لم تكن الأحواز من ضمن اطماع الدولة الفارسية فحسب وإنما خاض الشعب العربي الأحوازي معارك ضد الطامعين من كل مكان وراح ضحية هذه المعارك الألاف من ابناء الوطن وتكبدت القوات الطامعة خسائر بالأرواح والمعدات وتركت ساحة المعركة مهزومة يراودها الخزي والعار.
قبيل الحرب العالمية الأولى توجه(مردان افندي) كبير ضباط ولاية البصرة “العثمانية انذاك” الى القرى الأحوازية ومعه عدد كبير من جنوده التابعين للعسكر العثماني وبدأوا بنهب ممتلكات الناس الأمر الذي حشد جمع غفير من الشباب خلال فترة قصيرة جدا حيث اجتمعوا وتوجهوا هؤلاء الأحوازيين المسلحين الى غافلة مردان افندي العسكرية وتتبعوا الغافلة في الصحراء في غرب نهر الكرخة ووقعت معركة نارية شرسة بينهم كمدافعين وغافلة مردان افندي المدججة بالسلاح كقوات مهاجمة.
بلغ عدد قتلى العسكر العثماني بقيادة مردان افندي بالعشرات واصيب عددا من هؤلاء برصاص الأحوازيين كذلك وفي صفوف الأحوازيين سقط 18 شهيداً وعشرات الجرحى يقال ان الكثير من هؤلاء الشهداء والجرحى من عشيرة “خزرج العبدلله” وكان قائد المعركة حينها *(ابرچ) وهو شيخ عشيرة خزرج العبدالله.
فأما عن هذه المعركة الحماسية بقيادة ابرچ، قيل؛ أن بعد معركة كر وفر بين الطرفين في صحراء تقع مابين نهر الكرخة و”مضيق الچذابة”حاصر الأحوازيون القوات العثمانية من ثلاثة جهات حيث استطاع حينها عدد كبير من الجيش العثماني ان يترك المعركة هارباً كما تركوا اعضاء هذا الجيش قائدهم مردان افندي وهو محاصر.
مردان افندي لم يسلم نفسه حينها وإستمر بإطلاق الرصاص نحو الأحوازيين وقتل عددا منهم. وفي الوقت الذي انتهت الذخيرة الحية لدى ابرچ توجه الأخير نحو مردان افندي وبيده *(قدارة) حيث استولى عليه وضربه ضربة أخذت بنصف من كتف مردان افندي ووقع حينها الضابط العثماني على الأرض وبدأ ينزف المزيد من الدم….
حينها طلب العفو حيث قال: انا….. قبل أن يكمل الحديث مردان افندي رد عليه ابرچ قائلا؛ “نحن لم ولن نقتل أسيراً ارجع انت وجنائز رجالك من حيث جئت”!
انتهت المعركة وذهب مردان افندي ومعه عدد من الجنود المصابين وجنائز القتلى على ظهور الخيول ورجع الأحوازيون يجمعون شهداء المعركة ومن ثم تم غسل الجنائز في النهر الکرخة ودفنهم بجوار النهر ذاته.
*ابرچ: تهجي الاسم كالتالي؛ بکسر الألف وسکون الباء وكسر الراء وسكون الـ تش.
*القدارة: حسب اللهجة الأحوازية، اسم لنوع من السلاح الابيض يشبه الفاس.