كل الطرق الإرهابية تؤدي الى طهران
لم أكن أنوي أن أكتب شيء عن حدث باريس بسبب ان الكتابة ليست من اختصاصاتي حتى أن خيم شبح السكوت في الساحة الأحوازية وشاهدت عدم التنديد وعدم التركيز على عين الإرهاب في العالم حيث الأحوازيون هم أكثر الناس معرفة بالإرهاب الايراني المنتظم ويستطيعون فضح ايران كما فعلوا في السابق. والذي دفعني أكثر لكتابة هذه السطور الا وهو بحث العرب عن مفردات للإعتذار حسب ما كتب عبدالرحمن الراشد مدير تلفزيون العربية ورئيس تحرير الشرق الأوسط سابقا خلال مقال نشر في صحيفة الشرق الأوسط بيوم الخميس الـ 8 يناير 2015 تحت عنوان “البحث عن عذر لإرهابيي باريس”. يقول الراشد: “لا يوجد فارق بين الذين قتلوا أولاد قبيلة الشعيطات السورية، والذين سبوا نساء اليزيدية العراقيات، والذين قتلوا حرس الحدود السعوديين قبل أيام، وبين الذين قتلوا الصحافيين في باريس. الفاعل واحد، فالتطرف والمتطرفون من مسلمينا. الجريمة مصدرها واحد، وإن اختلفت الأماكن”.
كما هو واضح في ما جاء بعبارات الراشد ان العرب والمسلمون يجب ان يبحثون عن عذر مبررين ذلك بتجذر التطرف بين المسلمين والجريمة مصدرها الاسلام المتطرف حتى وإن اختلفت الأماكن!
كما يأتي زميل الراشد ورئيس تحرير الشرق الأوسط فيما بعد، الكاتب طارق الحميد خلال مقاله في يوم الأحد الحادي عشر من يناير العام الجاري، وذلك تحت عنوان “كل الطرق الإرهابية تؤدي الى الأسد”. ويتناول الكاتب في مقاله صيرورة الخلايا الإرهابية، ومسيرة تكاملها، وانطلاقها من دمشق نحو المحيط العربي، وأبتعد الكاتب أو بالأحرى نستطيع نقول قد قفز الحميد عن طهران، وأخذ بيد القاريء معه على عتبة من عتبات الإرهاب، دون ان يعرج على جذور الإرهاب في العالم بشكل واضح وجلي.
يتطرق الكاتب الى قضية الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية دون الإهتمام بماضي الإرهاب طيلة العقود الماضية!
حين قرأت مقال طارق الحميد وهو رئيس تحرير الشرق الأوسط سابقا، وكذلك مقال الراشد مدير تلفزيون العربية ورئيس الشرق الأوسط لعدة سنوات، حاولت أفهم موقف بعض التنظيمات الأحوازية التي لم تندد حتى الان بهذا الفعل الشنيع الذي حدث بفرنسا قبل بضعة ايام. الكتاب العرب يوجهون اللوم على عدة أناس متطرفين وعلى مرتكبي الحدث ولقاء هذا بذاك والتنظيمات المصنفة على قائمة الارهاب فقط دون ان ينظروا الى ماضي الإرهاب، وأرى في الراشد والحميد كحال الطبيب الذي يبرر تواجد المرض في الجسد دون البحث عن تحديد دلائل المرض وطرق المعالجة!
كنت اتوقع من كتاب الشرق الأوسط ان يكونوا اكثر صراحة ويكشفوا عن المستور في الإرهاب الذي تقوده طهران منذ عقود حيث وصل اليوم الى باريس بعد ما مر هذا الارهاب في بغداد ودمشق وبيروت وبوينوس آیرس وبرلین والقاهرة وروما وستوكهولم وبانكوك ونيودلهي وواشنطن والمنامة والخبر وصنعاء وغيرها من مدن في انحاء العالم حيث نرى بصمة طهران في إرتكاب جميع تلك العمليات الإرهابية.
كما كنت اتوقع من الأحوازيين ان يكونوا اكثر حنكة وينددوا بهكذا تصرفات مهما كان مصدرها. فالأحوازيون هم اكثر الناس عرضة للإرهاب المنتظم من قبل النظام الفارسي الحاكم في ايران. والأحوازيون هم ضحية الإرهاب الذي تقوده طهران وهم أول الناس الذين فضحوا إرهاب قم وطهران ضد المحيط العربي والدول الأخرى. فكيف اليوم لم يندد الأحوازيين بالإرهاب على هذا النمط طالما هم أول الضحايا؟!
ومن جهة أخرى تتخذ معظم التنظيمات الأحوازية من أروبا كقاعدة لها وتعمل في إطار القوانين الأروبية حيث تمارس هذه التنظيمات مجمل حقوقها في العمل التنظيمي والإعلام وإقامة مظاهرات ومهرجانات وحرية التعبير وغيرها من أمور وبنفس الوقت ومن المفارقة هنا لم نسمع عن تنديدات من قبل كافة الأحوازيين أفرادا وتنظيمات سياسية وحقوقية حول هذا الحدث الهام الذي قد يترك وراءه تأثيرات أمنية كبيرة وتغييرات أساسية في أروبا كما حدثت تغييرات هامة وعالمية على اثر حادث 11 ايلول في نيويورك.
الموضوع هنا هو ان نحن ليس لدينا اي نوع سلطة نمارسها للدفاع عن حقوق شعبنا ولا لنا صوت عال في المنظمات الدولية ولا نحن كدولة عضو في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” كي نتلاعب حسب مصالحنا الوطنية السياسية والاقتصادية بسوق النفط للضغط على هذا وذاك، وإن تحدث رؤساء تحرير الشرق الأوسط حسب مصالح دولتهم ولم يتطرقوا الى طهران بشكل جاد خلال كتاباتهم فهذا شأنهم وهم يقدمون خطاب المرحلة الراهنة عبر مقالاتهم ممثلين مصالح بلادهم.
ولكن بالمقابل نحن لدينا أدوات قليلة ومحدودة ويجب ان نجيد ونستحسن استخدامها ونبتعد عن الممارسة التقليدية في السياسة. لا مكانة للقبلية ولا مكان للعمل التقليدي في سياسة قرن الواحد والعشرين. ولا مكانة للرمادية في حين حدوث هكذا أحداث على نمط حدث باريس ولا مكان للسكوت والتخبي وإنما الوقت هو وقت إتخاذ قرار حاسم لتعزيز المصالح الأحوازية في الدوائر الأروبية وتعزيز مكانة المؤسسات الأحوازية المتواجدة على الأراضي الأروبية وكافة بلدان العالم الحر.
نرى حينها ان طهران تستغل هذا الحدث وتوظفه لصالحها عبر التنديد به. كنت استمع لخطيب صلاة الجمعة في طهران في الجمعة الماضية حيث ندد خطيب جمعة طهران بما حدث في باريس ووصف الحدث بالعمل الارهابي وتحدث في مساء نفس اليوم حسن روحاني رئيس الجمهورية حيث وصف هو الأخر حدث باريس بحدث ارهابي كذلك وبنفس الوقت وجه اللوم الى الدول الغربية وفي اليوم الأخر تكرر الكلام على لسان حسن نصرالله وبشار الأسد أزلام طهران في بلاد الشام !
تذكرت حينها مثل أحوازي، حيث يقول المثل: يقتل القتيل ويمشي بجنازته. هذه هي سياسة ايران في العالم بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص حيث يقتلون القتيل ويمشون في جنازته، طهران هي من صنعت الارهاب وهي الراعية والداعمة وهي التي تقود الارهاب وكل الطرق الإرهابية تؤدي الى طهران وبنفس الوقت نرى ساسة طهران يطلقون تصريحات منددين بالارهاب !؟
وبعد هذا الحدث الهام تقبلت أنا مقولة العقل العربي واتضح لي ان لا فرق بين عقل الانسان العربي المواطن في دولة كبيرة ولها مكانتها في السياسة العالمية والاقليمية وبين العربي الأخر، حتى وان كان احدا منهم رئيس الشرق الأوسط وتلفزيون العربية والأخر لديه صفحة على موقع فيسبوك او مدونة، وأحدا منهم مواطن خليجي ولديه مساحة كبيرة للعمل في الاعلام السياسي والأخر مهمش ومتشرد ولاجيء وبلاده محتلة، فالأول يبحث عن مبرر للاعتذار من العالم حيث بعض المسلمين متطرفين ويغض النظر على جذور الإرهاب الذي جاء على خلفية سياسة طهران المعروفة بتصدير الثورة وتهميش العالم السني وبلدان المحيط العربي والأخر يصمت حيث يعتقد ان البعض “في العالم السني” قد لا يرحب بتنديده لهكذا حدث ! بينما العالم السني أول من ندد بحدث باريس عبر أكبر مؤسساته الدينية والرسمية، أي الأزهر وجامعة الدول العربية، وينسى حينها دور طهران في تأجيج كل هذه الصراعات العالمية التي تحدث في الشرق الأوسط والتي وصلت اليوم شرارة منها الى باريس.
اكرر هنا مرة أخرى ان كل الطرق الإرهابية تؤدي الى طهران وان أراد احدا في هذا العالم وعلى وجه الخصوص العالم الغربي وأروبا ان يطوقوا الارهاب فيجب عليهم تطويق تصدير الثورة الايرانية والحد من تهميش الشرق الاوسط لصالح طهران واسترجاع ايران الى خلف حدودها حتى تسود العقلانية وإلا يجب ان ينتظروا المزيد من هكذا أحداث.
بقلم: حيدر العيلامي