توفي مساء الثلاثاء الماضي 5 مارس 2013 الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، عن عمر ناهز 58 عاماً، ليدخل التاريخ كأحد أكثر زعماء أمريكا اللاتينية إثارة للجدل. فمؤيدوه كانوا يلقبونه بـ «بطل الفقراء»، في حين اعتبره خصومه «مستبداً»، أما هو فقد كان يفضل أن يطلق عليه لقب «الجندي الثائر».
من المعروف أن الرئيس تشافيز كان ضمن المعسكر الاشتراكي المناهض لسياسات الغرب، وخصماً للولايات المتحدة. ولكن ماذا عن أصدقاء الرئيس الراحل؟ ومع من كانت علاقات تشافيز السياسية أكثر وداً؟
بنيت علاقات تشافيز السياسية مع جهتين، الأولى، العلاقات مع رفاقه في المعسكر الاشتراكي المناهض للرأسمالية والتي تجلت بأقرب الأصدقاء له كالرئيس الكوبي فيدل كاسترو ورئيس الأكوادور رافاييل كوريا، وعدد آخر من زعماء أمريكا اللاتينية، وزعماء آخرين، منهم عرب، مثل الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وكذلك مع النظام السوري.
أما الجهة الثانية فكانت بعد الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق، حيث امتدت علاقات فنزويلا نحو إيران. وجاءت علاقات طهران وكراكاس بدعم وتشجيع من دمشق، عبر الجالية العربية الكبيرة المقيمة في أمريكا اللاتينية، حيث استخدم نفوذهما كل من سوريا و»حزب الله» في بناء علاقات وطيدة بين طهران وكراكاس، واستخدمت طهران كراكاس كموضع قدم للتمدد في أمريكا اللاتينية، وتتشابه أهمية كراكاس ودمشق لطهران من حيث البعد الاستراتيجي، حيث تعتقد إیران أن فنزويلا هي محطة تتناسب وتتناغم تماماً مع سياساتها، واستخدمت طهران كراكاس لتنفيذ أجندتها السياسية في أمريكا اللاتينية، والتحرك نحو الولايات المتحدة عبر المكسيك. وفي هذا السياق ونظراً لأهمية الجالية العربية الكبيرة في أمريكا اللاتينية ومكانتها الرصينة في الاقتصاد والسياسة هناك، عملت طهران على تأسيس قناة «النور» الفضائية، حتى تغذي فكر المواطن من أصول عربية في أمريكا اللاتينية، وذلك لتجنيده من أجل صالح سياساتها.
في هذا السياق، وعلى إثر وفاة الرئيس تشافيز أعلنت طهران «حداداً رسمياً ليوم واحد»، ونعى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الرئيس الفنزويلي الراحل، واعتبره «شهيداً لأنه خدم شعبه وصان القيم الإنسانية والثورية». وبعد أن ذكر أن تشافيز توفي بسبب «مرض مريب»، أكد أحمدي نجاد في برقية تعزية نشرها موقع الرئاسة الإيرانية أن الرئيس الراحل «في الحقيقة شهيد لأنه خدم شعبه وصان القيم الإنسانية والثورية». وأضاف «لا يراودني شك بأنه سيعود إلى جانب المسيح الفاضل والرجل المثالي» في إشارة إلى «معتقدات الشيعة الاثني عشرية الذين يؤمنون بعودة الإمام المهدي».
وفاة الرئيس تشافيز تثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل البلاد بعده، فهل يؤثر رحيله على سياسات فنزويلا ومن ثم تؤثر على تمدد إيران في أمريكا اللاتينية سواء سلباً أم إيجاباً؟
يبدو أن علينا أن ننتظر أكثر من شهر، حتى نرى من سيفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في فنزويلا، وكيف سيرسم الرئيس الفائز بالانتخابات علاقات بلاده مع طهران؟