشعوب و هم يعيشون القومية والعنصرية بكل ثقلها و أبعادها.
أجل هكذا تبتلع الشعوب بحضاراتها و عظيم حقوقها على حين غفلة بكلمة حق يراد بها باطل حينما تفسر الآيات والروايات بتبع الهوى و قد قال تعالى : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات 13, حيث تشير الآية الشريفة إلى أن اختلاف الناس شعوبا و قبائل هو واقع بشري لا يمكن لأي أحد تحت أي عنوان و شعار دينيا كان او مدنيا إنكاره لإضاعة الحقوق و إلغاء وجود الأمم و الشعوب بما لها من الحضارات و القوميات و المعتقدات و ليس معنى الدين إلغاء وجود الآخرين و إضاعة حقوقهم.
فإنه ليس من حق أي شعب أن يلغي تحت أي فرية بقية الشعوب بما لها من القوميات و الحضارات كما يجري مع الأسف في إيران اليوم او في غيرها من الدول المتظاهرة بالدين و التقوى في حين أن أصحاب الحكم يعيشون لغتهم و حضارتهم بكل أبعاد عنصريتها و المراد من الآية الشريفة هاهنا أن تتعارف الشعوب و الأمم بعضها مع بعض على أسس قيم العدل والإحسان و إلا فأي عقل او عرف او ضمير او دين يجيز لأحد في العالمين ان يتكلم هو بلغته و أن يبني جميع الأسس على مبناها قضاءا و ثقافة ثم يجبر الآخرين أن يتكلموا بها و يسحق حضارات الآخرين.
و لذا أقول إني لأستنكر جميع ممارسات القمع و الظلم و سبل التهجير المنظم و ما تعيشه بلادنا العربية أعني إقليم الأحواز (الأهواز) من دمار و إضطهاد على الرغم مما تتمتع به البلاد من واسع الخيرات من النفط والغاز و غيرهما.
كما وأني لأستنكر بقية الممارسات اللاإنسانية واللاشرعية من الإعدامات ضد هذا الشعب المضطهد المظلوم منذ قيام الثورة في إيران و ليومنا هذا و من قبل ذلك على يد رضا خان و إبنه محمد رضا بهلوي و إن راح ليبرر هذه الممارسات النظام اليوم بتبريرات عدة و يعطيها صبغة دينية بجعل من يحكم عليهم بالإعدام او السجون بأنهم يحاربون الله و الرسول و أهل البيت عليهم السلام او أنهم مفسدون في الأرض و ما شاكل هذه العناوين.
و إن شهداء الحرية في يومنا هذا سواء كانوا في إقليم الأحواز(الأهواز) أو بقية الأقاليم التي تعيشها قوميات مختلفة او كانوا من القومية الفارسية المطالبة بالحرية والعدالة يذكرونني بشهداء الحرية الذين دافعوا عن الكرامة و حقوق الإنسان قبل أكثر من ثلاثين عاما بالمحمرة وغيرها من المدن الأخرى و ما قام به النظام من قتل بشع في الأربعة السوداء في مدينة المحمرة وما جرى بعد ذلك من هجوم على بيت المرحوم الوالد و مسجده ومدرسته و ما قام به النظام من محاكمات صورية في نفس الليلة حيث أعدم فيها سبعة من اللذين كانوا قد جاؤوا للصلاة في المسجد لبث الرعب في القلوب وما كانت تلك الإعدامات الا الوجبة الأولى حيث استمر النظام بتنفيذ العديد من أمثالها في محاكمه المسماة بالمحاكم الثورية.
وعليه فأقول كما قلت في استنكار سابق قبل أشهر كيف يمكن اليوم أن نصدق ما يدعيه النظام بحق كثير من الناس المطالبة بالحرية و العدالة من إتهامات و إفتراءات و قد شاهدنا بأنفسنا كيف أعدم الأبرياء في تلك الحقبة من الزمن التي عشنا مرارة أحزانها و أليم مأساتها.
و هذا الإمام علي عليه السلام الذي يدعي الإنتساب إليه هؤلاء القوم تعامله مع الخوارج وغيرهم ممن خالفه معروفة لدى الجميع فقد كان الخوارج يتظاهرون علنا بخلافه ويحملون السلاح جهارى للإلتحاق بالنهروان ولما جائه المخبرون بذلك قال ما كان لي لأمنعهم ما لم يبدؤنا بقتال و ما كفر أحدا من مخالفه حتى الذين شهروا السلاح في وجهه كما هو شأن كثير من حكام المسلمين في إلصاق تهم التكفير والإرتداد بالنسبة الى كل من خالفهم على طول التأريخ وليومنا هذا مستغلين جهل الأمة بإستخدام الآيات والروايات بتبع الهوى بتطبيقها على الناس و قتلهم كما وأن الإمام عليا عليه السلام ما قطع أعطيات مخالفيه من بيت المال ولم يمنعهم مساجد الله ان يعبدوه فيها و لا حكم على مخالفيه بألا يدفنوا في مقابر المسلمين كما صنع ويصنع حكام المسلمين ذلك بالنسبة الى مخالفيهم في كثير من الديار الإسلامية و منها إيران.
ولذا أنوه و أقول إنه قد أخذ الله تعالى على العلماء أن يكونوا لسان صدق للحق و عونا للمظلوم ضد الظالم كما و إني أقول أيضا على رجال الدين سنة و شيعة في بلادهم الإسلامية ان يخرجوا من الصمت الذي يعيشونه وقد قال رسول الله : (الساكت عن الحق شيطان أخرس) وقال علي عليه السلام في خطبة له : ( وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم).