كانت الموسيقى في الاحواز مهنة خاصة بالغجر، بينما تعتبر بين عامة الناس محرمة ومعيبة. فمن يدخل هذه الفن يصبح منبوذا من قبل الشعب. والغجر الذین مارسوا مهنة الموسيقى وظيفة ً وفناً كان يـُنظر اليهم بعين الاستحقار والرفض والاستهزاء.
كان الطلب على الموسيقى(ومازال) في ولائم الاعراس وحسب، فلما تـُـقام حفلة عرس تـُدعى فرقة موسيقية مكونة من نساءٍ ورجال غجر، فالغناء للرجال والرقص للنساء. تفرح الناس وتستمتع لكن لا تغير رأيها في حرمة ورفض الموسيقى والرقص.
لقد كانت الموسيقى تتكون من آلاتٍ محلية أصيلة في الطرب العربي حيث أهل هذا الفن في الاحواز كانوا يحاكون الموسيقى العراقية والمدارس وآلات العزف، کذلك في الغناء كانوا يقلدونه لكن في كثير من غناءهم كانوا هم يؤلفون ويغنون. فالمُغني في أكثر الاحيان كان نفسه شاعراً و ملحنا.
وصلت محاولات الابداع بالمغني الاحوازي مرحلة ً أبدع فيها موسيقى خاصة بهِ. واليوم في الاحواز توجد موسيقى محلية محبوبة جدا لا يوجد في اي من البلدان العربية مثل هذه الموسيقى، وقد اطللق عليها الـ”علوانية” نسبة الى مبدعها المرحوم علوان الجغيدر.
إن موسيقى العلوانية نابعٌ عن صميم الحياة الاحوازية، فهي تجسيدٌ كبيرٌ للحزن القاطن في صدر الارض والشعب. وهي أكثر ملائمة مع الروح الاحوازية من أي موسيقى اُخرى، لأن المرء يجدها تعبر عما يكمن في قلبه تماما. العلوانية تـُغنى بآلة موسيقى واحدة هي الربابة ولا يرفق الموسيقى و الغناء رقصٌ ولا طرب لإنها موسيقى الحزن و الألم و بث الشكوى الى الخلان والاحباب.
إن الشعر المُغنى في العلوانية هو أبيات من الأبوذية ومن فحول الشعراء الاحوازيين، وبعبارة اُخرى كانت العلوانية وسيلة لإذاعة شعر الابوذية لهؤلاء الشعراء، فالاشرط العلوانية كانت محملة بأسماء عشرات الشعراء الذين تـُغنى أبياتهم و تذكر أسماءهم.
إن العلوانية كانت خاصة بمحافل الشيوخ والنبلاء من القوم، فهي ليست كالموسيقى العادية تـُغنى لعموم الناس، لأنها حزينة و رزينة وتدعو للفكر والتأمل على عكس باقي الغناء الذي يقدم لكل الجماهير و من أجل إطرابهم فحسب.
حديثاً:
أن الفنان الغنائي في الاحواز لا يتخرج في كلية للموسيقى، فأنه ليس آكاديمياً لا هو ولا الموسيقى الاحوازية. الغناء والموسيقى هنا ينموان على موهبة الشباب وتوقهم للفن والثقافة. وأن الحركة الغنائية سائرة لكن بلا علمية ولا نقد ولاتشجيع ولاتطور… أنها سائرة ولكن تحتاج الى زمان ٍطويل حتى تتطور وتصبح في مستوى مثيلاتها في البلدان العربية.
منذ سنوات قليلة أصبحت الموسيقى أكثر أهتماما بالشأن الاجتماعي فظهر غناءٌ أناشيديٌ يمزج القضايا الإجتماعية بالمشاعر الوجدانية والانسانية لقى هذا اللون من الغناء قبولا واسع الانتشار بين الجماهير العربية. ان هذا النوع من الغناء مرفقاً بشعر قومي ساعد المد القومي على النمو والتوسع بين ابناء الشعب. فصار فنانوه رموزاً للقومية والقضايا الاجتماعية.
عدم وجود مدارس وجامعات لتعليم الموسيقى والغناء، کذلك فقدان جهات حكومية تمد الموسيقى بالصالات والمال والتشجيع، کل هذا يبقي الموسيقى الاحوازية على هامش الحياة بعيدة عن التطور والنمو. فاليوم لا تجد الا فناناً او فنانين معروفين والاكثرية تجيئ وتذهب دونما تترك صدى او أثرا لحياتها الفنية.
أحد اسباب تخلف الموسيقى الاحوازية هو كونها احتفالية تخص الاعراس لا غير، هذا الامر يجعل الفنان ينزل الى مستوى الجماهير المتواجدة في هکذا احتفالات غير ثقافية ..غير رسمية..وسط جماهير امية.. فيقدم فنا بلا مواصفات علمية راقية.
عدم مشاركة المرأة في الموسيقى الاحوازية هو سبب آخر في جمود و تخلف الموسيقى هنا، فالمرأة هي نصف المجتمع او الناس وبإبتعادها عن مجال ٍ ما يعني ابتعاد نصف المجتمع عن ذلك المجال.
أعتقد لتطوير الموسيقى الاحوازية يحتاج الفنانون الغنائيون الى جمعية تجمعهم فيتدارسون الاساليب و ينقدون بعضهم بعضا حتى يعرفوا ما قدموه من موسيقى وغناء وما هو واجب ان يقدموه لكي يحصل تقدما و تطورا للموسيقى بشكل عام.